طوال السنوات الماضية ظل نظام الكفيل في الكويت بمثابة صداع في رأس الحكومة نتيجة المشاكل الكبيرة المترتبة عليه وأبرزها شيوع تجارة الإقامات التي دفعت المنظمات الدولية لتوجيه انتقادات لاذعة للحكومة ووضع الخارجية الأمريكية لها ضمن قائمة الدول المتاجرة بالبشر.
الانتقادات السابقة دفعت الحكومة للسعي إلى وضع نهاية لنظام الكفيل وهو ما ترجم في عدة خطوات منها السماح للعامل بالتحويل من كفيل إلى آخر بعد مضي 3 سنوات دون الرجوع لرب العمل وكذلك إصدار قانون العمل الأهلي عام 2010 والذي ألزم الحكومة بإنشاء هيئة تعرف باسم «هيئة الاستقدام» وذلك في غضون 6 أشهر من صدور قانون العمل، إلا أنه ورغم مضي نحو 14 شهر على الموعد المحدد وفقا للقانون لا يزال أمر خروج الهيئة للنور يراوح مكانه.
وتؤكد مصادر رسمية أن وزير الشؤون أحمد الرجيب، سيعلن قريبا تشكيل الهيئة التي ستتولي بدورها عملية إيجاد بديل لنظام الكفيل.
ويمثل نظام الكفيل وسيلة للربح السريع من خلال تكوين الشركات الوهمية وجلب آلاف العمال الآسيويين والعرب للعمل بها نظير دفع مبالغ تصل إلى 1000 دينار للفرد الواحد ليفاجأ هؤلاء بعد قدومهم بأنهم قدموا على شركات غير موجودة على أرض الواقع أو في أفضل الأحيان فإن الشركة تعمل لعدة أشهر لكنها سرعان ما تقوم بتسريح هؤلاء العمال إلى الشارع نتيجة للمشاكل التي تواجهها.
حكايات المصريين مع نظام الكفيل
لم يتوقف الأمر عند حدود الشركات الوهمية لكن كثير من الشركات العاملة أساءت استغلال القانون سواء بتأخير رواتب من يعملون لديها لعدة أشهر، أو باحتجاز وثيقة سفرهم الخاصة، بما يخالف القانون، فضلا عن عدم السماح لهم بالانتقال لدى كفيل آخر إلا بشروطها.
ويحكي «اسماعيل أحمد» وهو عامل مصري بإحدى شركات الأمن، التي تجذب الآلاف من حملة المؤهلات العليا للعمل بها، أنه قدم للعمل بالشركة وفقا لعقد قيمته 70 دينار نظير العمل لمدة 8 ساعات باليوم لكنه فوجئ بالشركة تقوم بتغيير العقد تماما وتحديد قيمته بـ 35 دينار شهريا حتى تتهرب من دفع مستحقات العمل عند نهاية الخدمة وفقا للعقد الأصلي وأصبح عليه أن يعمل لمدة 12ساعة نظير 80 دينار شهريا.
ويضيف أحمد أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فمجرد الحصول على الإجازة لرؤية الأهل يتطلب وجود «واسطة» لأن شركات الأمن لا تسمح لنا بالحصول على إجازة بسهولة «حاولت مؤخرا الحصول على إجازة ووضعت الطلب في صندوق الإجازات نحو 7 مرات وبعدما تملكني اليأس لم يكن هناك بد من اللجوء للواسطة حتى استطعت الحصول علي الإجازة، فضلا عن ذلك فإننا حتى الآن لم نحصل علي راتب شهر مارس الماضي».
ويسوق أبو محمود مثالا آخر حدث مع نجله وهو مهندس زراعي دفع نحو 700 دينار لشراء إقامة على إحدى الشركات ليكتشف بعد ذلك أنها وهمية بعدما قامت وزارة الشؤون والعمل بالتفتيش عليها وإيقاف ملفها وتحويله للنيابة وهو ما جعله وكثيرين غيره مطاردين من قبل الداخلية نظرا لإقامتهم على شركة مخالفة.
ويضيف الأب: «أمضيت عدة أشهر أبحث عن مخرج لإبني الذي ظل يخشي الخروج من البيت حتى لا يتم القبض عليه رغم أنه وفق في الحصول على عمل بإحدى الوزارات إلا أن مشكلة تحويل الإقامة ظلت عقبة كبيرة أمامه نظرا لتحويل ملف الشركة للداخلية حتى صدر قرار بالعفو عمن تعرضوا لمثل هذا الوضع وتحويل إقامتهم».
إلغاء نظام الكفيل مسألة وقت
ويرى يوسف الصقر، رئيس الجمعية الكويتية لمقومات حقوق الإنسان، أن الكويت التى تعهدت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2010 بإلغاء نظام الكفيل غير المقبول من الناحية الحقوقية لا تزال عاجزة عن إيجاد آلية بديلة لتحل محل هذا النظام، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلي قرار واضح وخطة بديلة لاستبداله بشكل يتفادى العيوب الموجودة حاليا.
ويضيف الصقر أنه من غير المعروف ما إذا كانت هيئة الاستقدام ستكون قادرة على تفادي تلك المشاكل أم لا، لكنه يبدى تفاؤله بالخطوات المتوقع اتخاذها لاسيما في ظل وجود ضغوط نيابية على الحكومة تدفعها بهذا الاتجاه. ويستشهد الصقر بإعلان وزارة الداخلية نيتها تقديم مشروع قانون ينظم عمل الخدم في المنازل، وهي خطوات من شأنها القضاء على مشاكل كثيرة تتعلق بملف العمالة في البلاد والتى كانت سببا في توجيه كثير من الانتقادات الدولية للحكومة.
ويؤكد ممثل منظمة العمل الدولية بالكويت، ثابت الهارون، أنه لا يمكن إنكار أن البلاد لا تزال تعاني مشكلة خاصة بالعمالة لكنه يؤكد أن الخطوات التي اتخذت حدت كثيرا من تلك المشاكل وقللت من مظاهر الفوضي الموجودة في سوق العمل، مشيرا إلى أن إلغاء الكفيل أصبح مسألة وقت مرجعا عملية التأخير الخاصة بهيئة الاستقدام إلى الظروف السياسية التى مرت بها البلاد والتى شهدت استقالة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية جديدة، لافتا إلى أن أمر خروجها للنور يتوقف على صدور قرار وزاري بشأنها.