بوعى شديد ووسط إجراءات احترازية، أكد العائدون من إيطاليا بقرية بدين مركز المنصورة بالدقهلية، أنهم عزلوا أنفسهم ذاتيا بمنازلهم فور عودتهم لوطنهم، تحسبا لأى إصابات محتملة بفيروس «كورونا»، خاصة بعد ظهور إصابة أحد العائدين للقرية ونقله لمستشفى العزل بالعجمى فى الإسكندرية.
«المصرى اليوم» زارت القرية ورصدت إجراءات العزل الذاتى لأكثر من 20 شخصا عادوا مؤخرا من إيطاليا، بالإضافة لتعامل شباب القرية مع الوضع، إذ قسموا أنفسهم فى مجموعات بعضها يهتم بالتوعية والآخر بتطهير الشوارع والمنازل بالجهود الذاتية وبمساعدة بيت المال بالقرية.
وخلت القرية من المارة إلا القليل الذى خرج لقضاء حوائجه أو توجه لأرضه الزراعية يباشرها، بينما التزم معظم السكان بإجراءات الوقاية، وتم إغلاق جميع المقاهى ومحلات الإنترنت والبلاى استيشن، تنفيذا لتعليمات الحكومة، فيما انتظمت محلات البقالة والصيدليات فى تقديم الخدمة، وحملات تطهير مستمرة بكل الشوارع والمدارس والمؤسسات الحكومية.
«رغم أننا الحمد لله بخير وتم فحصنا فى إيطاليا وأوكرانيا ومطار القاهرة، لكن فور وصولنا لقريتنا عزلنا أنفسنا فى منازلنا خوفا على أهلنا وأحبابنا، وطبقنا اللى اتعلمناه هناك فى بلدنا».. بهذه الكلمات بدأ محمد رزق حلاوة، 28 سنة، حكاية قصته مع العزل الذاتى، خاصة بعد تأكد إصابة أحد العائدين بالفيروس.
وقال: «إحنا شفنا الرعب فى إيطاليا فبعد أن كانت البلد كلها حيوية تحولت فجأة لحجر صحى كبير، والدولة هناك أصدرت إجراءات مشددة لمنع الاختلاط، والمستشفيات أصبحت لا تسقبل المرضى، وفور صدور قرارات حظر التجوال، وقف مصدر رزقنا فقررنا ننزل مصر نعيش مع أسرنا».
وأضاف: «قبل خروجنا من المطار فى إيطاليا تم الكشف علينا وقياس درجات الحرارة وسافرنا ترانزيت فى أوكرانيا وهناك تم الكشف علينا مرة ثانية، وعندما وصلنا مطار القاهرة تم الكشف علينا للمرة الثالثة، وتم الكشف على الطائرة بالكامل، وتم اكتشاف إصابات بين أجانب وتم اصطحابهم للعزل، لكن إحنا كنا كويسين الحمد لله، وسمحوا لنا بدخول البلد وأخذوا بياناتنا ووسيلة الاتصال بنا، وبعدها بيومين اتصلوا ثانى واحنا أخدنا إجراءات العزل الذاتى لمدة 14 يومًا، خوفًا من ظهور أى أعراض بعد ذلك».
وعن الوضع فى إيطاليا أوضح: «الوضع هناك كارثى، لكن الحكومة هناك بتتعامل بحزم وللأسف الشعب الإيطالى أخد الأمر بسهولة واستهتار فى البداية علشان كده الوضع تأزم وازداد سوءا».
وتابع: «فى مصر ما زالت الناس بتتعامل ببساطة واستهتار ولازم يعرفوا إن الموضوع جاد، وخطير ولازم الكل يأخذ احتياطاته ويمنع الخروج إلا للضرورة». واستطرد: «إحنا بنقول الوضع خطير علشان نوعى الناس لكن العائدين من الخارج مش وباء على البلد زى مالناس بتردد لأن دى بلدنا ونخاف عليها مثلهم، واحنا أكثر التزاما من الناس اللى عايشة هنا، لأننا شاهدنا مراحل تفاقم الأوضاع فى إيطاليا».
وأوضح والده: «أنا ابنى الثانى ما زال فى إيطاليا، وطلبت منه ألا يعود حاليا، لأن هناك إجراءات مشددة واحنا فى منزلنا بنطبق الإجراءات الاحترازية، وكل يوم أقيس درجة الحرارة لكل أولادى وأحفادى، وأتابع النظافة الشخصية، المهم الناس فى الشارع تهتم وتمتنع عن الاختلاط».
وقال أحمد القلموشى عبداللطيف، 28 سنة، أحد العائدين من إيطاليا: «بعد ظهور إصابة محمود يوسف -العائد من إيطاليا- والبلد أصبحت تنظر لنا على أننا وباء يهدد حياتهم، والبعض لا يمر من أمام منازلنا، وهذه جريمة لأننا أكثر التزاما منهم ففى إيطاليا قعدنا فى بيوتنا بأمر الدولة، وكان الخروج بإذن للضرورة، ومن يخالف ذلك يتعرض لغرامة 300 يورو وحبس شهرين، ولذا تعلمنا الالتزام، بينما الناس فى مصر لا زالت تتعامل باستهتار».
وأشار إلى أن إيطاليا بسبب سوء الأوضاع أقامت مستشفيات فى الشوارع: «الوضع سيئ، وكبار السن يموتون كل يوم والناس تعيش فى رعب، والمستشفيات ترفض استقبال أى حالات والكشف بالاتصال، وأى حالة لديها أعراض «كورونا» يا إما يستقبلونها أو يعزلونها بمنزلها حسب الحالة، والكل هناك متعاون ويعى الخطر، لكن الجميع يعيش فى رعب، والمصريين هناك أكثر التزامًا من الإيطاليين أنفسهم».
وتابع: «شخصيًا رفضت أروح المسجد قبل قرار إغلاق المساجد ومنع صلاة الجماعة، ورفضت أن أقابل أى شخص يأتى لزيارتى، وهذا بسبب الوعى والخبرة التى اكتسبناها فى إيطاليا، وعلمنا بخطورة الوضع لكن الإهمال والاستهتار من الشعب المصرى سيؤدى لأزمة كبيرة، ويا ريت الناس تقعد فى بيوتها بإرادتها قبل أن تجبرهم الدولة على ذلك».
وقال سعد رفعت المتولى، 27 سنة، أحد العائدين من إيطاليا: «سافرت إيطاليا من 12 سنة وكنت فى مصر من 6 أشهر، ولكن بعد انتشار الفيروس بإيطاليا الدولة هناك ألزمتنا بوقف العمل، والجلوس فى المنزل وفيه هناك التزام كبير ولما قعدنا من الشغل قلنا نرجع نقعد وسط أهلنا وفوجئنا بتعامل الناس فى مصر باستهتار مع الوضع ونخشى أن يؤدى ذلك إلى زيادة الأزمة ولازم الناس تسمع كلام الحكومة وتلتزم فى بيوتها».
وأضاف: «للأسف الناس بتنظر لنا نظرة سيئة والبعض بيطالب بخروجنا من البلد، وده كلام فارغ لو حد فينا مصاب عمره ما كان خرج من المطار لكن احنا التزمنا منازلنا زى ما كنا فى إيطاليا فترة حضانة الفيروس 14 يوما». وتابع: «محمود الذى تأكدت إصابته وكان عائدا من إيطاليا هو من توجه للمستشفى فور ظهور أعراض عليه وهذا بفضل الوعى والمتابعة وإحنا زعلانين على الوضع فى إيطاليا لأنها بلدنا الثانى، ونخشى على مصر ونفديها بحياتنا بس ياريت الناس هنا تلتزم وتمنع القبلات والاختلاط».
وقال أشرف على أبوجبل، عمدة قرية بدين، إنه: «منذ إعلان إصابة الحالة الوحيدة بالقرية، ونحن نتعامل مع الأمر بجدية وقمنا بحصر أسماء كل العائدين من الخارج، والحمد لله وجدناهم ملتزمين بالعزل الذاتى، وعملنا قوافل توعية للناس وقام بيت المال بالقرية بتطهير الشوارع ومنزل المصاب والمؤسسات للحكومية بالجهود الذاتية ونتابع تطبيق قرارات الدولة بغلق المحلات، مساءً ومنع التجمعات حتى العزاءات مقتصرة على المقابر».
وأضاف: «للأسف الشائعات الكثيرة أظهرت القرية كأنها بؤرة للمرض وهذا غير صحيح، وللأسف بعدم وعى بعض المصانع طردت العمال من أبناء القرية ما تسبب فى أزمة اقتصادية لكثير البيوت والعائلات ويجب تدخل الدولة للحد من الشائعات لمنع وصم القرى والتسبب فى الضرر لأهلها». وطالب وزارة الصحة بتوفير مستلزمات الوقاية والتطهير بالقرى أسوة بالمدن، قائلا: «إحنا كل حاجة هنا عملناها بالجهود الذاتية ولكن لا نجد المستلزمات والمطهرات حاليا».