x

الحاجة طاهرة: «عبدالناصر» طردنا لأنه بيكره النوبيين.. وبعد «السادات» قالوا لنا «أبوكم مات»

السبت 17-03-2012 18:13 | كتب: أشرف جمال |
تصوير : other

«حسبنا الله ونعم الوكيل».. هكذا بدأت الحاجة طاهرة صاحبة آخر بيت على حدود مصر الجنوبية حديثها، مفوضة أمرها لله فى تعب وعناء استمر حوالى 32 عاماً فى زراعة ورعاية حديقتها، التى أفنت عمرها على رعايتها، ومات زوجها وهو يسقى نخيلها. تقول الحاجة طاهرة: «بدأت زراعة هذه الحديقة أنا وزوجى بعد أن أعادنا الرئيس الراحل أنور السادات إلى قريتنا قسطل، لينقذنا من مصيبة التهجير إلى نصر النوبة بأسوان، والتى لم نرتح فيها، وشعرنا فيها بأننا أغراب حتى عدنا إلى أرضنا، وبدأنا فى زراعة الأرض بكل أنواع الفواكة من المانجو والرمان والبرتقال والليمون والنخيل، لدرجة أن زوجى ظل يزرع ويعمل فى الحديقة حتى آخر لحظة فى عمره، فمات وهو يسقى النخيل». وتضيف: «من بعد زوجى ظللت أهتم بالحديقة بمفردى، لأن ابنى يعمل مدرساً بالأزهر فى نصر النوبة، وطبعاً كنا نعتمد على البئر الخاصة بشركة مساهمة البحيرة، باعتبارها المصدر الوحيد للمياه فى قسطل، إلى أن بدأت كل مشاكلى بتعطل ماكينة الرفع الخاصة بالبئر منذ أكثر من عامين، وتخلت شركة مساهمة البحيرة عن تصليحها، فأصبحت لا أجد الماء لأسقى الزرع، فمات معظمه، وأوشكت الأرض على البوار». وتواصل الحاجة طاهرة، ذات التسعين عاماً، قائلة: «فى الأعوام السابقة كان عندما يحدث أى عطل بسيط أو نقص فى الجاز، كنا نعالجه على نفقتنا، لكن الآن البئر تعطلت تماما، ونحن بلا حيلة، والهيئة تماطل فى إصلاح البئر، والحكومة لاتعرف عنا أى شىء أصلاً، والمحصلة ضياع تعب 32 عاماً فى أقل من سنتين».

عن الحياة فى «قسطل» تقول الحاجة طاهرة: «العيش هنا بلا ماء ولا كهرباء ولا أى خدمات، فالمياه والكهرباء يصلان لنا عبر شركة مساهمة البحيرة، وإذا تعطلت الشركة لأى سبب أو تركت القرية فلن تتوافر لنا سبل الحياة».

وتضيف: «أغلب السكان طفشوا من المكان بسبب انعدام الخدمات، وحتى الكبار فى السن الذين تمسكوا بالبقاء فى أرضهم توفوا، وبدأ العدد يقل تدريجياً، وأصبح المكان طارداً لكل من فيه، رغم أن أصحاب المكان الذين تم تهجيرهم فى عهد عبدالناصر إلى نصر النوبة، يريدون العودة، ولكن كيف يعودون إذا كان لا يتوفر لهم أو لأبنائهم أقل الخدمات مثل الماء والكهرباء». وعن ذكرياتها عن التهجير ومن تولى حكم مصر تقول: «عبدالناصر كان يكرة كل النوبيين، ولم يهتم بهم أو بمشاكلهم، حتى عندما جاء إلى أبوسمبل أثناء نقل المعبد لم يهتم بزيارة السكان أو السؤال عنهم.. وكان يريد القضاء علينا كلياً، ولذلك قام بتشتيتنا وتهجيرنا من أرضنا، أما السادات كان أبونا الروحى، وعندما وجد النوبيين غير قادرين على التكيف فى أرض التهجير بكوم أمبو، سمح لنا بالعودة إلى أراضينا، بل وجاء لزيارتنا حتى أنه كان شاهداً على عقد زواج أحد أبناء القرية، فهو كان يحب النوبة والنوبيين، وأذكر أنه بعد وفاته لم نجد من يهتم بنا، وقال لنا المهندس حسب الله الكفراوى، الذى كان وزيراً للتخطيط آنذاك أبوكم مات وإحنا فطمناكم». وعن رأيها فى الرئيس السابق حسنى مبارك تقول: «الحمد لله إنه راح، لأنه قضى علينا وقطع رقابنا، ولم يعرف عن النوبيين أى شىء». وعن الخدمات فى «قسطل» تقول: «مطالبنا بسيطة وعادية مثل المياه والكهرباء ووسائل النقل، فنحن عشنا بلا أى وسيلة للنقل حتى العام الماضى، حينما اشترت لنا إحدى المؤسسات الخيرية توك توك، لنستخدمه كوسيلة للمواصلات من القرية إلى العبارة والعكس».

وتضيف: «كما أن القرية لا يوجد بها مستشفى، وكثير من الأطفال يموتون بسبب عدم وجود خدمات طبية، وأيضاً عدم وجود وسيلة للنقل سوى عبارة القوات المسلحة والتى تتحرك 3 أيام فى الأسبوع فقط من وإلى أبوسمبل وغير ذلك فنحن معتقلون داخل قسطل». رغم كل المتاعب التى تعانيها الحاجة طاهرة، فإنها أكدت عدم استعدادها إطلاقاً لترك أرضها، وقالت: «هذه أرضى التى ولدت وتربيت عليها، وهى مناسبة لحياتنا وطبيعتنا التى تميل إلى الأماكن الواسعة المفتوحة، وليس الأماكن الضيقة والمغلقة التى تم تهجيرنا إليها فى نصر النوبة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية