اتفق خبراء قانونيون ودستوريون على أن تصريحات المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بشأن ضرورة الانتهاء من الدستور قبل انتخابات الرئاسة، بمثابة عودة إلى خارطة الطريق الصحيحة، وأن ما يواجهه المجلس الآن من تخبط يعود إلى سيره فى طريق خاطئ منذ البداية، وشككوا فى إنجاز دستور يليق بمصر فى الفترة المتبقية على انتخابات الرئاسة.
قال الدكتور شوقى السيد، الفقية الدستورى، إن وضع الدستور قبل مدة قصيرة من انتخابات الرئاسة سيؤدى إلى وجود ثغرات ومشاكل، مشيراً إلى أن كل ما يحدث الآن، مما اعتبره «تخبطاً وارتباكًا» فى الأمور السياسية، يعود إلى «السير فى الطريق الخاطئ منذ البداية».
وأوضح «السيد» أن مواد الإعلان الدستورى هى التى تسببت فى التخبط، واستحواذ تيار بعينه على مقاليد الأمور فى الحياة السياسية، مستدلا بأزمة تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، مشيرا إلى أن ما تبقى من وقت لا يكفى لإعداد دستور، وأنه إذا تم وضعه سيكون به الكثير من الأخطاء والثغرات، على حد قوله.
وقال «السيد» إن المجلس العسكرى بعد الثورة وضع خارطة طريق «مقلوبة»، ولم يستفد من الأخطاء السابقة، مطالبا بعدم الانحياز إلى طرف بعينه فى وضع الدستور.
وقال الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى، إن لقاء المشير طنطاوى مع المجلس الاستشارى ورؤساء الأحزاب، يعد تأكيداً من جانب المجلس العسكرى على رغبته فى الوصول للتوافق الوطنى فى عمل دستور جديد للبلاد، لكنه شكك فى قدرتهم على الخروج بدستور حقيقى، فى ظل قصر المدة المقررة لوضعه، لافتاً إلى أن الثورة أخذت مساراً مغلوطاً منذ اندلاعها، بسبب تبنى القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية مبدأ الانتخاب قبل الدستور.
وأضاف: «على الرغم من حديث المشير طنطاوى الإيجابى فإننى لا أعتقد كأستاذ قانون، أننا نستطيع وضع دستور يليق بمصر خلال فترة لا تتجاوز 5 أسابيع، وأرى أنها مهمة تكاد تكون مستحيلة، لأن هناك قضايا رئيسية حولها الكثير من الخلافات، إلا إذا كانت هناك مشروعات دستورية سبق إعدادها ومجهزة لطرحها للجنة التأسيسية للموافقة عليها، على الرغم من أن الدساتير التى يتم إعدادها فى الغرف الخلفية للمؤسسات الحكومية، تنطوى على تهميش مجتمعى وسياسى حول المبادئ الدستورية، وهو على العكس مما كنا نتوقعه بعد ثورة يناير».
ولفت إلى أن الدستور الذى يليق بمصر لن يستغرق إعداده أقل من 6 أشهر، مؤكدا أنه يمكن الخروج من تلك الأزمة، إذا ما تم الاتفاق فى جمعية وضع الدستور على المبادئ الأساسية التى يقوم عليها هذا الدستور، خلال أسابيع، ثم يتم الاستفتاء على هذه المبادئ، كى تصدر فى شكل إعلان ملزم للرئيس القادم.
واقترح «فرحات» أن تكون هناك معايير واضحة حول تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، بأن يتم تقسيمها إلى 3 شرائح، هم: رجال القانون المتخصصون، الذين يتم اختيارهم بواسطة مختلف القوى السياسية، حتى يكونوا معبرين عن رؤية سياسية، بالإضافة لمهاراتهم القانونية، أما الشريحة الثانية فتمثل القوى السياسية فى البرلمان، أما الشريحة الثالثة فتضم منظمات المجتمع المدنى، والمؤسسات الدينية، والمؤسسات الحكومية المعنية بوضع الدستور.
أما عن المبادئ العامة للتشكيل، فقال: «أقترح ضرورة تمثيل النساء بنسبة تليق بمكانة المرأة ولا تقل عن 25%، بالإضافة إلى تمثيل الأقباط بنسبة لا تقل عن 10%، فضلا عن تمثيل مختلف التجمعات والمناطق الجغرافية كحلايب وشلاتين والنوبة وسيناء، وأن يكون مبدأ التصويت بأغلبية الثلثين، وليس الأغلبية العددية البسيطة».
قال الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون بجامعة عين شمس، إن «اجتماع العسكرى مع رؤساء الأحزاب البرلمانية والمجلس الاستشارى للنقاش حول اللجنة التأسيسية للدستور، أمر جيد، لكنه ليس بالجديد، لأن المجلس العسكرى حدد لنفسه 3 مهام منذ توليه إدارة المرحلة الانتقالية وهى انتخاب مجلسى الشعب والشورى، ورئيس الجمهورية، وعمل دستور».
وأضاف: «لا يمكن انتخاب رئيس جمهورية دون دستور يحدد ملامح مهامه، ومهام مجلس الشعب، الذى لا يعرف مهامه حتى الآن»، مطالبا القوى السياسية بسرعة الاتفاق على تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، حتى تمر البلاد من الأزمة التى تعيشها الآن.