في الأوقات العصيبة تتكاتف الإنسانية، شعار رفعه بعض الفنانين المصريين خلال الأيام الماضية، مُعلنين استعدادتهم ومسؤوليتهم الإنسانية تجاه المُتضررين إثر تفشي فيروس كورونا المستجد أو «كوفيد-19»، والتوقف المُفاجئ لوظائفهم، بتقديم التبرعات وإعالة أًسر مصرية حُبًا للخير.
انضمت الفنانة غادة عبدالرازق، للقائمة منذ أيام، بقبولها تحدي الفنانة أنغام والفنان أحمد السقا، حيث زج بأسماء 2-6 فنانين آخرين، بنهاية مقطع فيديو يعلن خلاله تكفلة بحوالي 50-400 أسرة مصرية، ما عُرف مؤخرًا بـ«تحدي الخير»- الذي أطلقه مُدافع النادي الأهلي سعد سمير- واستجابت «عبدالرازق»، مُعلنة: «أنا قبلت التحدي..وسأتكفل بتكاليف 100 أسرة خلال فترة العزل المنزلي».
وكانت قد سبقت غادة عبدالرازق، الفنانة أنغام بإعلانها التكفل بـ80 أسرة، مُتحدية الفنانة يسرا والموسيقار هاني فرحات، كما قرر الفنان تامر حسني التكفل بـ400 أسرة استجابة للفنان عمرو يوسف، والذي أعلن من قبله تحمل الأعباء المادية لـ100 عائلة مصرية، كما استسلمت الفنانة فيفي عبده للفنانتان هند صبري وغادة عبدالرازق، مُتكفلة بـ 100 أسرة: «ياريت الكل يعمل كده.. وربنا يحفظ بلدنا».
كما دعمت الفنانة منى زكي 80 أسرة متضررة، في الوقت الذي تكفل الزوجان هنا الزاهد وأحمد فهمي، بـ50 أسرة، وانضم إليهما بتكفل بعض الأسر الفنان أحمد السعدني، ووسّعت الفنانة مي عُمر من نطاق التحدي، بدعمها 150 أسرة، كما دعم الفنان هشام ماجد 40 أسرة، وشيكو 50 أسرة.
وبعيدًا عن التحدي، قرر الفنان محمد رمضان التبرع بـ2 مليون جنيه لصالح وزارة الصحة والسكان لعلاج مُصابي الفيروس.
ووسط تسابق الفنانين على التكفل بالأسر، لا يزال يقف عدد من كبّار الفنانين المصريين على الطريق الآخر، فلا تعليقات أو تبرعات مُعلنة، فحتى يومنا الحالي لم تستجب الفنانة يسرا، والفنان عادل إمام وحكيم ورجاء الجداوي، وعمرو دياب وهاني رمزي وحسين فهمي ومنة شلبي.
«هل هناك ما يجبر الفنانين على التبرّع»، وأجابنا الناقد الفني طارق الشناوي قائلًا: «القانون لا يجبر على العمل الإنساني لكن القيم الاجتماعية تُجبرك، لذا بعيدًا عن مبدأ (الثواب والعقاب) على الفنان أن يتسم بالمسؤولية الاجتماعية، وهي الفضيلة الغائبة عن فناني مصر والعالم العربي».
وتابع: «في كل الأحوال التحدي الخيري هو بادرة جيدة جدًا للفنانين وتحرك اجتماعي حتى إن كان دَفع الفنانين إلى التحدي– بذكر أسمائهم- مُتفق عليه وبموافقتهم، في النهاية تصرفهم ذاك يرفع معدلات الخير»، وعن تأخّر كبار الفنانين عن قيادة التحدّي، قال: «ربما تأخر الزعيم عادل إمام عن القيادة يجعله في حرج..تأخر كبار فنانينا يفرض عليهم أن يقدموا أكثر حتى يغفر لهم الجمهور».
واتفقت الناقدة الفنية، ماجدة خيرالله مع «الشناوي»، على حرية الفنان في المشاركات الخيرية على أنه واجب إنساني فقط بالمقام الأول، قائلة: «الكل حُر لكن إذا شارك الفنان في أي كارثة خاصة بالبلد أو دُول العالم فهو تصرف راقي وإذا لم يشعر من ذاته بأن عليه مسؤولية فهي حريته الشخصية في النهاية».
في حين ركّز «الشناوي» على الضرر الواقع على «الكومبارس»، بعد قرار نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي «تعليق الفعاليات التي تتضمن أي تجمعات كبيرة من المواطنين أثناء تصوير مسلسلات رمضان بالوقت الراهن».
وأكد على ضرورة مساندة الفنانين وشركات الإنتاج لـ«الكومبارس»، قائلًا: «أول المُتضررين من تعليق التجمعات (كومبارس المجاميع)، لأن احتمال وجودهم في مسلسلات رمضان كبيرة، إذ أن تكلفة المسلسلات عالية، لذلك تشمل مشاهد جماعية مُكلفة، وكنت أتمنى أن يدعم كبار الفنانين وشركات الإنتاج الكومبارس المُتأثرين سلبًا من تعليق مشاهد التجمعات».
تدافع الفنانين نحو الخير، ليس وليد فيروس «كورونا»، لكن خلال
لم يكن «تحدي الخير» وتحمل الفنانين لمسؤوليتهم الإجتماعية وقت الأزمات جديدا، بل اعتاد فناني الزمن الجميل التكاتف الخيري بل وتقديم أرواحهم فداءًا لمصر بأزمنة الحروب، يذكر «الشناوي» مواقف الفنان إسماعيل ياسين، وتبرعه بمبلغ 2000 جنيه للقوات المسلحة المصرية للمساهمة في تسليح الجيش المصري، لاستكمال وسائل الدفاع عن الوطن عام 1956.
وقال الناقد الفني: «كان (ياسين) أكثر المُتبرعين حينها بين الفنانين، فريد الأطرش وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب ومحمد فوزي ومحمد الكحلاوي».
كان قد شارك الفنانين في تبرعات «قطار الرحمة»، وهي فكرة أطلقها الرئيس المصري الأسبق محمد نجيب، بعد مرور عام على ثورة 23 يوليو 1952، بخروج الفنانين في قوافل مستقلين قطار يطوف المحافظات بهدف جمع التبرعات، وشارك وقتذاك؛ الفنانة مريم فخر الدين والفنان عز الدين ذو الفقار والفنان شكري سرحان والفنان محمد فوزي والفنانة مديحة يسري وشادية وأنور وجدي.
وفي حرب أكتوبر، كانت الفنانة والراقصة تحية كاريوكا تجمع التبرعات وتساهم في تمريض المصابين والجرحى بالمستشفيات، بعدما تعلمت حمل السلاح في 1956، وكانت بصحبتها الفنانة ثريا حلمي، مُضيفًا: «كما كان الفنانين يطلقون حفلات ترفيهية على الجبهة للجنود، زمن حرب أكتوبر، لدعمهم نفسيًا على مواجهة العدو، وكان يحضرها كبار الفنانين، وهو ما كان يعرض حياتهم للخطر أو الموت في أي لحظة».
لم يقتصر التبرع على الشأن المحلي، بل يشير «الشناوي» إلى مُساندة كوكب الشرق للمغرب عقب زلزال ضرب مدينة أكادير عام 1960 وأطلقت حفلًا غنائيًا هناك لصالح المغرب ومنكوبي الزلزال.