لقي متظاهران مصرعهما برصاص قوات الأمن التونسية، وأصيب العشرات خلال مواجهات عنيفة بين الشرطة، ومئات من المحسوبين على التيار السلفي، هاجموا مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة تونس احتجاجًا على «الفيلم المسيء» للرسول، فيما قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي في خطاب عبر التليفزيون الرسمي إن «استفزازات» المجموعات الدينية المتشددة في بلاده «قد تجاوزت الخط الأحمر»، وطالب المزورقي الحكومة بأن «تتحمل مسؤوليتها كاملة في وقف هذا الخطر (السلفي) الداهم الذي أصبح لا يهدد فقط حقوقنا وحرياتنا التي اكتسبناها بعد صراع طويل وإنما أيضا علاقاتنا الدولية وصورة بلادنا في الخارج ومصالحها الحيوية».
ودعا التونسيين إلى «إدانة هذه المجموعات (السلفية) التي تريد أن تفرض قانونا فوق قانون الجمهورية وتفويت الفرصة على كل دعاة الفتنة من أي جهة كانت والتمسك بالهدوء وضبط النفس حتى نواصل بناء مؤسساتنا وإحلال الاستقرار والأمن وكلها الشروط الضرورية لتقدم بلادنا ورفاهتها».
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في حصيلة «غير نهائية» نشرتها، في وقت متأخر من مساء الجمعة، أن المواجهات أسفرت عن مقتل 2 من المتظاهرين برصاص الأمن، وإصابة 28 آخرين، و22 عنصر أمن، وأضافت أنه تم اعتقال 28 شخصًا من المتورطين في أعمال العنف.
وتسلق محتجون أسوار السفارة الأمريكية باستعمال سلالم، وأحرقوا سيارات في مرآبها كما هشموا زجاج نوافذ بعض أبنية السفارة، وأنزلوا العلم الأمريكي من فوقها وأحرقوه واستبدلوه براية سوداء.
وقالت وزارة الداخلية، إن المتظاهرين أحرقوا سيارة أمنية، وأضرموا النار في 68 سيارة، وشاحنتين، ورافعة دون أن توضح إن كانت هده العربات تابعة للسفارة الامريكية أم لا.
وقال التليفزيون الرسمي التونسي نقلا عن مصدر أمني إنه تم إخلاء كل العاملين في السفارة الـ85 وضمنهم السفير.
وأحرق المتظاهرون المدرسة الأمريكية القريبة من السفارة، والتي قال مديرها إنها تعرضت إلى النهب بالكامل، ويدرس في هذه المؤسسة التعليمية طلاب من 68 دولة، بحسب المدير، ويعمل فيها أكثر من 200 مدرس.
وهشم المتظاهرون سيارتين تابعتين للتليفزيون التونسي، واعتدوا على صحفيين تونسيين وأجانب.
وتمكنت قوات الشرطة معززة بقوات من الحرس الوطني والجيش ومدرعات، من صد المتظاهرين بعد ثلاث ساعات من المواجهات، وقال علي العريض، وزير الداخلية والقيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، للتليفزيون الرسمي، إنه تم الدفع بتعزيزات أمنية كبرى إلى السفارة.
وشوهدت مساء الجمعة عناصر من مشاة البحرية الأمريكية «المارينز»، فوق أسطح السفارة الأمريكية بحسب تليفزيون «نسمة» الخاص.
وقال الرئيس التونسي منصف المرزوقي في خطاب عبر التليفزيون الرسمي إن «استفزازات» المجموعات الدينية المتشددة في بلاده «قد تجاوزت الخط الأحمر».
وطالب المزورقي الحكومة بأن «تتحمل مسؤوليتها كاملة في وقف هذا الخطر (السلفي) الداهم الذي أصبح لا يهدد فقط حقوقنا وحرياتنا التي اكتسبناها بعد صراع طويل وإنما أيضا علاقاتنا الدولية وصورة بلادنا في الخارج ومصالحها الحيوية».
ودعا التونسيين إلى «إدانة هذه المجموعات (السلفية) التي تريد أن تفرض قانونا فوق قانون الجمهورية وتفويت الفرصة على كل دعاة الفتنة من أي جهة كانت والتمسك بالهدوء وضبط النفس حتى نواصل بناء مؤسساتنا وإحلال الاستقرار والأمن وكلها الشروط الضرورية لتقدم بلادنا ورفاهتها».
وذكر بأن التيارات الدينية المتشددة «تسعى منذ شهور للضغط على المجتمع والدولة لفرض ما لا تستطيع فرضه بالحجة أو بورقة الاقتراع».
وقال المرزوقي «أصدرت أوامري لوزير الدفاع، وقيادة الجيش وطلبت من وزير الداخلية أخذ كل التدابير والإجراءات لحماية الجمهورية والثورة ونظامنا الديمقراطي، وصورتنا ومكانتنا بين الشعوب الحرة والصديقة، وذلك في إطار احترام القانون والقيم التي ناضلنا دوما من أجلها».
وأضاف: «كنا سنتفهم غضب المتظاهرين ونشاركهم إياه لو اكتفوا بمظاهرة سلمية في إطار ما يضمنه القانون كحق من حقوق التونسيين في دولتهم الديمقراطية الجديدة، أما أن يدمروا ويحرقوا ويحاولوا الاعتداء على ممثلي دولة صديقة هم في ضيافتنا وفي حمايتنا فهذا أمر مدان بمنتهى الشدة ومرفوض جملة وتفصيلا».
وتابع: «أكدت لي (وزيرة الخارجية الأميركية) السيدة هيلاري كلينتون في مكالمة هاتفية إدانتها المطلقة وإدانة الحكومة الأميركية والرئيس (الأميركي باراك) أوباما شخصيا للفيديو الحقير الذي تسبب في هذه الأزمة».
ومضى يقول مخاطبا التونسيين: «أعلمكم أننا بدأنا إجراءات رفع قضية دولية ضد المتسبب في الإساءة للرسول الكريم أسوة بالأشقاء المصريين وبالتنسيق معهم».
ولفت إلى أنه «لا الحكومة الأمريكية ولا الشعب الأمريكي يتحمل أدنى مسؤولية بخصوص تصرفات أشخاص يسيئون لبلدهم قبل أن يسيئوا لبلدنا لأن خلطا كهذا يعني أنه يحق للأمريكيين مؤاخذة الحكومة التونسية أو الشعب التونسي بجريرة تونسيين يرتكبون عمليات إجرامية أو إرهابية».