شهدت قاعات مطار القاهرة الدولى العديد من المفارقات غير العادية التى تحدث فى المطار الذى تتسم الحركة فيه غالباً بدقة المواعيد ووضوح المعلومات الخاصة بعمليات السفر والوصول والمسموح لهم بالسفر من عدمه، وهو ما لم يحدث فى رحلة المتهمين الأجانب الـ17 فى قضية تمويل المنظمات الأجنبية، وكانت الشائعات وانعدام المعلومات هى البطل فى أروقة المطار، وبالقرب من صالة 4 التى سافر منها المتهمون الذين أشاروا بعلامات النصر أثناء خروجهم من المطار بشكل رسمى.
بدأت الحركة غير العادية منذ الصباح الباكر ليوم الخميس عندما وصلت طائرة أمريكية صغيرة قيل إنها حربية لطبيعة تكوينها وتصميمها، إلا أنها لم تحمل أى شعار يشير إلى طبيعتها العسكرية سوى علم الولايات المتحدة. وعقب وصول الطائرة سادت المطار حالة من الحذر والترقب، وشهدت صالة 4 التى هبطت بها الطائر كثافة أمنية كبيرة.
ورغم وصول الطائرة فى موعد مبكر إلا أن ذلك لم يصاحبه وصول تعليمات كتابية لإدارة المطار بإلغاء قرار حظر سفر عدد من الأجانب المتهمين فى قضية التمويل غير المشروع لمنظمات المجتمع المدنى، وهو ما تسبب فى حالة من الدهشة للعاملين فى المطار، حتى إن بعض العناصر الأمنية المكلفة بتأمين الصالة من الخارج اعتقدت أن الاعلاميين لديهم معلومات موثقة بمواعيد السفر، وتساءلوا إن كان صدر قرار بإلغاء قرار حظر السفر، وهو ما نفاه الصحفيون الذين أكدوا عدم صدور القرار بعد، وعلى غير المعتاد فإن الجميع سواء من المسؤولين الأمنيين أو الإعلاميين أو المسافرين العاديين، حاول الحصول على أى معلومات مؤكدة حول قرار إلغاء سفرهم.
من جانبها، التزمت سلطات المطار بتطبيق القانون مع طاقم الطائرة الأمريكية ورفضت السماح لهم بعبور المنطقة الجمركية وأبقت عليهم داخل استراحة صالة 4 القريبة من المهبط، وفسر أحد المصادر هذا الإجراء بأنه أمر طبيعى نظرا لعدم حصولهم على تأشيرة لدخول البلاد.
ووسط هذه الحالة من عدم وجود أى معلومات بدأت الشائعات فى الانتشار، وتباينت الأخبار حول قيام طاقم الطائرة بدفع غرامة مالية نظير هبوطها على أرض مطار القاهرة، وأن الغرامة تراوحت بين 50 ألفاً و500 ألف جنيه، إلا أن المصادر استبعدت ذلك، لافتة إلى أنه طالما سُمح للطائرة بالهبوط على الأراضى المصرية فإن ما تدفعه الطائرة هو الرسوم العادية فى مثل هذه الحالات والمتعارف عليها فى المواثيق الدولية، بالإضافة إلى رسوم الخدمة والصيانة المعروفة، التى تتفاوت من حالة إلى أخرى، وبصفة عامة فقد رفضت معظم المصادر الإفصاح عن القيمة الحقيقية التى دفعتها الطائرة نظير هبوطها وهل هى غرامة أم رسوم عادية.
واستمرت حالة الغموض وانتشار الشائعات فى أروقة المطار حتى وصل مندوب من السفارة الأمريكية ظهر الخميس إلى مطار القاهرة وبصحبته الملحق العسكرى الأمريكى بالسفارة، الأمر الذى دفع كل الجهات الأمنية والسيادية إلى رفع درجة الاستعداد لاستقبال المتهمين الأجانب إلى الدرجة القصوى وأغلقت القوات معظم أبواب الصالة، وبعد ما يقرب من ساعتين وصل إلى المطار شخصان من موظفى السفارة الأمريكية.
وحتى الساعة الخامسة من مساء الخميس لم يكن أحد يعرف من سيأتى إلى المطار أو عددهم أو جنسياتهم، وتباينت التكهنات ما بين وصول 8 أفراد فقط ووصول 19 شخصاً، وفى الخامسة والنصف وصلت معلومات إلى مسؤولى المطار بأن عدد الأجانب المقرر سفرهم 17 فرداً منهم 3 أفراد سبق أن صدر قرار بالسماح لهم بالسفر والـ14 فرداً الآخرون سيتم إرسال قرار السماح لهم بالسفر عبر الإنترنت بالإضافة إلى قرار مكتوب سيكون بصحبتهم.
وفى السادسة إلا الربع وصلت أربع سيارات جيب تحمل لوحات دبلوماسية إلى أرض المطار وخرج منها 17 فردا من الأجانب المتهمين، بالإضافة إلى عدد من المرافقين والمراقبين والإعلاميين، وفور وصول الأجانب إلى المطار خضعوا لإجراءات أمنية وتفتيش دقيق، ودخلوا من الصالة إلى الطائرة مباشرة، وبمراجعة الجوازات اتضح أنهم مواطنون أمريكيون وألمان ونرويجيون وصرب ولبنانيون واستقلوا جميعاً الطائرة دون انتظار، إلى مطار لارناكا بقبرص، قبل أن يستقل كل شخص منهم طائرة إلى بلاده.
وتسببت إشارات النصر التى رفعها المتهمون أثناء سفرهم من مطار القاهرة فى حالة من الحزن والضيق لجميع المصريين الذى تواجدوا فى المطار أثناء مغادرتهم، وإن تباينت الآراء حول سلامة موقف مصر من هذا الإجراء.