شن تنظيم القاعدة في اليمن أولى هجماته عام 1992، عندما هاجم عناصر من قوات البحرية الأمريكية «المارينز»، كانت مقيمة في فندق عدن أثناء طريقها إلى الصومال.
ومنذ ذلك التاريخ، نفذ التنظيم الإسلامي نحو 73 عملية، كان أبرزها استهداف سياح بريطانيين واستراليين في محافظة أبين في ديسمبر 1998، ثم تفجير المدمرة الأمريكية «يو إس إس كول» الذي أسفر عن مقتل 17 جنديًا أمريكيًا، و تفجير ناقلة النفط الفرنسية «لامبردج ليدي» قبالة شواطئ حضرموت شرق اليمن في نوفمبر 2002.
وفي مطلع عام 2009، أعلن تنظيم القاعدة، بجناحيه اليمني والسعودي، عن عملية دمج في إطار تنظيم واحد، أطلق عليه «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».
وقد تسبب التنظيم في إثارة جدل كبير حول من يدعمه ويموله وتوقيت هجماته وأماكنها، بالإضافة إلى علاقته بالسلطة اليمنية في عهد علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني السابق. ويتهم البعض النظام اليمني السابق بأنه دعم تنظيم القاعدة خاصة في جنوب اليمن لفرض وصايته على اليمن، أو لضرب حركات متمردة، أو على أقل تقدير إثارة الغبار للتعتيم على بعض الحملات التي كان يقوم بها ضد المعارضة قبل ثورة الشباب اليمنية.
ويعتقد المحللون أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة السعودية هما المحركان الرئيسيان للتنظيم، جنبًا إلى جنب النظام اليمني السابق ومؤيديه الذين كانوا ومازالوا - رغم الثورة- في مناصب قيادية عسكرية حتى الآن، وما يعزز موقفهم أن صالح كان قد قال في أحد خطاباته قبل التنحي إن «القاعدة ستسيطر على عدد من المحافظات وسيتجزأ اليمن إذا رحل عن السلطة».
ويعتبر علي بكر، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية في تقريره عن القاعدة في اليمن بمجلة «السياسة الدولية»، أن القاعدة تعتبر من أهم الاختبارات أمام عبد ربه منصور، مشيرًا إلى أن لتصعيد القاعدة هجماتها بعد الثورة أسباب كثيرة.
وقال إن من ضمن أسباب التصعيد «تمركز القاعدة في بؤر غير مستقرة»، و«استفادة التنظيم من الاضطرابات السياسية التي تضرب اليمن وانشغال الجيش بالأوضاع الداخلية السياسية والصراع على السلطة».
وعلى الجانب الآخر، يقول مؤيدو صالح، وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي الاشتراكي الموالي لنظام صالح، والذي كان الحزب الحاكم قبل اندلاع الثورة اليمنية 11 فبراير 2011، إن تواطؤ صالح مع تنظيم القاعدة للحصول على مكاسب سياسية غير ممكن، مستشهدين بزيارة الرئيس اليمني السابق للولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر 2001 عندما تعهد بأن بلاده «شريك في الحرب على الإرهاب».
ويقول السياسي والمحلل مايكل شوير الذي عمل في ملف القاعدة في المخابرات الأمريكية لأكثر من 10 سنوات، إن اليمن بالنسبة للقاعدة «توفر قاعدة حيوية ومركزية التي تصل ساحات الجهاد في أفغانستان والعراق وشرق أفريقيا والشرق الأقصى. و هي كذلك قاعدة لتدريب المجاهدين اليمنيين و للراحة و إعادة تأهيل المجاهدين من مجموعات إسلامية متعددة بعد جولاتهم في أفغانستان والعراق و الصومال».
وبعد الثورة، ظلت القاعدة عنصرا مهما في المعادلة اليمنية، بل ربما زاد نشاطها بشكل مكثف وملحوظ. فقد زادت عمليات القاعدة العسكرية ضد الجيش اليمنى، وزادت سيطرتها على بعض المناطق في اليمن، حتى أعلن التنظيم مؤخرًا عن قيام إمارة إسلامية في محافظة شبوة.
وتعتبر القاعدة من أهم الصعوبات التي يواجهها الرئيس اليمنى الجديد عبد ربه منصور هادي، الذي يجاهد لاستعادة سلطة الدولة في الجنوب الذي ينعدم فيها القانون، وفي الوقت نفسه يسعى لإثبات نفسه كرئيس، خاصة أمام دول مجلس التعاون الخليجي، للعبور باليمن في فترته الانتقالية كرئيس «توافقي».
وأكد علي بكر أن التنظيم يكثف عملياته ويتسارع في وتيرتها استباقا للزمن « قبل أن يستكمل النظام استعادة قوته»، خاصة وأنه نظام يحظى بشعبية كبيرة بين اليمنيين، على العكس من نظام علي صالح. وأوضح أن العديد من العمليات الأخيرة للتنظيم استهدفت مواقع عسكرية ويمنية يقودها أبناء عائلة الرئيس السابق «وهو ما فسره البعض بأن النظام السابق يقف وراء تدبيرها، وأنها محاولة لإعطاء رسائل للغرب بضرورة الإبقاء على أفراد عائلة صالح في عملية هيكلة الجيش الجديدة، وفقا للمبادرة الخليجية بشأن اليمن».
وذكر إن التنظيم الذي يهدف بشكل تكتيكي لإنشاء «دولة إسلامية في اليمن»، وبشكل استراتيجي، لإقامة «الخلافة الإسلامية» من خلال تصدير مشروعه الجهادي إلى دول الجوار،يخشى كثيرًا من التغييرات القادمة، خاصة في مؤسسات الجيش والأمن التي من المقرر أن تطولها عملية تغيير شاملة، عبر خطة إعادة هيكلة الجيش، وفقا للمبادرة الخليجية.