رغم أن أديرة وادى النطرون الثلاثة أنشئت منذ 1700 عام فإن معظم المصريين لا يتذكرون منها إلا العقود الستة الأخيرة التى ارتبطت بحياة البابا شنودة الثالث، الذى توفى السبت الماضى، عن عمر يناهز 89 عاماً.
خلال هذه السنوات عاش البابا الـ117 معتكفاً ومحدد الإقامة و«غاضباً» فى دير وادى النطرون، ثم جاءت وصيته الأخيرة بأن يدفن فيه بجوار سلفه البابا كيرلس السادس.
فى 18 يوليو سنة 1954 رسم الأستاذ نظير جيد، الخادم بكنيسة الأنبا أنطونيوس بشبرا مصر، راهباً فى دير السريان باسم الراهب أنطونيوس السريانى، وخلال فترة رهبنته تنقل فى مناصب كنسية فى فترة ولاية البابا كيرلس السادس، منها رئاسة الكلية الإكليريكية، وأسقف عام الشباب حتى اختير بطريركا للأقباط فى 13 أكتوبر 1971، لكنه عاد إلى الدير نفسه محدد الإقامة فى سبتمبر 1981 بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات، إلى أن تولى الرئيس المخلوع حسنى مبارك الحكم وألغى قرار تحديد الإقامة وقرر عودة البابا إلى القاهرة فى 1984، لكنه عاد إلى وادى النطرون معتكفاً فى 2005 إثر حادثة اختفاء وفاء قسطنطين زوجة أحد كهنة البحيرة، واستمر معتكفاً لمدة شهرين.
أما عن أديرة النطرون الثلاثة فهى: دير الأنبا بيشوى، وتم بناؤه فى القرن الرابع، وعاصر بناءه القديس مقار الكبير وكان عبارة عن مجموعة من قلالى الرهبان، وكنيسة فى الوسط تحيط بالمغارة الصخرية التى عاش فيها الأنبا بيشوى، وقد دمرت هذه الكنيسة فى القرن الخامس الميلادى بسبب غارة على الأديرة من الليبيين البدو عام 407م. وعلى الرغم من إعادة بنائها فإنها دمرت مرة أخرى فى الغارتين التاليتين عامى 434 و444، وتعرض أيضاً هذا الدير للتخريب أثناء غارة رابعة للبربر قرب نهاية القرن السادس الميلادى، ولم تتوقف غارات البربر على الدير وهدمه.
وفى عهد البابا شنودة الثالث، تمت حركة تجديد واسعة للدير، حيث أمر البابا بتجديد القلالى، وأعاد ترميم بئر الماء التى غسل فيها البربر سيوفهم بعد أن قتلوا شيوخ «شهيت» التسعة والأربعين، كما أضاف للدير قرابة 300 فدان من الصحراء المحيطة به لأجل استصلاحها، بالإضافة إلى القلاية البطريركية الخاصة به، وأمر كذلك بإدخال الكهرباء للدير.
يذكر أنه قد تم طبخ وإعداد زيت الميرون فى الدير خمس مرات من سبع فى عهده، وذلك فى أعوام 1981، 1987، 1990، 1995، 2008، لتوزيعه على الكنائس القبطية فى مصر وخارجها.
أما الثانى فهو دير البراموس، ويقع غرب ملاحات وادى النطرون فى بقعة اشتهرت فى الأزمنة القديمة باسم نتريا، وبالدير خمس كنائس أثرية، وهو ملىء بالأيقونات الأثرية ذات الطابع الفنى الفريد. يمثل القسم القديم الحصن أربع كنائس بالإضافة إلى بعض المخازن، أما القسم الثانى الحديث نسبياً فيضم كنيسة يوحنا المعمدان وقصر الضيافة الجديد ومكتبة ومخبزاً، بالإضافة إلى مدفن الرهبان «الطافوس» ويحتفظ هذا الدير برفات اثنين من مشاهير الرهبان.
والدير الثالث تمت إعادة بنائه بعد أن كاد ينهار سنة 1998، واقترن منذ ذلك الحين بمقبرة البلدة التى أنشئت بالقرب من الدير.