مازالت ردود الفعل إزاء «الفيلم المسيء» للرسول مستمرة في عدد من الدول العربية, بينما لم يشهد الشارع الإسلامي في أوروبا عامة والنمسا خاصة هذا الحجم الهائل من الغضب.
لفهم وتحليل تلك الظاهرة، التقت «المصري اليوم» في فيينا، جمال مراد، المسؤول الثقافي بالهيئة الدينية الإسلامية الرسمية بالنمسا، والمسؤولة عن إدارة الشؤون الدينية والثقافية لأكثر من نصف مليون، هم عدد المسلمين في النمسا من أصل 8 ملايين هم عدد السكان فى البلاد.
تركز الحوار على الأهداف الخبيئة وراء عرض الفيلم في هذا الوقت، وتقييمه لردة الفعل في الشارعين العربي والإسلامي، وأسباب عدم خروج رد فعل مماثل للمسلمين في فيينا.
بداية.. كيف تنظر لـ«الفيلم المسيء» الذي أثار ردود فعل غاضبة في الشارع العربي؟
الفيلم تقف وراءه مؤسسات عالمية كبيرة. لا يمكن لشخص بمفرده أن يتجرأ على إهانة رمز إسلامي حظي باحترام أكثر من مليار ونصف مليار مسلم. هو عمل خسيس وطريقة وقحة وأسلوب فج تحت مزاعم حرية الرأي والتعبير.
ومن الذين قاموا بهذا العمل؟
في اعتقادي أنها جهات تحاول التسويق لصورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، مثلما حدث في الدانمارك قبل سنوات. وأعتقد أن هذه الجهات تمثل تكتلات سياسية وصهيونية لها أهداف سياسية معينة لن تكون فى صالح المسلمين بأي حال من الأحوال.
وكيف ترى رد فعل الشارع العربى على الفيلم؟
لا أفهم موقف الذين يخرجون للمظاهرات في الشوارع ويعتدون على الأرواح والممتلكات, رغم أن هناك طرقا أفضل للتعبير عن الغضب. أنا أدين الهجمات الذى تعرضت لها بعض السفارات الأمريكية وراح فيها ضحايا وأصيب آخرون. هذه الأفعال أساءت للإسلام أكثر من الفيلم نفسه. أنا أعتقد أن صانعي الفيلم كان هدفهم إظهار ردة الفعل الإسلامية والعربية للتأكيد على أنهم شعوب همجية وغوغائية.
وما الصورة التي كان يجب أن تكون عليها ردة الفعل؟
لابد من التعبير عن غضبنا بالطرق السلمية وإبراز الأخلاق الكريمة لرسولنا، فعندما هاجر النبي من مكة إلى المدينة صادر المشركون والكفار بيوت وممتلكات الصحابة, وعندما عادوا مرة أخرى لم ينتقم الرسول من هؤلاء المشركين والكفار بل قال عبارة خالدة تؤكد أن الإسلام دين العفو والتسامح: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». نصرة الرسول يجب أن تكون على النهج نفسه لتعريف العالم بأسره بدعوة محمد الحقيقية التي ترتكز على التسامح والأمن والسلام لا القتل والتدمير والتخريب.
ماذا عن رد الفعل في الشارع الإسلامى في النمسا؟
في الحقيقة، جاءنا شباب مسلم في النمسا يريدون الخروج في مظاهرات للتعبير عن غضبهم، لكننا نصحناهم بالتخلي عن الفكرة وبالتعبير عن غضبنا للرسول بطرق أخرى أكثر تحضرا. اقترحنا عليهم توزيع منشورات في أماكن معينة في النمسا وعقد لقاءات ومحاضرات للتعريف بالرسول الكريم وأخلاقه الحميدة، وترجمة كتب عن سيرته.
أفضل تعبير عن الحب والغضب هو أن نحول القضية من إساءة إلى أعمال معبرة ومنتجة تخدم القضية الإسلامية وتنشر السيرة النبوية. ولعل الفرق بين ردة الفعل فى بعض الدول العربية والإسلامية مقابل رد فعل المسلمين في أوروبا يرجع إلى أن المسلمين فى الدول العربية يمثلون الأكثرية.
ما الذي قامت به الهيئة فعلا للتعريف بالرسول؟
ستنطلق نهاية شهر سبتمبر الجاري حملة سنوية للتعريف بالنبي، ينظمها الاتحاد الإسلامي في النمسا, وتتضمن نشر حديث أو حديثين للرسول، في لوحات الإعلانات بالنمسا, منها إعلانات مضاءة وأخرى فى شكل صور.
هذه الأحاديث سيتم اختيارها بعناية بحيث تترك أثرا في نفوس النمساويين، بأن تتضمن قيمة اجتماعية أو ثقافية يفتقدها الغرب, مثل علاقة المسلم بأهله وجاره وغير ذلك. هذه الحملة بدأت مباشرة بعد واقعة الدانمارك وحققنا نجاحات إيجابية كبيرة في السنوات الماضية.
لكن بالتوازي مع ذلك، ألا يجب أن يكون للمسلمين موقف محدد من الدول الغربية؟
نحن نطالب الغرب بسن قوانين موازية لتلك التي تجرم التعرض للأشخاص، لتجريم مثل هذه الحملات المسعورة ضد الإسلام ورموزه. كما نطالب الأمم المتحدة بوضع هذه المسألة على جدول أعمالها وأن تدعو لعقد مؤتمر دولي لمناقشة هذه القضية ووضع حلول لها على المستوى العالمي.
سمعنا أن إيران سترد على الفيلم بآخر يجسد شخصية النبي.. ما تعليقك؟
تجسيد رجل عادي لشخصية الرسول يخدم الصهيونية التي تريد اختزال الأنبياء في مثملين وتصويرهم كأنهم من البشر العاديين حتى تستقر في الأذهان هذه الصورة، وبالتالى تدعم المحاولات الهادمة لصلب العقيدة الإسلامية. نحن ندين أي عمل فني يصور النبي محمد أو السيد المسيح أو أي رسول في أفلام سينمائية، لأنها تصطدم بالعقيدة الإسلامية.