يتوجه ملايين الناخبين الفرنسيين غداً إلى صناديق الاقتراع لحسم الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، التى يتنافس فيها 10 مرشحين يتأهل منهم 2 إلى المرحلة الثانية والنهائية من ماراثون السباق إلى الإليزيه، وسط مخاوف من ضعف المشاركة وتشتت الأصوات بين المرشحين العشرة. وتجذب الانتخابات اهتمام ملايين الفرنسيين من أصول عربية ومسلمى فرنسا، خاصة أنها تأتى بعد هجمات تولوز، التى أعادت إلى الواجهة قضايا الهجرة والإسلام فى فرنسا، فيما يظل الاقتصاد قضية رئيسية فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تشهدها فرنسا وأوروبا.
ووسط احتدام السباق الانتخابى فى جولته الأولى بين 10 مرشحين تتراوح انتماءاتهم بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، يطمح كل منهم أن يصل إلى الإليزيه، يظل مرشح اليمين الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزى، ومنافسه زعيم الحزب الاشتراكى فرنسوا هولاند الأوفر حظاً للوصول للجولة الثانية، بحسب استطلاعات الرأى، مع توقعات بفوز «هولاند» بفارق بسيط فى الجولة الثانية.
ويأتى بعدهما التركيز على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، ومرشح جبهة اليسار جان لوك ملنشون الأقرب للمنافسة بسبب قدرتهم على التأثير فى الجولة الثانية. ويرى المحللون أن معركة الإليزيه فقدت التنافس حول برامج، وتحولت إلى صراع «أيديولوجى« تهيمن عليه بدرجات متفاوتة مسألة «الهوية«، وانقسمت بين معسكر اليمين الذى يتصدره «ساركوزى»، ومعسكر اليسار بقيادة «هولاند». ومع ذلك تركز اهتمامات برامج المرشحين حول عدد من القضايا، يأتى فى مقدمتها الاقتصاد والبطالة والديون والأمن، وسط اهتمام ضئيل بالسياسية الخارجية.
وفى الوقت الذى اهتمت الأحزاب اليمينية بقضية الهجرة و«أسلمة فرنسا»، اتفقت معظم برامج المرشحين على ضرورة تنشيط الاقتصاد وتخفيض عجز الموازنة، إلا أنها اختلفت فى الحلول المطروحة. من جانبه، أصر «ساركوزى» على أنه «أنقد فرنسا من كارثة مالية، وأن الطريقة الوحيدة لإنقاذ فرنسا من الانهيار الاقتصادى هى أن يتم انتخابه لفترة رئاسية ثانية»، محذراً من أن غيابه عن الحكم سيؤدى إلى «خراب«. ورغم تراجع شعبيته، فإن أحداث تولوز جاءت لترفع أسهمه، خاصة فى ظل الحملة التى شنها ضد الإسلاميين وترهيب الفرنسيين منهم واستخدام هذه الورقة لاستمالة تأييد اليمين المتطرف.
ويرى خبراء إعلام فرنسيون أن مستشارى «ساركوزى» للحملة الانتخابية استلهموا الحملة الانتخابية لإعادة انتخاب الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، عام 2004، الذى انخفضت شعبيته، لكنه ركز هلى هجمات 11 سبتمبر وخوف الأمريكيين من انهيار الاقتصاد أوتكرار الهجمات. بينما وعد المرشح الاشتراكى «هولاند»، الذى يصفه الفرنسيون بأنه «داهية كالثعلب»، بضبط المالية، وتقليص العجز عبر فرض ضرائب على الأكثر ثراء وتجنب الاقتطاعات المباشرة من النفقات العامة. ولم تحظ الضواحى الفرنسية، التى تعد مصدراً للمشاكل المتعلقة بالفقر والبطالة والأمن والتعليم باهتمام مرشحى الرئاسة، الذين مروا على المدن الأكثر إثارة للقلق من خلال زيارات عابرة لتلك الضواحى، دون التعرض لخطة أوبرنامج يستهدف تلك الضواحى.
ويسيطر على المرشحين العشرة مخاوف من عزوف الفرنسيين، خاصة الشباب، عن التصويت، وهم من سماهم بعض المرشحين الأغلبية الصامتة، فى ظل وجود 8 ملايين ناخب فرنسى لم يحسم أمره من المرشحين. وهو ما أظهره استطلاع رأى أجراه معهد «إيفوب» الفرنسى فى مارس الماضى، والذى أشار إلى أن 32% من الناخبين قرروا مقاطعة الانتخابات، و59% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و22 سنة لم يقرروا بعد لمن سيصوتون فى الجولة الأولى للانتخابات. ومن بين هؤلاء المترددين، الطالبة الفرنسية شيلا (19 عاما)، التى أكدت أنها مازالت تتساءل عن المرشح الذى تصوت له، مشيرة إلى أن عدداً كبيراً من أصدقائها فى الوضع ذاته.
وأرجعت «شيلا» أسباب التردد إلى «افتقاد الحملة الانتخابية للحماس»، قائلة: «البرامج الانتخابية لا تعبر عن مشاكلنا اليومية ولا تعكس اهتماماتنا». فيما يواجه الفرنسيون من أصل عربى خياراً صعباً بين اليمين المتطرف الذى اتخذ من المسلمين والعرب «كبش فداء» للترويج لحملاتهم الانتخابية، واليسار الذى يحيط الغموض موقفه من المسلمين.
ومن خلال استطلاع لآراء الفرنسيين من أصل عربى، أجرته شبكة «بى.بى.سى» الإخبارية، أشار معظم المشاركين إلى عدم الرغبة فى انتخاب «ساركوزى»، مشيرين إلى أن اليسار يركز على البعدين الاقتصادى والاجتماعى، لا الترهيب من العرب والمسلمين. ورأت الباحثة من أصول مغربية عواطف الفقير أن «برنامج (ساركوزى) لا يلائم المشاكل التى تعانى منها فرنسا، فنحن نواجه هذه الأيام، كباقى دول الاتحاد الأوروبى، تحديات اقتصادية جمة تنتظر حلولا، إلا أننا نلاحظ أن (ساركوزى) وغيره من التيار اليمينى يفضل أن يستغل قضايا حساسة كالهجرة والمسلمين واستخدامهم ككبش فداء، وذلك عندما يقترحون أن جزءاً من حل الأزمة الاقتصادية والحفاظ على الهوية هوتقييد عدد المهاجرين».
ورغم أن فرنسا دولة محورية فى الاتحاد الأوروبى، ومستقبلها ينعكس بشكل أوآخر على مستقبل الاتحاد، فإن الدول الأوروبية لم تول اهتماماً ملحوظاً بالحملات الانتخابية، كما أنها فضلت عدم الانحياز لأى من المرشحين باستثناء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى تؤيد «ساركوزى».
فى المقابل، لم تبد حملات المرشحين اهتماماً بالتحديات الأوروبية، وإنما على العكس من ذلك أكد «هولاند» عزمه إعادة التفاوض فى معاهدة الاستقرار المالى فى الاتحاد الأوروبى، وهدد «ساركوزى» بالانسحاب من معاهدة «شنجن» الخاصة بحرية التنقل داخل أوروبا.
يحتدم السباق الانتخابى فى جولته الأولى بين 10 مرشحين تتراوح انتماءاتهم بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، يطمح كل منهم أن يصل إلى الإليزيه، يظل مرشح اليمين الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزى، ومنافسه زعيم الحزب الاشتراكى فرنسوا هولاند الأوفر حظاً للوصول للجولة الثانية، بحسب استطلاعات الرأى، مع توقعات بفوز «هولاند» بفارق بسيط فى الجولة الثانية..المزيد
حادث «تولوز» يدفع «الإسلام» إلى قلب المعركة
ألقى الهجوم الشهير الذى ارتكبه الفرنسى من أصل جزائرى محمد مراح فى مدينة «تولوز« الفرنسية فى مارس الماضى وأسفر عن سقوط 7 قتلى قبل أن يُقتل المهاجم فى مواجهة مع الشرطة، بظلاله على المعركة الانتخابية فى فرنسا، حيث دفع بمسألة الأمن الداخلى إلى الواجهة، جاعلاً منها قضية انتخابية رئيسية، استغلها بشكل خاص الرئيس الفرنسى اليمينى نيكولا ساركوزى، لتعزيز فرصه فى السباق الانتخابى الذى يتخلف فيه نسبياً عن منافسه الاشتراكى فرانسوا هولاند. فبعدما شهدت شعبية ساركوزى تراجعاً واضحاً فى الشهور السابقة، ركز الرئيس الجزء الأكبر من حملته الانتخابية على مسائل تهم أقصى اليمين لاستقطاب أصواتهم، وعلى رأسها الأمن والهجرة والإسلام. ويرى مراقبون أن ساركوزى كان أكثر المرشحين استغلالاً لحادثة «تولوز» فى التودد للناخبين، حيث قامت حكومته بعدها بحملة اعتقالات فى صفوف من وصفوهم بـ«المتشددين الإسلاميين»، وشملت الحملة اعتقال نحو20 شخصاً، خاصة فى «تولوز»، كما تعهد ساركوزى بمزيد من الاعتقالات فى أوساط من سماهم «المتعاطفين مع التطرف الإسلامى»...المزيد
دراما الانتخابات الفرنسية تنافس «هوليوود»
أحياناً ما تتقاطع الحياة الواقعية مع أحداث بعض الأفلام السينمائية، غير المعتمدة على وقائع حقيقية، فتشعر كأن الفيلم الذى تشاهده يمكن أن يحدث على أرض الواقع، أوأنه يحدث بالفعل. ولعل أبرز الأفلام التى يمكنك أن تشعر بهذا وأنت تشاهدها هى الأفلام التى تبنى أحداثها الدرامية على الأحداث السياسية، ومن أشهرها فيلم«Wag the dog»، الذى أنتج عام 1997 من إخراج «بارى ليفنسون»، وبطولة «داستن هوفمان» و«روبرت دى نيرو». وتدور أحداثه حول «فبركة» حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وألبانيا فى أحد استوديوهات هوليوود، من أجل التغطية على فضيحة أخلاقية للرئيس الأمريكى ظهرت قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية بشكل ينهى آماله فى إعادة انتخابه مرة أخرى..المزيد