احتج مئات آلاف المسلمين الجمعة فى العديد من الدول العربية والإسلامية احتجاجاً على الفيلم المسىء للرسول، صلى الله عليه وسلم، بينما أعربت الولايات المتحدة عن مخاوفها من تفشى موجة العنف ضد بعثاتها الدبلوماسية فى الخارج فى إطار موجة المظاهرات المنددة بالفيلم بعد اقتحام سفارتيها فى اليمن ومصر وقنصليتها فى ليبيا، فى الوقت الذى توالت فيه ردود الفعل المنددة بالفيلم وسط مطالبات بوضع تشريع يجرم الإساءة للأديان السماوية والرسل. ومن دول «الربيع العربى» خرجت مظاهرات، الجمعة، لتقدم لأمريكا «خريفاً غاضباً» ضد الإساءة للإسلام.
واقتحم المئات من السلفيين المتشددين سور مبنى السفارة الأمريكية فى تونس وأنزلوا العلم الأمريكى وأضرموا النار فى أشجار داخل مجمع السفارة، بعد أن كسروا نوافذها بالحجارة، وحاولت الشرطة تفريقهم بالغاز المسيل للدموع ولجأت إلى إطلاق الرصاص، مما أسفر عن إصابة 5 محتجين على الأقل، ورد المتظاهرون بإلقاء زجاجات حارقة.
وفى الخرطوم، نجح آلاف المحتجين فى اقتحام السور الخارجى للسفارة الأمريكية وأشعلوا النار فى السيارات الموجودة داخل السور، كما أشعلوا عدة حرائق قرب السفارة، إلا أن حراس السفارة وقوات الشرطة أطلقوا النار من فوق المبنى لمنع اقتحامه، بينما ترددت أنباء عن مقتل 3 متظاهرين دهساً بسيارات الشرطة.
واقتحم متظاهرون سودانيون السفارة الألمانية فى الخرطوم وأنزلوا العلم الألمانى ورفعوا علم الخلافة الإسلامية قبل أن يضرموا النار فى المبنى ويعبثوا بمحتوياته، وأكدت الخارجية الألمانية أن سفيرها والدبلوماسيين فى أمان، وحاول محتجون اقتحام السفارة البريطانية بالخرطوم، وبينما استدعت الخارجية السودانية القائم بالأعمال الأمريكى والسفير الألمانى لديها وأبلغتهما باحتجاج الخرطوم على الفيلم، استدعت برلين السفير السودانى احتجاجاً على اقتحام مقر بعثتها، كما اقتحم متظاهرون القنصلية الأمريكية فى الهند وتصدت لهم الشرطة واعتقلت العشرات منهم. وفى اليمن، تجددت المظاهرات المنددة بفيلم «براءة المسلمين» المسىء فى صنعاء وعدة مدن لليوم الثانى على التوالى بعد اقتحام السفارة الأمريكية ومقتل 4 أشخاص، وأغلقت قوات الأمن الشوارع المحيطة بالسفارة، بينما تجمع الآلاف قرب المبنى مرددين هتافات: «الموت لأمريكا والموت لإسرائيل»، وطالبوا برحيل السفير الأمريكى وأحرقوا العلم الأمريكى، وأطلقت الشرطة النار فى الهواء، وخراطيم المياه لتفريق محتجين حاولوا الاقتراب من السفارة، فيما وصلت مجموعة من قوات المارينز الأمريكية لتعزيز أمن السفارة. وقالت واشنطن إنها تتوقع المزيد من الاحتجاجات وإن السفارة ستغلق خدماتها القنصلية اليوم «السبت»، وجابت مسيرات حاشدة شارك فيها عشرات الآلاف شوارع مدينة تعز تنديدا بالفيلم، وطالبوا منتجى الفيلم والحكومة الأمريكية بالاعتذار عن الإساءة للإسلام.
وفى الكويت، تجمع حوالى مئات المتظاهرين قرب السفارة الأمريكية رافعين علما لتنظيم القاعدة احتجاجا على الفيلم المسىء، وهتفوا «أوباما كلنا أسامة». وتجمع المتظاهرون على مسافة حوالى 500 متر من السفارة بعدما منعتهم الشرطة من الوصول إليها. وانضم 5 نواب إسلاميين إلى المتظاهرين للمطالبة بطرد السفير الأمريكى. وهتف المتظاهرون «الشعب يريد طرد السفير».
وفى القدس المحتلة، تظاهر آلاف الفلسطينيين داخل المسجد الأقصى وفى نابلس ومدن أخرى بالضفة تنديدا بالفيلم المسىء للرسول، ودفعت قوات الاحتلال بالآلاف من عناصرها تحسباً لاندلاع مظاهرات تندد بالفيلم، وانتشر الجنود فى القدس القديمة وقرب المسجد الأقصى والأحياء العربية بجانب المناطق اليهودية وتعهدت الشرطة بقمع أى احتجاجات عنيفة كالتى وقعت فى بعض الدول العربية، ويأتى ذلك بعد مظاهرات للحركة الإسلامية فى إسرائيل أمام السفارة الأمريكية فى تل أبيب. وفى غزة تظاهر مئات الفلسطينيين فى ساحة المجلس التشريعى بغزة تنديدا بالفيلم.
وفى دمشق، ورغم الحرب الدائرة تجمع مئات المواطنين أمام السفارة الأمريكية احتجاجا على الفيلم المسىء. وخرجت حشود قادها الإخوان والسلفيون فى الأردن وسط إجراءات أمنية مشددة قرب السفارة الأمريكية تنديدا بالفيلم، وحرقوا الأعلام الأمريكية رافعين الرايات السوداء، بينما عزلت قوات الأمن المنطقة المحيطة بالسفارة خشية اقتحامها وهتفوا.. «بالروح بالدم نفديك يا رسول الله»، و«أمريكا عدو الله»، «لا سفارة أمريكية فوق أرض أردنية»، وطالبت الإخوان بمقاطعة البضائع الأمريكية.
وتظاهر آلاف العراقيين فى غالبية البلاد خاصة المدن السنية وحرقوا العلمين الأمريكى والإسرائيلى، وطالبوا بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة وطرد سفير واشنطن، وهتفوا «إلا رسول الله»، وطالبوا واشنطن بالاعتذار عن الفيلم المسىء. وهدد قيس الخزعلى، قائد عصائب الحق - وهى ميليشيا شيعية عراقية - باستهداف المصالح الأمريكية فى بلاده.
وتظاهر مئات الإيرانيين أمام مقر السفارة السويسرية التى تقوم بأعمال السفارة الأمريكية، ورفعوا نسخاً من القرآن وهتفوا «الموت لأمريكا» و«الموت لإسرائيل». وطلب المرشد الأعلى على خامنئى من الولايات المتحدة «معاقبة» صانعى فيلم «براءة الاسلام»، وأكد أن «المسؤول الأول عن هذه الجريمة هو الصهيونية والحكومة الأمريكية».
وأفادت قناة «الجزيرة» بتظاهر مئات القطريين احتجاجاً على الفيلم بالقرب من سفارة واشنطن. وخرج مئات العمانيين بعد صلاة الجمعة وسط انتشار أمنى مكثف فى بعض المدن والعاصمة مسقط. وفى المغرب خرجت مظاهرات تلبية لدعوة الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة التابعة لجماعة العدل والإحسان المحظورة تنديدا بالفيلم. واحتج 10 آلاف متظاهر فى كشمير على الفيلم، وأحرق المتظاهرون العلم الأمريكى أمام سفارة واشنطن، ووصفوا الحكومة الأمريكية بأنها «عدو الإسلام»، بينما طالب المفتى الكبير لـ«جامو وكشمير» بشير الدين أحمد الأمريكيين بالرحيل فورا.
وتظاهر الآلاف فى العاصمة الإندونيسية جاكرتا أمام السفارة الأمريكية، احتجاجا على الفيلم، معتبرين أنه «إعلان حرب». وفى الوقت نفسه، حذر تقرير استخباراتى أعده مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف.بى.آى» ووزارة الأمن الداخلى، الإدارة الأمريكية من إمكانية امتداد الحركات الاحتجاجية المناهضة للفيلم المسىء إلى أنحاء الولايات المتحدة، وذلك فى خطوة وصفت بأنها ستكون «استغلال الغضب» السائد حاليا فى الشارع العربى والإسلامى ضد هذا الفيلم. وحذر التقرير من أن هناك خطرا من احتمال اندلاع أحداث عنف داخل الولايات المتحدة، مع استمرار زيادتها فى باقى دول العالم التى تشهد احتجاجات. وأشار التقرير إلى أن مثل هذه الحركات الاحتجاجية إن وقعت فى الولايات المتحدة ستكون واسعة النطاق وستشارك فيها أعداد هائلة.