x

«أبى فوق السقالة»: حمزة تجاوز الـ90 ويعمل «بنّا» لينفق على أبنائه

الجمعة 16-03-2012 18:53 | كتب: سحر المليجي |
تصوير : اخبار

فوق حائط لم يكتمل بناؤه، توقف قليلاً عن العمل ليجفف عرقه المتصبب على جبينه من شدة التعب، ثم واصل عمله فى بناء الحائط الذى يزيد عرضه على 50 سنتيمتراً، وبين حين وآخر يتوقف ليلتقط أنفاسه ويريح ذراعيه من الأثقال التى يحملها. فى سيوة الكل يعرف حمزة محمد، شيخ البنائين، الذى تجاوز عمره 90 عاماً، ورغم ذلك لم يتوقف عن ذلك العمل الشاق، الذى يعمل به منذ 45 عاماً.

الجفون المنتفخة والأوردة النافرة والوجه الملىء بالتجاعيد.. علامات قد توحى بكبر السن وضعف البنيان وتأخر الصحة، لكنها بالنسبة لعم حمزة ليست دليلاً على الشيخوخة وإنما على قصة كفاح طويلة بدأها منذ سنوات طويلة، ورغم ظهور تلك العلامات - التى تدعو أصحابها إلى التوقف عن العمل - فإنه لم يتوقف ولم يجلس فى بيته معتمداً على أبنائه فى الإنفاق عليه، وإنما واصل العمل الشاق الذى اعتاد عليه. عم حمزة اشتهر ببناء البيوت على النظام السيوى القديم الذى يتم بناؤه من الحجارة و«الكرشيف»، وهو عبارة عن خليط من التراب والرمل وماء وملح البحيرة، ليكون مزيجاً قوياً قادراً على إمساك الأحجار ببعضها البعض، ثم يتم تسقيفه من فروع النخيل وأشجار الزيتون، وهو نظام معمارى يحافظ على سيوة محمية طبيعية ويوفر برودة للبيوت فى الصيف ودفئاً فى الشتاء.

وقال عم حمزة: «لا أستطيع التوقف عن العمل فأنا أنفق على أسرتى من هذا العمل، كما أننى لا أحتمل الجلوس فى المنزل لفترات طويلة.. فالعمل عبادة، وأنا مازلت قادراً على العطاء». ورغم الجهد الكبير الذى يبذله عم حمزة فى العمل، وخاصة مرحلة جلب «الكرشيف» من البحيرة والأحجار من الصحراء، فإنه سعيد لأنه يحافظ على مهنته من الانقراض: «المهنة كادت تنقرض، بعد غزو سيوة بالطوب الأحمر والأسمنت، لولا دخول السياحة البيئية إلى سيوة التى فرضت الحفاظ على الطراز المعمارى السيوى، والبناء بالكرشيف، بعد أن أثبتت الدراسات إنه مفيد للمناخ السيوى الذى تعيبه الحرارة الشديدة فى الصيف والرطوبة الشديدة فى الشتاء، إلا أن أهالى سيوة أصبحوا يفضلون البناء بالطوب الأحمر، مع تغطية واجهات منازلهم بطبقة من الكرشيف، للحفاظ على سيوة كمحمية طبيعية».

«باب النجار مخلع».. مثل ينطبق على عم حمزة، فرغم تخصصه فى بناء البيوت على الطراز السيوى، فإنه بنى منزله بالطوب الأحمر، لأن البناء بالطريقة القديمة، أصبح مكلفاً جداً، بعد تهافت أصحاب الفنادق عليه، لدرجة أن تكلفة بناء حجرة واحدة بهذه الطريقة تتراوح بين 5 و8 آلاف جنيه، فضلاً عن حاجتها للصيانة سنويا، ويرجع ارتفاع التكلفة مقارنة بالماضى إلى ارتفاع أسعار أخشاب الزيتون والنخيل، التى يحرص أهل الواحة على عدم قطعها لأنها مصدر رزقهم، كما أن الطلب على البناء القديم زاد مع زيادة أعداد الفنادق والأماكن الحكومية مثل متحف البيت السيوى، ومركز استعلامات سيوة الجارى بناؤه حالياً بالطريقة القديمة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية