كثير من الدماء أغرقت شاشات التليفزيون فى رمضان هذا العام، فمشاهد الدم وجرائم القتل والشروع فى قتل كانت هى محور أحداث أكثر من 20 مسلسلاً من إجمالى ما عرض هذا العام، حتى أصبحت الدراما وكأنها فقرة من أحد برامج التوك شو، التى تنقل ما يحدث فى الواقع، أو صفحة حوادث فى جريدة صفراء لا تسلط الضوء إلا على الجرائم المليئة بالإثارة.
من هذه المسلسلات: «شيخ العرب همام» و«بالشمع الأحمر» و«قضية صفية» و«القطة العميا» و«مملكة الجبل» و«موعد مع الوحوش» و«العار» و«اختفاء سعيد مهران» و«امرأة فى ورطة» و«السائرون نياما» و«بيت الباشا» و«شاهد إثبات، و«مذكرات سيئة السمعة».
جاء مسلسل «شيخ العرب همام» على قائمة هذه المسلسلات فالعنف فيه لا يتوقف عند ارتكاب جريمة القتل، بل التمثيل بالجثة مثل فصل الرقبة عن الجسد ووضعها على منضدة طعام واستخدامها فى التخويف والترهيب، وهى المشاهد التى أثارت مشاعر الجمهور، ورغم ذلك اعتبرها حسنى صالح مخرج المسلسل عادية وتعبر عن الواقع فى تلك الفترة، مؤكداً عدم وجود أى مبالغة فيها، بينما رفض عبدالرحيم كمال مؤلف المسلسل التعليق عليها.
ورغم أن رقابة التليفزيون حذفت العديد من مشاهد الدماء الملطخة بها أيدى البطلة التى تعمل طبيبة فى الطب الشرعى، فإن مسلسل «بالشمع الأحمر» لايزال يثير استياء الجمهور المتابع له فلا تخلو أى حلقة من مشاهد الدم، ولكن مؤلفة المسلسل مريم ناعوم قالت إن جرائم القتل زادت فى مجتمعنا «الناس بتدبح بعض فى الشوارع». وأضافت: الدم فى الشارع أكثر بكثير من الموجود فى المسلسل، ويجب على الأسرة المصرية تنظيم مشاهدة أطفالها لمسلسلات رمضان، من خلال منعهم من رؤية هذه المسلسلات فنحن لن نفرض رقابة على رقابة البيوت، ومن لا يريد مشاهدة هذا المسلسل فهناك عشرات المسلسلات التى تعرض عليه أن يختار من بينها.
ولا تجد ناعوم أى مشكلة فى تعرض مسلسلها لجرائم القتل داخل الأسرة، مشيرة إلى أن هذا يحدث فى الواقع، وقالت: هدف المسلسل جديد ومختلف يرصد كيف وصل العنف فى المجتمع المصرى إلى الأقارب من الدرجة الأولى، ودائما أقرأ فى الصحف أخبار عن أب قتل ابنه وابن قتل أمه.
أكد أيمن سلامة مؤلف مسلسلى «امرأة فى ورطة» و«قضية صفية» أن الواقع ليس له علاقة بالعنف والدماء الموجودين فى دراما هذا العام، وقال: هما موجودين فى الدراما منذ العصر الإغريقى، وهذا العام أعترف أن القتل زاد، لأن مؤلفى مسلسلات رمضان أرادوا أن يجذبوا الجمهور إلى مسلسلاتهم فهذه النوعية تجعل المشاهدين شديدى الالتصاق بالعمل، بحثا عن القاتل، وبالتالى تتحقق فكرة الإثارة. وأضاف: أنا ضد مقولة أن الدراما انعكاس للواقع، لأن الدراما حدوتة درامية مليئة بالمتعة والإثارة.
مسلسل «مملكة الجبل» من المسلسلات التى شهدت عدداً كبيراً من جرائم القتل التى ارتكبت لأسباب تافهة أهمها قتل هادى الجيار لأحد الأشخاص من قريته بمجرد أنه لم يقل له لقب الكبير، إضافة إلى جرائم أخرى ارتكبت أثناء الحروب بين عائلات حسان والبندرية والعبادية فى القرية. قال سلامة حمودة مؤلف المسلسل إن القتل فى الصعيد عادى جدا، خاصة فى مسلسله لأن أحداثه تدور بين مطاريد الجبل حيث زراعة المخدرات، فهم أناس يعيشون خارج القانون، وأضاف: أنا ضد من يتهمنى بالمبالغة فى جرائم القتل، فإذا قتل فى مسلسلى 10 أفراد، فإن حادث «بيت علام» شهد العديد من جرائم القتل، كما أن هناك نزاعات عديدة بين العائلات داخل الصعيد قد يصل ضحيتها فى المرة الواحدة إلى 20 قتيلا، وأكد أن الهدف من هذا المسلسل هو بحث الدولة عن مطاريد الجبل ومنعهم من ارتكاب جرائم كثيرة.
جرائم القتل فى مسلسل «موعد مع الوحوش» استهلها «الكبير» الذى يجسد دوره عزت العلايلى بجريمة بشعة عندما أشعل النار فى زوج ابنته لأنه تزوج عليها، وقد أثار هذا المشهد استفزاز المشاهدين لتفاهة سبب القتل، الدكتور أيمن عبدالرحمن مؤلف المسلسل أكد أن مسلسله ليس بعيد عن الحياة التى نعيش فيها التى غلب عليها القتل والدم فى الحياة اليومية فأمر طبيعى أن يتأثر المؤلفون بما يحدث فى الواقع.
وعن مشهد الحرق فى مسلسله قال عبدالرحمن: الهدف منه هو إظهار جبروت عزت العلايلى الذى يعانى من عقدة الخيانة فالمشهد له مبرر درامى، وأنا ضد من يقول إنه مقحم على الأحداث، فنحن نتكلم عن عالم الصعيد وهناك تغير كبير فى سلوكيات المواطن المصرى، وأضاف: «نشاهد يوميا أكثر من جريمة قتل يوميا فى برامج التوك شو التى يعتمد جميعها على نقل مشاهد العنف والقتل فى الشارع وتم عرض صورة جثة سوزان تميم على الشاشة وهى ذبيحة الرقبة.. (اشمعنى إحنا لما قدمنا جزء منها انتقدونا)».
أكد يسرى الجندى أن القتل موجود فى معظم المسلسلات التى أصبحت تشبه بعضها فى الأحداث، وقال: «رغم أن الدم والقتل موجود بكثرة فى المجتمع المصرى الذى يعانى من خلل شديد فإنه تمت مناقشته بشكل سطحى وبنوع من الاستسهال والاستقطاب من صفحات الحوادث وبرامج التوك شو لمجرد إحداث إثارة مجانية».
وطالب الجندى مؤلفى المسلسلات بأن يدركوا أن ما تتحمله السينما لا يمكن عرضه على التليفزيون سواء من ناحية العنف أو الجنس، وقال: مشاهد القتل فى مسلسله «سقوط الخلافة» مبررة لأنه عمل تاريخى.
الناقدة ماجدة موريس قالت إن جميع مشاهد القتل والعنف الموجودة فى مسلسلات رمضان موجودة فى الواقع، واستطاع المؤلفون رصدها هذا العام بحرفية تامة، وأضافت: لا يوجد مشكلة من مشاهدة الأطفال لتلك المشاهد لأن أطفالنا اليوم لديهم قنوات مفتوحة ويشاهدون جميع الأفلام الأكثر عنفا من مسلسلات رمضان، ومن الطبيعى أن يكون فى أى مسلسل جريمة قتل لأن أحداثه ممتدة على مدار 30 حلقة.
وأكدت ماجدة أن هناك مشاهد عنف غير مبررة والدم فيها مبالغ فيه، فلو تم حذف تلك المشاهد لن يؤثر على خط سير العمل، وقالت: لا يوجد أى مبرر فى إظهار مشاهد قطع الرأس فى «شيخ العرب همام» ومشهد حريق عزت العلايلى لزوج ابنته فى «موعد مع الوحوش» ومشهد حرق والد هشام سليم فى «اختفاء سعيد مهران».