x

الفلسطينيون يبكون أراضيهم المصادرة في الذكرى الـ«36» لـ«يوم الأرض»

الخميس 29-03-2012 17:05 | كتب: محمد أبو الرب |

وقف مطلقا بصره في الأفق يتأمل أرضا لم تعد ملكه، بمقتضى قانون الاحتلال. لصالح المستوطنين، سلبت السلطات الإسرائيلية ضيعة أبو حسام التميمي، المواطن الستيني، الذي يعيش في قرية «النبي صالح»، شمال غرب مدينة رام الله.

شهدت تلك الأرض وغيرها من أراضي القرية عمليات نضال واسعة حاول فيها الأهالي صد الغول الاستيطاني، الذي يبتلع أراضيهم الدونم تلو الآخر. إلا أن إسرائيل منعت المواطنين على مدار سنوات من الوصول إلى أراضيهم أو إلى عيون المياه لري ما تبقى لهم من أراض.

يتحدث أبو حسام بحرقة لـ«المصري اليوم» عن تاريخ أرضه: «كان والدي منذ عام 1936 من المناضلين ضد الاحتلال وهذه الأرض رويت بعرقنا أنا وأجدادي، نفلحها ونزرعها ونعمرها، وها أنا اليوم غريب عنها، ممنوع من دخولها.. أعجز عن وصف شعوري بالقهر على هذه الأرض».

في العام 1976، حاول المستوطنون الاستيلاء على أرض «أبو حسام»، فرفع دعوى عليهم لتكون النتيجة إصدار «محكمة  العدل العليا الإسرائيلية» قرارًا بإجلاء المستوطنين من الأرض. ويستدرك «أبو حسام»، «لكن في العام 77، عاد حزب الليكود إلى الحكم، وعندها عاد التطرف وصودرت الأرض مرة أخرى لصالح المستوطنين، ومنذ ذلك الحين ونحن نحارب لاستعادتها».

يتابع «أبو حسام»، وقد بدى عليه الحزن الشديد: «هذه الأرض جزء منا، عندما نفقدها كأننا فقدنا جزءًا من جسدنا، كل صباح أقف وأنظر إليها فيعتصرني الألم، خصوصاً عندما رأيت المستوطنين وهم يقتلعون زيتوني، وكنت قد زرعت بها 150 شجرة زيتون، والآن يعيثون فيها فساداً ويغيرون معالمها وأنا أقف بعيداً عاجزاً عن الوصول إليهم».

ورغم هذا الحزن، فإن عزيمة «أبو حسام» قوية، فهو يؤمن بأن الحق سيعود لأصحابه مهما طال الزمان، هكذا يربي أبناءه. وفي كل عام، يخرج «أبو حسام» وأولاده مع سائر الفلسطينيين يوم 30 مارس لإحياء ذكرى «يوم الأرض»، التي بدأت مع قيام سلطات الاحتلال بتنفيذ مخطط تهويد الجليل والمثلث في أراضي الخط الأخضر.

في ذلك الوقت اندلعت مواجهات دامية استشهد خلالها 6 فلسطينيين وسقط عشرات الجرحى، ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا اليوم ذكرى لإحياء «يوم الأرض». واستعداداً لإحياء ذكرى هذا اليوم، الذي تنشط فعالياته، الجمعة، في الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي الخط الأخضر «48»، تقول الناشطة في المقاومة الشعبية، ناريمان التميمي:«النساء والرجال في خندق واحد وفي خط الدفاع الأول عن الأرض حتى تحريرها».

وتضيف زوجة المناضل باسم التميمي الملقب بـ«غاندي فلسطين»، الذي يحاكم أمام القضاء الإسرائيلي بتهمة قيادة المظاهرات، لـ«المصري اليوم» أن «من ارتوى بماء فلسطين وشاهد أرضها وخضرتها لا يمكنه أبداً أن يفرط في شبر منها، ورغم تصاعد الهجمة الاستيطانية ضدنا ومصادرة أرضنا، إلا أننا بدأنا بالمقاومة السلمية والشعبية، وهي مستمرة، رغم قمع الاحتلال حتى تحرير أرضنا».

أما عبد الله أبو رحمة، منسق المقاومة الشعبية والسلمية في قرية نعلين المجاورة، فيقول إنه «رغم محاولات الاحتلال الدائمة لطمس الهوية الفلسطينية والمراهنة على الأجيال القادمة بأنها ستنسى الأرض، خابت آماله، لأن الشعب الفلسطيني متجدد، وكل جيل جديد يأتي يظهر تمسكاً أكثر بأرضه وثوابته».

ويتهيأ الفلسطينيون لإحياء الذكرى الـ«36» ليوم الأرض بمسيرات وفعاليات تعم مختلف الأراضي الفلسطينية، سواء المحتلة «عام 48 أو 67»، كما تبدأ، الخميس، مسيرات في عدد من القرى والبلدات التي تقاوم جدار الفصل العنصري، أما الجمعة، الذي يصادف يوم الأرض، فستنطلق مسيرات في الأراضي المحتلة منذ «عام 48».

وفي هذه الذكرى، يقول خليل التفكجي، المختص في شؤون الاستيطان، ومدير مركز الخرائط في جمعية «بيت الشرق» بالقدس المحتل، إن «إسرائيل، منذ احتلالها عام 48، لم تتوقف عن الاستيلاء  على الأرض». ويؤكد «إسرائيل لا تريد إقامة دولة فلسطينية، وعلى هذا الأساس، تمضي في بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلة».

وعن الأراضي المصادرة حتى الآن، يوضح «التفكجي» أن «الفلسطينيين لا يملكون فعليا سوى 4 % فقط من أراضيهم، وأن الإسرائيليين في الضفة الغربية يسيطرون على 60% منها، وفي القدس، لم يبق للفلسطينيين إلا 13% فقط من مساحتها الكلية، التي تبلغ 72 كم مربع».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية