x

سوق الغاز.. ساحة للصراع القطري–المصري على النفوذ الإقليمي

الجمعة 16-03-2012 18:25 | كتب: ملكة بدر |
تصوير : اخبار

تمتلك قطر حوالي 15% من مخزون الغاز العالمي، ومع محاولاتها الدؤوب لترسيخ أقدامها إقليميًا، ومنافستها لمصر في دورها الريادي في المنطقة، سعت إلى عقد صفقات تصدير غاز إلى إسرائيل، لتكون بديلاً عن الاتفاقية التي وقعها الجانبان المصري والإسرائيلي.

ومع التفجيرات المتكررة لخط الغاز الذي يربط مصر بإسرائيل، والتي وصلت إلى 13 تفجيراً حتى الآن، بدأت تل أبيب في البحث عن بدائل نظيفة لتوليد الطاقة، كونها في خطر دائم منذ قيام ثورة 25 يناير؛ لتضرر سوق الكهرباء والطاقة الإسرائيلي، والذي يعتمد على الغاز بشكل كبير.

وتعود مفاوضات تصدير الغاز بين قطر وإسرائيل إلى التسعينات، على الرغم من أنها ليست علنية حتى الآن، إلا أن وثائق «ويكيليكس» تحدثت عنها بالتزامن مع زيارة أمير قطر لمصر العام الماضي.

فيما كانت المفاوضات جارية لاستيراد إسرائيل غازًا طبيعيًا من مصر في التسعينيات، كانت مفاوضات أخرى تتم بين الطرفين القطري والإسرائيلي لتصدير الغاز لتل أبيب، لكن لم يتم التوصل إلى شيء بعد رفض وزير البنية التحتية في الحكومة الإسرائيلية آنذاك آرييل شارون شراء الغاز الطبيعي من قطر. واعتبر الخيار مرفوضًا تماما من جانب إسرائيل بحلول عام 1997، حسبما أوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.

وفي عام 2008، ومع بدء ضخ الغاز المصري لإسرائيل، تكررت المحاولة، عندما التقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبى ليفنى مع وزير الطاقة القطري بهدف بدء ضخ الغاز، لكن لم يتم التوصل لاتفاق وقتها أيضا.

ويقول الدبلوماسي الإسرائيلي سامي ريفيل في كتاب له، صدر مترجمًا عن العبرية، إن وصول أمير قطر للحكم جعله يوطد فورًا علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف أن حمد بن خليفة آل ثان صرح بوضوح على إحدى قنوات شبكة «إم بي سي» بعد توليه الحكم بشهور قليلة أن «هناك خطة لمشروع غاز بين قطر وإسرائيل والأردن ويجرى تنفيذها».

وفي مايو 2011، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن قطر عرضت غازها على إسرائيل «لمدة غير محدودة وبأقل من أسعار السوق»، مستغلة في ذلك تضرر إسرائيل بشكل كبير من توقف ضخ الغاز المصري إليها، بسبب التفجيرات المتتالية لخط الغاز في سيناء، الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية لزيادة أسعار الكهرباء.

وقالت «يديعوت أحرونوت» إن وسائل إعلام عربية أشارت إلى أن وزير الصناعة القطري حسن عبد الله فخرو عرض الخطة على نظيره الإسرائيلي في محادثة تليفونية، وأخبره أن قطر ترغب في عقد صفقة لتصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل بدلا من مصر، وما كان من جانب الوزير الإسرائيلي سوى أنه أعلن «تثمين بلاده للعرض القطري».

السوق الإسرائيلية لم تعد الساحة الوحيدة للمنافسة المصرية – القطرية في مجال تصدير الغاز، الأردن هي الأخرى تحولت لساحة منافسة بين الدولتين. وهي الدولة المتضررة بشكل أكبر من تفجيرات خط الغاز في سيناء، وهو الخط الذي ينقل الغاز إليها أيضا إلى جانب إسرائيل.

ففي مطلع يناير هذا العام، نشر موقع «آروتز شيفع» الإسرائيلي الإخباري خبرًا يقول إن الأردن «تفكر في الاتجاه لاستيراد الغاز من قطر بسبب التفجير المتكرر لخط الغاز الطبيعي المصري في سيناء»، وأن السلطات الأردنية بالفعل اجتمعت لبدء صفقة مع نظيرتها القطرية، خاصة أن الأردن تعتمد على الغاز الطبيعي المستورد من مصر بنسبة 80%. وأوضحت وكالة «بترا» الأردنية للأخبار أن توقف الغاز المصري يكلف الخزينة العامة للمملكة 5 ملايين دولار يوميًا.

وهذا يرجح وجود خطوات عملية من الجانب الإسرائيلي في نفس الصدد، لسد العجز في مصادر توليد الطاقة وانخفاض الاحتياطي الإسرائيلي من الغاز، أكدها موقع «آروتز شيفع» قائلا إن إسرائيل «تعيد التفكير في خياراتها خاصة وأنها تتلقى أكثر من 40% من إمدادات الغاز الطبيعي من مصر».

وتقول إحدى وثائق ستراتفور المعلن عنها مؤخرًا إن قطر بالفعل عرضت غازها على إسرائيل، وزادت تلك العروض بعدما أثارت صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل جدلا كبيرًا، تحديدًا بعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، ومحاكمته وعدد من رموزه بسبب تلك الصفقة، بالإضافة إلى الهجوم المتكرر على خط أنابيب الغاز الذي يمد الأردن وإسرائيل.

وأضافت الوثيقة أن إسرائيل مهتمة للغاية بتطوير آبار الغاز الساحلية لديها «تامار» و«ليفياتان» رغم أن العملية قد تستغرق سنوات. وأوضحت من خلال مصادر إسرائيلية أنه «بالرغم من أن قطر أكثر أمانًا لإسرائيل فيما يخص تصدير الغاز الطبيعي، فإن تل أبيب لا يوجد أمامها إلا الاستيراد من مصر على المدى القصير والاستجابة لمطالب القاهرة بتغيير بعض بنود الصفقة الإسرائيلية المصرية».

ويرى د. أسامة عبد الخالق، خبير الاقتصاد بجامعة الدول العربية، أن هناك «صراعا بين قطر ومصر يثير التعجب والاستفهام حول موضوعين، أولهما هو موقف الدول العربية الغريب من مصر شعبًا وحكومة»، مشيرًا إلى أن العالم مترقب لمعرفة أسباب «التخاذل العربي الخليجي».

والسبب الثاني الذي يثير التساؤل هو أن إسرائيل أعلنت اكتشافها حقول غاز طبيعي لديها تكفي للاستهلاك المحلي والتصدير، وبدأت بالفعل في عقد صفقات مع أسبانيا وتركيا وغيرها، «فلماذا تحتاج إلى شراء الغاز من الدول العربية ولديها ما تحتاجه؟».

واعتبر أن «هناك تحالفا بين قطر وإسرائيل للضغط على مصر سياسيا وتهديد مصالحها إقليميا خاصة منذ بدء محاكمة مبارك»، موضحًا أن كل الدول العربية «خذلت مصر» بعد الثورة، وهو ما يصب في مصلحة إسرائيل في النهاية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية