اتفق سياسيون على أن بيان المجلس العسكري الأخير يشير إلى وجود أزمة حقيقية «وليست مفتعلة» بين «العسكري» و«الإخوان»، مستبعدين أن تكون مجرد تمثيلية لإلهاء المنتقدين لتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، لكنهم اختلفوا حول موقف التيارات الليبرالية من هذا الصراع.
وقال الدكتور نبيل عبد الفتاح، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن البيان جاء للتعبير عن حالة من الخصام السياسي والصراع على المصالح بين المجلس العسكري والجماعة، مما يشكل «انقلابا على التفاهمات التي سبق إرساؤها بين كل منهما ومعهم السلفيين».
وأضاف: «فيما يبدو أن الإخوان افتقرت مؤخرا للحكمة السياسية في تعاملها مع حكومة الجنزوري ومع تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وأصيبت بنوع من النزق السياسي وأصبحت تتصرف وكأن السلطة هي هدفها الوحيد والسيطرة على مقاليد الأمور هي غايتها الرئيسية».
وأوضح أن الفقرة الأخيرة من بيان «العسكري» تعتبر إشارة واضحة إلى الأزمة التي حدثت عام 1954 بين عبد الناصر والإخوان وانتهت بالزج بهم في غياهب السجون لفترات طويلة، لكن يبدو أن الجماعة «ضعفت قدرتها على القراءة السياسية والتاريخية وطبيعة علاقتها بالنظام السياسي المصري سواء قبل ثورة 1952 أو بعدها، كما يبدو أن الجماعة تصوّرت أنها صانعة ثورة 25 يناير».
كما رأى أن بعض التيارات الليبرالية والاجتماعية «قد تقف مع المجلس العسكري في مواجهته مع الإخوان».
من جانبه، أشار الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن «العسكري» يلفت نظر «الإخوان»، لتجنب تكرار الصدام مثلما حدث بين الجماعة والزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1954، وذلك على حد التعبير الذي استخدمه المجلس في بيانه بقوله: «نطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء الماضي».
وأوضح أن الأمر ينذر بصدام بين الطرفين، ما لم يتراجع «الإخوان» عن طريقتهم في التعامل مع «العسكري»، على اعتبار أنهم قوة داخل مجلس الشعب بما يمكنهم من الخوض في صراعات، ومن ثم يتحدثون بلهجة بها نوع من الاتهام.
وتابع: «هناك توجه من المحكمة الدستورية لحل مجلس الشعب، كاستجابة للطعون على الثلث الفردي، نتيجة تنافس الأحزاب مع المستقلين على المقاعد الفردية، وهو أمر غير دستوري».
وأضاف أنه في حال حل المجلس نعود مرة أخرى إلى نقطة البداية لتشكيل الجمعية التأسيسية لتتولى إعداد الدستور.
وأكد أن الليبراليين وشباب الثورة «لن يتدخلوا في هذا الصدام بين العسكري والإخوان، ولكنهم قد يستفيدون منه».
وقال الدكتور وحيد عبد المجيد، رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر، إن «الصدام بين العسكري والإخوان ليست لعبة للإلهاء»، مشيرًا إلى أن المطبخ السياسي له محددات ومعطيات، ومن ثم لا يمكن لعاقل أن يلعب بهذا الصدام، واصفا ذلك بـ«اللعب بالنار».
وقال إن الصدام حتى هذه اللحظة «ليس مرجحًا»، ذلك لأن نتيجة الصدام ستكون فادحة، ليس فقط بالنسبة للطرفين، ولكن للبلد بأكملها، لافتًا إلى أن الصدام هو أحد الاحتمالات ولكنه ليس الاحتمال الوحيد.
وأوضح: «ليس من المستبعد تكرار سيناريو الإخوان وجمال عبد الناصر مرة أخرى»، مشددا على ضرورة أن يتحلى «العسكري» بالحكمة «مما يحول دون وقوع مثل هذا الصدام، والذي إذا ما حدث ستكون تكلفته فادحة»، بحسب قوله.