x

علي السلمي: «الشعب» غير مختص بوضع الدستور.. وانفراد فصيل معين كارثة (حوار)

الإثنين 26-03-2012 16:15 | كتب: عادل الدرجلي |

قال الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء السابق، إن الدستور الجديد سيعبر عن آراء صانعيه فقط لو تم بالتشكيل الحالى للجنة التأسيسية للدستور، موضحاً أن المصلحة الإخوانية تفرض نفسها وتحكم عملهم، والإقصاء هو أسلوب الإخوان كما كان أسلوب الحزب الوطنى فى الماضى، لافتا إلى أن مجلس الشعب لا يستطيع سحب الثقة من الحكومة فكيف يمكنه وضع دستور، وكل ما بُنى على باطل فهو باطل، وأكد خلال حواره مع «المصرى اليوم» أن تشكيل الجمعية التأسيسية خطأ بكل المقاييس ومخالف لكل القيم والمعايير والأطروحات الديمقراطية، ودعا «السلمى» جميع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى لإعلان موقفها الرافض للسيطرة الإسلامية بصراحة وألا تشارك فى الجمعية التأسيسية لأن انفراد فصيل ما بكتابة الدستور يؤدى إلى كوارث، وقال: «من الوارد فى ظل عدم اكتمال الثورة الأولى قيام الثورة الثانية».

وإلى نص الحوار..

كيف ترى الجمعية التأسيسية للدستور فى تشكيلها الحالى بـ50% من النواب والباقى من خارجه؟

- خطأ بكل المعايير ومخالف لكل القيم والمعايير والأطروحات الديمقراطية، فنسبة 50% من مقاعد الجمعية التأسيسية تم تخصيصها لأقل من 500 شخص وهم نواب البرلمان، والـ50% الباقية لـ85 مليون مواطن ويشارك فيها أيضا من يتبعون الحرية والعدالة ذوو الميول أو المحسوبون على الإسلام السياسى، كل هذا يختلف تماما عما كنا طرحناه عن شكل الجمعية التأسيسية، فقد كان أول مقترح لتشكيلها فى شهر أغسطس الماضى اختيار أعضائها بالكامل من خارج البرلمان، ثم بالتفاوض والأخذ والرد وصلنا إلى أن يكون 25% من داخل البرلمان والباقى من الخارج.

مع من كان هذا الاتفاق؟

- مع القوى السياسية والأحزاب خلال الحوارات التى أجريت خلال أغسطس 2011.

بما فيها حزبا الحرية والعدالة والنور؟

- الحرية والعدالة نأوا بأنفسهم عن الدخول فى موضوع المعايير، وكان تركيزهم على مقاومة المبادئ الأساسية للدستور وهى 21 مبدأ، وحدث الخلاف وقتها، وكانت المعايير تمت مناقشتها مع جميع القوى الحزبية وشباب الثورة، وكان هناك شبه اتفاق على أن تكون نسبة النواب أقل فى الجمعية التأسيسية، وكل حديث عن المعايير ترك تحت الدفاع عن الاستفتاء وعدم الالتفاف على المكتسبات الشعبية، وكل هذا كان محاولة لتفويت فرصة إقرار وثيقة المبادئ الدستورية.

كيف ترى سيطرة تيار معين على الجمعية التأسيسية؟

- الخطورة ليست فى وصف المسيطر سواء كان إسلامياً أو غير إسلامى، وإنما فى انفراد فصيل معين بالتحكم فى الجمعية التأسيسية وفى فرض رؤاه وفكره وعقائده الحزبية والسياسية على صنع الدستور، وما كنا ننبه إليه ونحذر منه هو عدم انفراد فصيل معين - أياً كان - بوضع الدستور، لكن هذا الأمر فات ميعاده فالأحزاب التى فازت فى مجلسى الشعب والشورى وشكلت الأغلبية اعتمدت على الأغلبية ونسيت موضوع التوافق، رغم أنه كان العهد والوعد من جانب الأحزاب المشاركة فى التحالف الديمقراطى، وما أعلنه حزب الحرية والعدالة فى مؤتمر 13 نوفمبر بمقر الكتلة البرلمانية للإخوان بالمنيل، وحضره عدد من مرشحى الرئاسة واللجنة التنسيقية لأحزاب التحالف، وقال فيه الدكتور سعد الكتاتنى، خلال إلقائه البيان: إن الوثيقة المسماة إعلاميا وثيقة السلمى مرفوضة وأن الدستور سيأتى بالتوافق وإننا نتعهد بأن الجمعية التأسيسية ستكون ممثلة لجميع أطياف المجتمع.

هل ترى تعارضاً بين تلك التصريحات وما يحدث الآن؟

- هذا السؤال يوجه للكتاتنى، وهو: ما الذى تقومون به الآن؟ فهل التوافق معناه أن الأغلبية البرلمانية تستأثر بـ50% من الجمعية التأسيسية وأرى أن الإشكال الرئيسى أن مجلس الشعب بمقتضى الإعلان الدستورى للمادة 33 ينحصر دوره فى الجانب التشريعى، وليس من اختصاصاته كبرلمان صنع دستور، فالدستور لا يصنع بمجلس الشعب، فالمهمة الرئيسية المسندة له هى التشريع وليس وضع الدستور، والدليل أن مجلس الشعب الحالى غير قادر على سحب الثقة من الحكومة، والإعلان الدستورى هو الذى يقول هذا، فكيف لبرلمان لا يستطيع سحب الثقة من حكومة أن يضع دستوراً؟ فهذا أمر لا يستوى، وهو غير مقبول بكل المعايير، واستئثار المجلسين بالأغلبية الحزبية يشوبه عدم دستورية، فالأساس أن الجميع سواء أمام القانون، ووفقا للمادة 60 من الإعلان الدستورى المهمة الرئيسية والأولى هى انتخاب 100 يكونون أعضاء للجمعية التأسيسية وليس من بينهم نواب.

ولكنك ذكرت سابقاً «نسبة من النواب»؟

- تكون نسبة بسيطة تجاوزاً، بالإضافة إلى أن مجلس الشعب مطعون فى دستوريته طبقا للمادة 5 من الإعلان الدستورى، فكيف يعين أعضاء من هذا المجلس فى وضع دستور والمجلس مهدد بالبطلان.

كيف سيكون وضع الدستور فى حال صدور حكم المحكمة الدستورية العليا؟

- كل ما بنى على باطل فهو باطل، والأساس أن التشكيل المقترح الآن غير متوازن أو عادل، وحتى نجنب أنفسنا مزيداً من الصراع والشقاء، على الحرية والعدالة والنور أن يتقوا الله ويتجهوا إلى إعمال العقل، وقد سمعت ما نسب لعمرو حمزاوى، «من أنه مطمئن إلى أن الحرية والعدالة سيعمل العقل ويتخلى عن السيطرة»، وهى مسألة ليست طوعية، فالحوار الوطنى أساسه إصدار دستور متوازن.

كيف ترى مطالب بعض القوى السياسية بمقاطعة الجمعية التأسيسية للدستور فى ظل السيطرة الإسلامية عليها؟

- أدعو جميع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى أن يعلنوا هذا صراحة ويتخذوا موقف الرافض لهذا الأمر، وكفانا التبسط فى المسائل القومية المهمة، وهذا الموقف إما أن نكون أو لا نكون ليس لسيطرة إسلاميين وإنما لأن انفراد فصيل ما بصنع الدستور يؤدى إلى كوارث، لأن هذا الدستور لن يعبر إلا عن أفكار ومصالح هذا الفصيل.

هل غياب هذه القوى يمكن أن يسبب أزمة فى وضع الدستور أم أن التيار الإسلامى مستمر فى وضعه؟

- توقعى أن هذا التيار سيكمل بنفس الطريقة التى اعتدناها من الحرية والعدالة، فقد سبق أن أعلنوا أنهم لن ينافسوا إلا على 35% من الانتخابات البرلمانية وأن أسلوبهم مشاركة وليس مغالبة، واتضح أنهم رشحوا على جميع الدوائر وحصلوا على نسبة 47% من المقاعد، وكذلك تشكيل اللجان فى البرلمان قرروا نفس المسألة، وهو نفس الأمر فى الجمعية التأسيسية، وعلى غرار هذه التصريحات، أقول إن المصالح هى التى تحكم عملهم والمصلحة الإخوانية تفرض نفسها، والإقصاء هو أسلوبهم كما كان أسلوب الحزب الوطنى.

ما المطلوب من القوى السياسية فيما يخص الجمعية التأسيسية للدستور؟

- لابد أن تبرز القوى السياسية والمجتمعية مواقفها وتصر على الرفض وإعلان رفض الأسلوب التسلطى الإخوانى الذى يفقدهم التعاطف الشعبى، فهذا التعاطف وجد كثيراً من الآمال فى العهد الجديد لم تتحقق.

هل تدخل البرلمانات فى العالم طرفا فى وضع الدستور؟

- على حد علمى وكما قال فقهاء الدستور، فى جميع الدول الديمقراطية، لا يتدخل البرلمان فى صياغة الدستور، لكن فى بعض الحالات التى بها برلمانات تشبه برلماننا الحالى قد يحدث ذلك، وفى مصر لم يدخل البرلمان طرفا فى وضع الدستور وكان دستور 23 وضعته الجمعية التأسيسية المنتخبة، ولم يكن لها علاقة بالبرلمان، وكذلك دستور 54.

كيف ترى الدستور الجديد فى ظل الأغلبية التى تحدثنا عنها؟

- سيخرج الدستور الجديد - إذا كان بهذا التشكيل وهذه المعطيات - غير معبر إلا عن آراء صانعيه، وهناك مقولة لمحمود أباظة وهى أن الانتخابات تعبر عن إرادة من يجريها، فعندما يكون صانع الدستور فصيلاً واحداً مهما كان العلم والخبرة والتجرد فإن هذا الدستور سيعبر عن رؤية من وضعه، وجمعية الدستور لو جاءت معبرة عن جميع الطوائف والتيارات سيكون الدستور معبرا عن كل هؤلاء ومتوازناً ومستقراً.

هل سيكون الدستور سليماً؟

- بالمعطيات الحالية من المتوقع وجود ضغوط من أجل إبطال هذا الدستور ومع الرفض المجتمعى له لن يتحقق الاستقرار المنشود، فالدستور كان الأمل فى إحداث استقرار، لكن بالطريقة التى يتبعها معدو الدستور الأمل فى الاستقرار ضعيف جدا.

هناك شبه اتفاق على أن الأبواب الأربعة الأولى من دستور 71 جيدة.. كيف ترى هذا؟

- بعض من روجوا لهذه الفكرة لهم مصلحة فى الإسراع بوضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية، ومجموعة من المرشحين المحتملين روجوا لهذه الفكرة، وهذا الكلام غير مقبول.

لماذا؟

- لأن الدستور كيان كامل متناغم لا يصح أن نقوم بترقيعه، كما أن البنود الخاصة بالحريات العامة مذيلة بجملة «وفقا لما يحدده القانون».

وهل القانون هو الذى يحكم الدستور أم العكس؟

- كلمة «وفقا للقانون» تعد تهرباً من المعنى والإلزام الدستورى، وعطل الدستور لأن القوانين لا تصدر وبالتالى يصبح كعدمه، بالإضافة إلى أن الدستور أبوالقانون.

إذن، كيف يتم تفعيل عمله أو إيقافه بقوانين؟

- هذا كلام غير مقبول، فالدستور يحتوى على المبادئ الرئيسية التى تنظم شؤون المجتمع كافة بما فيها القانون.

هل الأزمة فى «مواد» أم فى التنفيذ؟

- الاثنين معا، فقد عشنا فترة طويلة دون دستور قوى ملزم للحاكم، والآن وجدت فرصة لوضع دستور جديد متوازن يعطى الشعب حقوقه ويحمله واجباته ويفصل السلطات، إذن لا نخشى من تسلط القانون لأن المحكمة الدستورية العليا تنظر فى مشروعية القوانين، ومدى ملاءمتها وهذه وظيفة المحكمة.

أى الأنظمة أفضل لمصر: برلمانى أم رئاسى أم مختلط؟

- كنت فى الماضى أميل إلى النظام البرلمانى، نتيجة للممارسة السيئة لكل من شغل منصب رئيس الجمهورية فى ظل النظام الرئاسى فى مصر، لكن فى ظل الممارسات السيئة الآن من البرلمان أعتقد أن النظام الرئاسى الممزوج بقيم برلمانية يكون أفضل لمصر، وتقاسم السلطات وتوازنها.

ما المدة التى يحتاجها البرلمان لوضع الدستور؟

- 6 أشهر.

هل تتوقع أن يتم وضع الدستور قبل الرئاسة؟

- حسب خطة الحرية والعدالة فإن وضع الدستور يكون فى شهر، والتصويت عليه يكون فى اليوم التالى، ويحتمل أن يتم هذا كله قبل انتخابات الرئاسة.

هل تعتقد أن يتم تعطيل وضع الدستور حتى معرفة الرئيس القادم؟

- بمعنى أن يكون «دستور تفصيل».. هذا كلام فارغ، ويعد شخصنة للدستور، وهذا غير مقبول.

هل أنت متفائل؟

- الأمل فى الله كبير، ولكن كل المعطيات تؤدى للتشاؤم، ولكن نحن مأمورون ولا نيأس من رحمة الله فكلما ساءت الأمور لا يعتمد الإنسان إلا على الله.

هل تتوقع قيام ثورة أخرى؟

- وارد فى ظل عدم اكتمال الثورة الأولى، لسببين هما أن الثورة الأولى لم تحقق أهدافها ولم تحقق الإنجازات المتوقعة من قوى المجتمع، والثانى الممارسة الخاطئة لحزبى الأغلبية الحرية والعدالة والنور، والصورة السيئة والأداء البرلمانى والدستور الجديد إذا سار على نفس النهج فأبشر بثورة ثانية.

وما المطلوب لتدارك هذا الأمر؟

- الدستور الجديد لابد أن يتم وضعه بعناية، وكل الفئات والخبرات تشارك فيه، فالمفروض أن يتم تعديل اللجنة التأسيسية ويكون الانتخاب على درجتين، من خلال المجتمع المدنى وكل المنظمات التى تقوم بإرسال ترشيحاتها إلى مجلس الشعب وبعدها تقوم الهيئة المعنية بالاختيار، وتنقى الترشيحات وتصوغها وفقا للمعايير وتنتهى إلى قائمة مختصرة وتطرح على الشعب لانتخابهم وتتم فى عملية بسيطة.

وأين المجلس العسكرى؟

- أطالبه بتصحيح الخطأ الذى وقع فيه والتزيد فى سلطاته، وأطالبه بأن يعمل القانون الدستورى الصحيح ويرسل لمجلسى الشعب والشورى بأن يقتصر دورهما على الانتخاب دون المشاركة فيه، وأطالبه بتعديل المادة 60 وأن يرجع إلى المحكمة الدستورية العليا ويرى صحيح القانون.

هل ترى أن هناك صفقة بين «العسكرى» والإخوان؟

- لا أحب الحديث عن صفقة، ولكن هناك تقارباً.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية