x

تدويل الثورة: المجاهدون العرب رقم أساسي في الحرب على نظام الأسد

الثلاثاء 11-09-2012 15:24 | كتب: أحمد عبد الفتاح |

 

يتقدم 4 شباب ملتحين يرتدون الجلاليب القصيرة في أواخر العشرينيات من عمرهم نحو دائرة الجمارك في مطار «هاطاي» في جنوب تركيا. يحمل كل واحد منهم حقيبة صغيرة يفرغها أمام موظف الجمارك وهو يجيب على سؤاله حول جنسيتهم: «من السعودية.»

يسأل موظف الجمارك الشباب الأربعة النازلين لتوهم من طائرة الخطوط الجوية التركية القادمة من إسطنبول «إلى أين؟ أنطاكيا أم سوريا؟»، فيرد الشاب بسرعة «أنطاكيا للسياحة»، فيرد الموظف «في أنطاكيا لا سياحة، هناك حرب في سوريا وهي تؤثر على أنطاكيا»، فيجيب شاب آخر «أتينا للزواج، أبحث عن عروس في تركيا». ينظر إليه موظف الجمارك نظرة ذات مغزى، ويتركهم يمرون.

هطاي

مع انزلاق سوريا إلى دوامة الثورة المسلحة انضم عدد من الجهاديين العرب والمسلمين إلى الثورة ضد الأسد باعتبارها جهاد لرفع الظلم عن أهل السنة. ويؤكد سكان ومقاتلون معارضون إن الألوية التي تضم هؤلاء المجاهدين تحصل على تمويل وتسليح أكبر بكثير من تلك التي تضم ضباط جيش وجنود منشقين أو شباب سوريين لا ينتمون إلى التيارات الإسلامية.

أمام مطار هطاي أغلب سائقي التاكسي ينادون على زبائنهم بالعربية. أحد هؤلاء السائقين، علي أودلوج، يقول «منذ بداية الحرب في سوريا وأغلب زبائننا عرب. مطار هطاي لم يكن يستقبل الكثير من المسافرين. الآن يستقبل الكثير منهم وأغلبهم سوريين عائدين إلى سوريا مع الكثير من العرب الذين يأتون للقتال في سوريا».

ويضيف علي «أغلبهم (العرب) من الخليج، السعودية وقطر والإمارات، وبعضهم من مصر». ويتذكر أنه رأى أحدهم قادما من المغرب العربي. ويؤكد «نتعرف عليهم بسهولة. فهم يطلقون لحاهم، ويرتدون جلاليب قصيرة، ويحملون حقائب قصيرة، ويذهبون إلى عنوان واحد وهو (مكتب المجاهدين العرب بالحميدانية)».

الحميدانية

الحميداية مدينة تركية صغيرة تقع على الحدود مع سوريا ويقصدها أغلب السوريين الذين يريدون الدخول أو الخروج من سوريا بطرق غير مشروعة، وينشط فيها كذلك التهريب عبر الحدود. ومع ارتفاع وتيرة الحرب داخل سوريا، نزح إليها الكثير من السوريين، حيث استأجروا فيها المنازل.

ويقول سوريون مقيمون في الحمدانية إن مكتب المجاهدين العرب مخصص لاستقبال المجاهدين القادمين إلى سوريا ثم توزيعهم على الألوية الإسلامية المقاتلة. لكن أحد المسؤولين في المكتب، قدم نفسه لـ«بوابة المصري اليوم» باسم «أبو وليد»، قال باقتضاب وتحفظ شديدين إن «المكان مجرد مقر جمعية أهلية تهتم بمساعدة اللاجئين السوريين وتقدم لهم يد العون»، منكرًا تمامًا أن يكون للمكتب أي علاقة بالقتال داخل سوريا.

لواء التوحيد

عندما اتخذت الثورة في سوريا طابعا مسلحًا أسس الثوار في محافظة إدلب لوائين أساسيين. الأول هو «لواء شهداء إدلب»، وهو يضم شبابًا من مختلف الانتماءات داخل المحافظة. أما الثاني فهو «لواء التوحيد»، وهو يضم بشكل كامل شبابًا ينتمون للحركة السلفية والإخوان المسلمين.

ويتميز لواء التوحيد عن لواء الشهداء بامكنياته وتسليحه الأفضل نسبيا، مع أن عدد أفراده يقل كثيرًا عن لواء الشهداء. ويفسر أهالي المدينة ذلك بالتبرعات التي تنهال بسخاء على لواء التوحيد من بعض الدول العربية، وخاصة السعودية.

وفي مقر قيادة «لواء التوحيد» التقت «بوابة المصري اليوم» بـ«أبو خالد»، وهو أحد قيادات اللواء. رفض «أبو خالد» الحديث عن «مجاهدين عرب» في اللواء وقال باقتضاب «لا نستطيع أن نمنع أحدًا من التضامن معنا». كما رد بتحفظ على سؤال عن تمويل اللواء «نحن كأي مجموعة مسلحة تدافع عن المدنيين في سوريا نتلقى تبرعات من داخل وخارج سوريا».

أبو عدي

ولا توجد إحصائيات رسمية عن عدد المجاهدين العرب في سوريا. ولكن لا يكاد يمر أسبوع إلا وتنقل وكالات الأنباء نبأ مقتل عدد منهم في المعارك مع القوات النظامي. ومن هؤلاء مثلًا أحمد رفعت، وهو مصري من محافظة كفر الشيخ سافر بعد ثورة 25 يناير إلى ليبيا وشارك في المعارك ثم توجه إلى سوريا ولقي مصرعه في حلب يوم 7 يونيو الماضي.

ويعرف الجميع داخل سوريا أن هولاء المجاهدين يأتون للالتحاق بالألوية الإسلامية التابعة لجماعات سلفية وأحيانا جماعة الإخوان المسلمين. يقول «أبو عدي»، وهو أحد قادة المقاومة في إدلب، «المجاهدون العرب ظاهرة جيدة. فنحن نشعر بسعادة بالغة عندما يتضامن معنا إخواننا العرب ونشعر أننا لسنا وحدنا في مواجهة الأسد، خاصة بعد تآمر كل القوى الدولية الغربية علينا وخاصة روسيا والصين». لكنه يستدرك قائلًا «هناك بعض علامات الاستفهام التي تطرح أحيانًا حول الأمر. فالكتائب والألوية التي ينضم إليها المجاهدون العرب غالبًا ما تكون أوفر حظا في المال والتسليح. أما الكتائب الأخرى فتعاني من نقص شديد في التمويل والذخيرة».

ويروي «أبو عدي» كيف أنه التقى العديد من هؤلاء المجاهدين العرب في معارك دارت في مدينة إدلب. ويذكر أنهم كانوا قليلي الكلام، ومتدينين، ومتفانين في التدريب والقتال إلى حد بعيد.

ولا ينكر «أبو عدي» دور الألوية الإسلامية، ومنها لواء التوحيد، في إدلب، فيذكر مثلاً «معركة الراي» التي أبلى فيها لواد التوحيد بلاءً حسنًا، ودمر العديد من دبابات الجيش وحرر المنطقة.

إلا أنه يستطرد «أحيانًا تكون للألوية الإسلامية حسابات لا نفهمها. فهم أحيانا يخزنون السلاح ولا يستخدمونه، فيما نعاني نحن من نقص شديد في السلاح والذخيرة. وأحيانا ينسحبون دون التنسيق مع باقي الألوية والكتائب كما حدث في معركة كوريين».

ويعترف «أبو عدي» بأن المجاهدين العرب أصبحوا «رقمًا هامًا» في الثورة السورية. فهم يدعمون الثورة السورية بنفوسهم، والدول التي أتوا منها تدعم الثورة بالمال والسلاح. ولكنه يبدي مخاوف من أن يكون لهذا الدعم ثمن لا تقدر سوريا على دفعه بعد انتصار الثورة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية