x

10 سبتمبر.. يوم «أحرق» فيه المصحف

الجمعة 10-09-2010 00:00 |

إنهم يحرقون المصحف اليوم.. أليس كذلك؟، هكذا أعلن القس الأمريكى «تيرى جونز» قس كنيسة «السلام» فى ولاية فلوريدا، وقبله بأسابيع قليلة «جمعت نيويورك من كل رجل قبيلة» وطالبت برأس أوباما، لأنه تجرأ ولم يمانع بناء مسجد قرب المرحوم مركز التجارة العالمى، الذى هوى بعد اختراقه بطائرة المصرى محمد عطا فى تفجيرات 11 سبتمبر 2001، إذن إنها الحرب ضد الإسلام، دين أسامة بن لادن والظواهرى وإرهابيى القاعدة، هل هذا هو كل شىء؟، هل هؤلاء هم الإسلام كما توصل العقل الأمريكى والغربى عموماً!؟

إذن كيف كان الحال قبل 11 سبتمبر؟، هل كانت نظرة الغرب للمسلمين والإسلام «فللى»، والعلاقة بينهما «سمن على عسل»؟

سأغيظكم وأعيد تدوين الحقيقة، لأثبت لكم أن 11= 10 عند الأمريكان، بل = 9 و8 و3 أيضا، وكنت قد كتبت عن ذلك دراسة مطولة فى خريف 2001، وأنا أشاهد عبارة «أمريكا تحت الهجوم» على شاشة C.N.N، وطبعا أنتم تعرفون كما أعرف أن 11 سبتمبر لم يكن أبداً التاريخ الحقيقى لميلاد الصدام بين الإسلام والغرب، ولم يكن أبداً الباعث على التحرك الأمريكى لمزيد من الهيمنة على العالم تحت شعار «محاربة الإرهاب»، كما لم يكن دافعاً لتخصيص المليارات لتأسيس منابر إعلامية موجهة نحو الأدمغة العربية مباشرة، ولم تبدأ معه موجات الكراهية للعرب والمسلمين... إلخ.

الأمريكا فى 10سبتمبر، كانت تفعل- أو تنوى أن تفعل- كل ما فعلته، وسوف تفعله منذ 11 سبتمبر وحتى عقود طويلة مقبلة، ربما تكون هناك تغيرات طفيفة تتعلق بسرعة إنجاز أمريكا لمستهدفاتها الاستراتيجية القديمة، وتعديل بعض البرامج، وترتيب بعض الأولويات، ورفع درجة حرارة لغة الخطاب، وتركيز الضوء على بعض الأوجاع الإنسانية الفردية، ليبدو للسذج أن الشعب الأمريكى «يعانى» مثله مثل شعوب الأرض الأخرى، لكن هذا كله يتم داخل إطار مصطنع يخدم الاستراتيجية العنصرية المستمرة منذ قرون سابقة على 11 سبتمبر، التى سوف تستمر بعده لأجل غير معلوم!

لماذا إذن تركز أمريكا على هذا اليوم المحظوظ «11 سبتمبر» وتنسى شقيقه الذى يكبره بيوم واحد فقط «10 سبتمبر»؟، ولماذا تحاول أن تجعل منه نواة لهولوكست جديد ضد الإسلام؟، ولماذا لا تفكر فى استخدام 11 سبتمبر كبداية مناسبة لتحرير العقل الغربى من أوهامه، وتأهيله لاعتراف حقيقى بالآخر المسلم، بدلاً من أن يتحول إلى حائط مبكى يشعل الحروب القبلية البدائية على طريقة داحس والغبراء، ويغذى الحقد والكراهية ضد شعوب وديانات أخرى.

إن أمريكا بعد 11 سبتمبر لديها فرصة واقعية عظيمة لتأسيس حديقة كبيرة ونصب تذكارى فى «مساحة الفراغ» التى خلفتها التفجيرات المباغتة، قد يظننى البعض أسخر من الدولة العظمى التى ترهب الجميع، وتفرض الهيمنة على أصقاع الأرض، لكننى أتحدث بجدية.. لقد حررت أمريكا قطعة من أرضها فى ذلك اليوم، وبدلاً من المصارف والبورصات وشركات الهيمنة، ومكاتب المخابرات المركزية، ومكعبات الأسمنت والحديد المسماة بمركز التجارة العالمى، أصبح لدى أمريكا مساحة جديدة فى قلب مدينة الدخان، يمكنها أن تزرع فيها الزهور والأشجار وتضع المقاعد للعشاق.

فهل تنتبه أمريكا الى أهمية «الأرض» وتقدر قيمة النظرة الأفقية بعد سنوات طويلة من التعمق الرأسى، وهوس مناطحة السماء؟.. هل تدرك أمريكا أن قائدها العسكرى فى أفغانستان ديفيد بترايوس المدرب على القتل، واستخدام لغة السلاح، هو الذى ينصح أمثال القس تيرى جونز بالتريث ويحذره من مخاطر التعصب؟ فمن علَّم بترايوس هذه الحكمة؟.. قد يقول أحدكم إنه تعلمها من رأس الذئب الطائر فى العراق وأفغانستان، وهذا هو أحد الفروق القليلة بين «10 سبتمبر» و«11 سبتمبر».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية