أعربت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن تقديرها للتدابير التي اتخذتها الحكومات العربية للتصدي لتفشي وباء «كوفيد- 19» المستجد، على صعيدي الاحتواء ومنع الانتشار، وتوفير الرعاية الصحية وخطط للطوارئ متوسطة وبعيدة المدى.
وأكدت المنظمة أنها تنظر بعين التقدير لمنح الأولوية لحماية الصحة العامة، وتدبير احتياجات السكان، وتخصيص الموارد الضرورية، رغم التداعيات السلبية على الاقتصاديات الوطنية والتكلفة الباهظة للتدابير.
واعتبر البيان أن هذا التحدي غير المسبوق جاء كاشفًا لإمكانية ردم فجوات الثقة بين السلطة والمجتمع في الوطن العربي، لافتًا إلى أن الاهتمام بالتفاصيل التنفيذية والممارسات يشكل مدخلا مهمًا في مرحلة التحدي لدعم جهود بناء الثقة المتصاعدة.
وشدد البيان على أنه يأتي في مقدمة هذه التفاصيل الإسراع بمعالجة وضعية السجناء والمحتجزين، وذلك على صعيد المحكوم عليهم أو على صعيد المحتجزين قيد التحقيق والمحاكمة، آخذًا في الاعتبار أن الوباء يشكل تهديدًا للتجمعات بصفة عامة، وتهديدا لكبار السن والمرضى بصفة خاصة.
ودعا البيان إلى الإسراع بالإفراج عن السجناء البالغين ستين عامًا فما فوق والمرضى كمرحلة أولى، مع تنشيط وتكثيف سياسات الإفراج الشرطي والإفراج الصحي لمعالجة التكدسات، بالإضافة إلى إخلاء سبيل الموقوفين على ذمة اتهامات لا تتعلق بجرائم شديدة الغلظة.
من جانبه، قال علاء شلبي، رئيس المنظمة: «أننا بالإضافة لهذه المناشدة، نود أن تلفت انتباه الحكومات إلى التبعات التي قد تنتج عن وفاة أو تهديد سلامة شخصيات عامة من السجناء والموقوفين في قضايا تتعلق بالشأن العام»، مؤكدًا على الدور السياسي للملوك والرؤساء والأمراء في معالجة هذه القضية ذات الطبيعة الخاصة، وتفادي تركها لصانعي القرار الإداري أو الفني.
وأضاف «شلبي»، في تصريحات صحفية، أنه من ناحية أخرى، فإن الدور الإيجابي للمؤسسة الأمنية بتنويعاتها في تنظيم إجراءات العزل وتيسير الأمن العام في المجتمع خلال هذه الأزمة المصحوبة بالمخاوف الإنسانية والاحباطات الاجتماعية، تستدعي حتمًا التحلي بروح القانون خلال تنفيذ فترات العزل الجغرافي وحظر التجوال والقيود على التنقل، والابتعاد عن اللجوء إلى العنف كلما كان ذلك ممكنا.
وطالب «شلبي» بضرورة الأخذ في الاعتبار التفاوت في الموارد والاعتمادات المالية بين البلدان العربية، فإن الدور الطليعي للعاملين في المجال الطبي يقتضي توجيه أقصى مستويات الدعم الممكنة، على الصعيدين المالي والفني، مع توجيه اهتمام خاص وعاجل بالبحث العلمي.
وتابع أن المنظمة العربية تأسف للعقبات التي كبَّلت وجود علاقة رشيدة بين الحكومات والمجتمع المدني خلال الفترات السابقة، وهو ما حد عمليًا من مستوى الإسهام الفعلي للمجتمع المدني في هذه المرحلة الدقيقة، وتدعو المنظمة للتفكير في آليات وقنوات تتيج لمؤسسات المجتمع المدني أن تنشط في أطر تنسيقية مع بعضها البعض لتعظيم مساهماتها الحالية لدعم جهود الحكومات الجارية.
ونوه التقرير إلى أنه ومع تقدير المنظمة لمبادرات عربية تضامنية منفردة جاءت في سياق الأزمة وعكست الروح التضامنية بين البلدان العربية، وبينها وبين دول العالم، فإن توفير آلية تعاون جماعي عربي في التصدي لهذا الخطر الشامل هو أمر بالغ الأهمية، فضلا عما له من جدوى في التعاون وتبادل الخبرات وإتاحة الموارد على تنوعها لمقابلة المخاطر والاحتمالات وتيسير المنافع، كما أنه سيعد أداة مفيدة في تنظيم العمل الجماعي الدولي وتعميم الفوائد المرتقبة منه، إذ يبقى التعاون الدولي هو المدخل الأساس لتجاوز الكارثة الإنسانية الراهنة.
ولفت «شلبي» إلى انتباه الحكومات العربية والمجتمع الدولي لعدد من القضايا ذات الأولوية في إطار مخاطر تفشي الوباء، وخاصة، وضع الأسرى الفلسطينيين المذري في السجون الإسرائيلية، والمخاطر المرتبطة بسياسات التمييز العنصري الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وحاجة السكان في كل من القدس الشرقية المحتلة وشمال الضفة الغربية وقطاع غزة للدعم العاجل والضروري في المجال الطبي والمعيشي في ظل تراكم المعاناة الناتجة عن الحصار والتجويع وتقويض الموارد المتاحة.
ونوه إلى الوضع الخاص بالنازحين في سوريا، وخاصة في شمالي وشرقي سوريا، حيث يعد النازحين من الضحايا الأكثر عرضة للخطر، وبالمثل اللاجئين السوريين في مخيمات الأردن ولبنان اللتين تحتاجان للدعم العاجل للنهوض بمسؤولية رعاية اللاجئين، إضافة إلى وضع السكان في اليمن في ظل حالة الفوضى الشاملة التي تعم كافة أنحاء البلاد، وتمتد أيضا إلى آليات الإغاثة الإنسانية الدولية التي تواصل الفشل بعد الفشل في الوصول للمضارين، وخاصة النازحين.
وذكر «شلبي» وضع السكان والنازحين في مختلف أنحاء ليبيا التي انهارت فيها المؤسسات وتفتقد للبنية التحتية، وتصاعد المخاوف إزاء عجز النظام الصحي المتدهورة في البلاد عن استيعاب كافة مستويات المخاطر بصغيرها وكبيرها، وايلاء العناية برعاية المهاجرين غير النظاميين، وخاصة المحتجزين في مراكز مؤقتة في وضعية معيشة شديدة الخطورة في بعض البلدان العربية.