أخذ بديع يتابع منافسات كرة الطاولة في أوليمبياد لندن عبر شاشة تليفزيون كبيرة في أحد معسكرات الجيش السوري الحر في مدينة إدلب، ثم أخرج لباسًا رياضيًا رسميًا تابعًا للجمهورية العربية السورية، نزع منه العلم السوري ووضع بدلاً منه علم الثورة بألوانه الخضراء والسوداء والبيضاء، والنجوم الحُمر.
يحمل بديع، ابن الـ17 عامًا، ميدالياته القليلة وشهادات التقدير التي تذكّره بأنه كان يومًا ما بطل سوريا في كرة الطاولة، قبل أن يتحول إلى مقاتل في الجيش السوري الحر، يحمل إلى جانب سلاحه كاميرا لتوثيق ما يحدث في بلده.
ترك بديع، بمحض إرادته، مقاعد الدراسة وملاعب كرة الطاولة، متوجهًا إلى الأحراش منضويًا تحت لواء الجيش السوري الحر، ساعيًا إلى الإطاحة بحكم ونظام الرئيس بشار الأسد.
عندما اندلعت الثورة السورية في مارس 2011، كان بديعًا في الصف الحادي عشر (الثاني الثانوي)، أبعد بقرار من وزارة التربية والتعليم عن صف الدراسة بسبب التحاقه بالثوار وعمله الإعلامي، ولكنه يؤكد أن فراقه الملاعب أشد وطأة على نفسه من تركه الدراسة.
بدأت رحلة بديع مع كرة الطاولة في سن الثالثة، عندما كان والده يعده ليكون بطلاً في كرة الطاولة. ولم يخيب الطفل آمال والده إذ أحرز في سن الحادية عشر أول إنجازاته عندما حل ثانيًا على مستوى سوريا.
استمر بديع يحصد البطولات المحلية إلى أن التحق بالنتخب الوطني السوري لكرة الطاولة، ليصبح أصغر لاعب يشارك فيه، ومثل بلاده في البطولة العربية في لبنان، وبطولة الفجر الدولية في إيران التي حل فيها تاسعًا مع مجموعة من أفضل اللاعبين على مستوى العالم.
وكانت آخر مشاركات بديع الدولية في دورة أربيل الدولية في العراق في العام ٢٠١١ لتتوقف بعد ذلك أنشطة بديع الرياضية بشكل كامل.
وقال بديع لـ«المصري اليوم»، إنه «منذ اندلاع الثورة والحواجز في كل مكان. لم أتمكن من الذهاب إلى أماكن التدريب واللحاق بمعسكرات المنتخب، ومع الوقت ومع اندماجي مع الثوار لم يصبح لدي وقت للتدريب، كما أن كل رفاقي ومن يمكنني التدرب معهم موجودون داخل مدينة إدلب وأنا ممنوع من دخولها منذ اجتياح الجيش السوري لها منذ أكثر من 5 أشهر».
بديع حاليا عضو في المكتب الإعلامي للجيش السوري الحر بمدينة إدلب، يعرّف نفسه بأنه «مصور مظاهرات»، ويبدو واثقًا من اختياره طريقة دعم الثورة. يقول إن اختياره للجانب الاعلامي بشكل خاص لخدمة الثورة جاء بسبب «هواية التصوير، كما أنني مستخدم جيد للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وكنت معروفًا وسط المنتخب السوري لكرة الطاولة بأنني من يصور كل المباريات».
يوكد بديع ان اختياره الوقوف بجانب الثورة لم يكن أمرًا سهلاً. فبالإضافة إلى تركه صف دراسته ورياضته، فإن أهله تعرضوا للكثير من المشاكل بسبب اختيار ابنهم الوقوف إلى جانب الثوار، فبيت عائلته في مدينه ادلب يفتش ويداهم بشكل دوري، كما تعرضت والدته لمضايقات مستمرة من قبل قوات الجيش السوري، واعتقل والده في محاولة أمنية للضغط عليه للاعتراف بمكان اختباء ابنه.
لدى بديع قناعة بأن «الشعب السوري كله تعرض للتمييز والظلم، فأنا على سبيل المثال كرياضي عانيت من التمييز ضدي، كان يتم منعي لأسباب مجهولة لا أعرفها من بعض المشاركات الدولية».
بديع، الذي تخطى طفولته بسنوات قليلة، أصبح يحمل للأسف مشاعر طائفية سلبية تجاه الشيعةالذين يرى أنهم، بشكل عام، ضد الثورة:«بعد خروجي من إدلب كنت أذهب للتدريب مع بعض الشباب بمدينة معرة مصرين، وهي مدينة تقع تحت حكم الثوار، لكن المشكلة أنهم كانوا من الطائفة الشيعية».