بينما رحل من كان يحيى ذكراه سنويا على مدار 15 عاما، فإن عشاق وجمهور أحمد زكى كانوا حريصين على أن يظل اسمه يتردد بينهم، خالدا بفنه وشخصياته التى أمتع بها جمهوره على مدى ما يزيد على 30 عاما، تمر هذا العام أول ذكرى سنوية لأحمد زكى دون أن يسترجع ابنه «هيثم» ذكرياته معه بعدما لحق به قبل أشهر، 15 عاما مرت على رحيل النجم الأسمر، الذى ظل حتى لحظاته الأخيرة وفى أزمة معاناته من السرطان محبًا لفنه ومقبلاً على التمثيل وتقديم مشاهده حتى كان آخر مشهد له بالرحيل، وفى هذا الملف نلقى قليلا من مسيرة نجم حفلت أعماله بالتقمص والشخصيات المتنوعة وحب الجمهور الذى غلف استقبال أعماله فى السينما والمسرح والتليفزيون.
عشرات من الشخصيات التى قدمها النجم الراحل أحمد زكى وحفرت فى أذهان الجمهور ووجدانه، بل وزملائه الذين أجمعوا على اسمه كلما سألوا عن أفضل ممثل عرفته السينما المصرية، وكان منهم فاروق الفيشاوى وعادل إمام ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، ومن شخصياته التى قدمها السير الذاتية لكل من العندليب عبد الحليم حافظ فى فيلم «حليم»، وهى آخر شخصية جسدها قبل رحيله، والرئيسان الراحلان جمال عبد الناصر وأنور السادات فى فيلمى «ناصر 56» و«أيام السادات»، وعميد الأدب العربى طه حسين فى مسلسل حمل اسم «الأيام». أمتعنا «زكى» بشخصيات فى أفلام مخرجى الواقعية الجديدة، عاطف الطيب فى «البرىء» و«الهروب»، ومحمد خان فى «دموع على العشاء» و«أيام السادات»، وداوود عبد السيد فى (أرض الخوف)، وشريف عرفة فى (اضحك الصورة تطلع حلوة)، وإيناس الدغيدى فى (استاكوزا) و(امرأة واحدة لا تكفى).
حصد الفنان الراحل أحمد زكى العديد من الجوائز عن أدواره المختلفة، منها جائزة أفضل ممثل عن دوره فى (طائر على الطريق)، وأفضل ممثل عن (عيون لا تنام) من جمعية الفيلم، وجائزة أفضل ممثل عن من مهرجان الإسكندرية عام 1989 عن فيلمه (إمرأة واحدة لا تكفي)، وجائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عن فيلمه (كابوريا) عام 1990.
كثيرون يرون أن (زكي) نال ما استحق من محبة الجمهور، أثناء حياته وبعد وفاته، يبرز ذلك فى استمرار حديثهم عن أدواره وشخصياته التى قدمها، فى رسوم بورتريهات تحمل ملامح النجم الأسمر، فى رسوم كاريكاتورية لأبرز شخصيات قدمها، ولكن آخرون يرون أنه لايزال بحاجة للتكريم بعد رحيله، ومنح اسمه إلى إحدى الجوائز السينمائية المهمة، كما لايزال تأسيس متحف باسم الفنان الراحل أمرا لم يحسم، بعد الأزمة التى تفجرت عقب وفاة نجله الفنان هيثم زكى والذى كان يحتفظ بالكثير من مقتنيات النجم الأسمر، وآلت إلى أخيه غير الشقيق رامى، ومنذ وفاة (هيثم) قبل أشهر تم الإعلان عن بدء الخطوات لتأسيس متحف باسم زكي، ومحاولة الحصول على مقتنياته لوضعها فى ذلك المتحف.
وكانت وزارة الثقافة قد أعلنت مؤخرا عن أن اللجنة التى شكلتها الدكتورة إيناس عبد الدايم، بدأت عملها لفرز مقتنيات الفنان الراحل أحمد زكى، وذلك بعدما تم بيع شقة مكتب الهرم التى كان يمتلكها الفنان الراحل، وهو ما أوضحه المستشار القانونى والمتحدث الرسمى باسم (رامى) الأخ غير الشقيق لـ(هيثم) فى مصر بلال عبد الغنى، أن ما تم بيعه من ممتلكات الفنان الراحل أحمد زكى هو شقة مكتب الهرم، وأن عقد بيع الشقة، لم يشمل أى متعلقات شخصية خاصة بالفنان الراحل أحمد زكى، مشيرا إلى أن ما شمله العقد عبارة عن أثاث متهالك فقط ومر عليه أكثر من 3 عقود، مشيرا إلى أن جميع المتعلقات تم نقلها ومتواجدة بحوزته، عدا صندوق واحد يحتوى على أوراق ومستندات متواجد داخل الشقة التى تم بيعها وتم الاتفاق مع المالك الجديد على تواجدها داخل المكتب على سبيل الأمانة لحين عودته من السفر. ووفقا لما أعلنه الدكتور أشرف زكى نقيب الممثلين أن النقابة بدأت فى البحث عن مقتنيات أحمد زكى بالفعل، من إكسسوارات وسيناريوهات وجوائز وملابس وغيرها من الأغراض الخاصة به، وذلك من أجل عرضها إما فى متحف خاص بالراحل أو فى مكتبة الإسكندرية.
وكشف الدكتور حسن البنا صديق وطبيب أحمد زكى عن فكرة تجميع مقتنياته بعد وفاة هيثم أحمد زكى، مؤكداً على أنها فكرة رائعة ويجب تطبيقها لأن هذا تراث لكل المهتمين بعالم الفن. وأضاف (البنا) أن أحمد زكى كان يحتفظ بكل ملابس شخصياته التى قدمها فى السينما خاصة العزيزة على قلبه، مثل ما ارتداه فى أفلام (البيضة والحجر) و(البيه البواب) و(ناصر 56)، كما كان لديه خزانة كبيرة تحتوى على جوائزه وشهادات التقدير والسيناريوهات الخاصة بأعماله، حتى التى لم يمثلها، وتابع طبيب وصديق أحمد زكى حديثه بأن بعض هذه المقتنيات تصرف فيها ابنه هيثم أحمد زكى أثناء انتقاله إلى مسكن آخر ولا يعلم مكانها الآن بالضبط.
منذ ظهوره، توقع كثيرون أن يخلف الفنان محمد رمضان النجم الأسمر أحمد زكى، لما تمتع به من موهبة تمثيلية، وقدرة على تقديم أدوار جاءت من لحم الشاب المصرى البسيط، تلك الأدوار التى سطرت نجومية (زكى)، إلى جانب تمتع (رمضان) بملامح شكلية ولون بشرته الأسمر وصوت يقترب قليلا من صوت (زكى)، بخلاف تقديمه أغاني فى أفلامه، على غرار النجم الأسمر، إلا أن (رمضان) سار فى طريق آخر ليقدم أغانى المهرجانات الشعبية ويبتعد كثيرا عن توقعات النقاد وصناع السينما له، وليبقى عرش الإمبراطور دون وريث، مع رحيل ابنه الفنان هيثم أحمد زكى، الذى توفى قبل أشهر، وعانى منذ ظهوره من المقارنة مع أبيه، لدرجة أبعدته سنوات عن مسيرته منذ قدم عددا من مشاهد والده فى فيلم (حليم) والتى حالت وفاته وقتها دون استكماله تصويرها، فقدمها هيثم)، ليقضى سنوات فى ظلم المقارنة مع موهبة والده، ويرفض المنتجون والمخرجون إسناد أدوار له، لحين أثبت موهبته فى أعمال مثل (كلبش) و(السبع وصايا) وغيرها، ورحل (هيثم) بوفاة مفاجئة صدمت عشاق النجم الأسمر، ليظل عرش الإمبراطور مجددا دون وريث.