x

سوريا الثورة تخشى على نفسها من خطر الحرب الطائفية

الثلاثاء 11-09-2012 15:20 | كتب: أحمد عبد الفتاح |

ينصب القائد «عزو» - أحد قادة الجيش السوري الحر في مدينة معرة مصرين التابعة لمحافظة إدلب الشمالية – مدفع هاون من عيار ٨٣ في قلب الميدان الرئيسي في المدينة، ويوجهه باتجاه قرية كفاريا المجاورة ذات الأغلبية الشيعية، ويطلق قذيفة تسقط على القرية.

«عزو» يرى أن تهديد قرية كفاريا ذات الأغلبية الشيعية هو الطريقة الوحيدة لوقف القصف العشوائي لمدينة معرة مصرين. فالشيعة هم أكبر الفئات المؤيدة لبشار الأسد في سوريا مع العلويين، حسب رأيه.

يقول «لدينا ٣٠٠ قذيفة هاون، وهم يعرفون ذلك، وسنرد علي كل صاروخ يقذف علينا بقذيفة هاون على كفاريا حتي يتوقفون عما يفعلون. فالأسد لا يأبه إلا بأرواح مؤيديه من الشيعة والعلويين».

وتستهدف قوات الأسد مدينة معرة مصرين بقذائف المدفعية المتمركزة في مدينة إدلب، على بعد ١٠ كيلومترات. وتركز قوات الأسد قصفها وقت الإفطار والسحور، ليتخذ شكلاً عشوائيًا حيث لا تستهدف المدفعية مواقع بعينها، ما أعطى انطباعًا للسكان أن القصف يستهدف عقاب سكان المدينة التي تخضع للجيش الحر السوري المكون بالأساس من ضباط سنيين منشقين على الجيش النظامي.

هذا المشهد الطائفي في معرة مصرين، حسب خبراء، ليس أكثر من تجسيد للمشهد الكبير في سوريا. فالطوائف تندمج في الحياة السياسية وتحدد ميولها السياسية بشكل طائفي بسبب الخوف من حكم الطوائف الأخرى، ما أعطى انطباعًا في بعض الأحيان أن ما يدور في سوريا ليس ثورة ضد نظام حكم ولكنها حرب طائفية.

الطوائف

تحكم عائلة الأسد العلوية، المنحدرة من قرية القرداحة في محافظة اللاذقية، سوريا منذ عام 1971، عندما قاد الرئيس الراحل حافظ الأسد انقلابًا عسكريا نهاية عام 1970، ثم حسم السلطة تمامًا لصالحه في عام 1971 من خلال تنظيم استفتاء شعبي على رئاسته للبلاد.

وعندما توفي الأسد عام 2000 تولى نجله بشار حكم سوريا بعد إجراء تعديل دستوري يتعلق بعمر رئيس الجمهورية. إذ كان الدستور السوري ينص على ألا يقل عمر الرئيس عن 40 عامًا، بينما كان عمر بشار وقتها 35 عامًا، فهبط الدستور بعمر رئيس الجمهورية إلى 34 عامًا.

ويشكل المسلمون السنة – حسب تقديرات أمريكية استندت إلى دراسة تطور السكان منذ آخر إحصاء رسمي سوري عام 1985 – أغلبية في سوريا. إذ تبلغ نسبتهم قرابة 77% من عدد السكان، مقابل 11% للعلويين، و3% للدروز والشيعة والإسماعيليين، و8% للمسيحيين، و1% لأقليات أخرى كاليهود واليزيديين.

أما قوميًا، فيبلغ العرب نحو 93% من عدد السكان، مقابل 5% للأكراد، و2% متنوعين بين آشوريين وتركمان وأرمن وشركس.

ويتركز العلويون في سوريا على الساحل في محافظتي اللاذقية وطرطوس. أما الأكراد فموجودون في الشمال، خاصة محافظتي إدلب وحلب. فيما يعيش الدروز في جبل الدروز وسهل حوران جنوبًا بمحافظة درعا.

وثمة قبائل عربية سنية تعيش في منطقة الجزيرة على الحدود العراقية (شمال شرق البلاد) وهي تقاتل بسلاحها إلى جانب القوات النظامية ضد الأكراد المنضمين إلى الثورة.

مخاوف الأقليات

قبل تولي الأسد حكم سوريا، كان العلويون يشكون من تمييزهم عن بقية المواطنين، ويقولون إن الحكومة لم تكن تعتني بالبنى التحتية في قراهم، ولم تهتم بتعليم أولادهم. وكان معظم العلويين من الطبقات الفقيرة.

ومع صعود الأسد، فتح باب المؤسسات الأمنية والجيش أمام العلويين. فسيطر أبناء هذه الطائفة بشكل كبير على القوات المسلحة والجيش السوري.

ويقول معارضون سوريون إن نظام الأسد يخيف العلويين والمسيحيين من انتقام إسلامي سني منهم ومن حكم ديني متشدد يضطهدهم.

وفي الموازاة فإن قصف الجيش السوري الحر لقرية كفاريا الشيعية انتقامًا من قوات الأسد التي تقصف معرة مصرين زاد من التساؤلات حول طائفية الاشتباكات في سوريا.

ربما هذا ما جعل كثير من المسيحيين والعلويين يفضلون التوازن الذي أحدثه نظام الأسد طوال العقود الأربعة الماضية، رغم بعض التمييز لصالح العلويين، عن الاشتباكات الطائفية التي قد تنجرف إليها البلاد في حال سقط النظام ولم تعد هناك سلطة تكبح جماح الغضب الطائفي لدى البعض.

إذ يتخوف كثير من السوريين من تكرار نموذجي لبنان الذي شهد حربًا أهلية استمرت من 1975 إلى 1990، والعراق الذي تستمر فيه تفجيرات طائفية منذ احتلاله من قبل قوات التحالف عام 2003 وحتى الآن.

الأكراد

أما أكراد سوريا، فهم ينقسمون بسبب حسابات سياسية في مواقهم من الثورة. فالقوى الكردية القريبة من حزب العمال الكردستاني في تركيا تقف ضد الثورة، وذلك لأن الحزب تلقى مساعدات من النظام السوري في مواجهة النظام التركي.

وهكذا فإن الحزب يسير دوريات مسلحة علي الحدود بين سوريا وتركيا لمنع تسلل الثوار من وإلى تركيا، حيث تعد الحدود التركية السورية من أهم خطوط إمداد الثوار بالمال والسلاح، وطريقهم الوحيد للخروج من سوريا والعودة إليها.

وفي المقابل فإن هناك أحزابًا وتيارات كردية، أعلنت تأييدها ومشاركتها للاحتجاجات الشعبية عند اندلاعها في مارس 2011، أبرزها حركة الشباب الكردي، وتنسيقيات شباب الكرد، وتيار المستقبل الكردي الذي أسسه الراحل مشعل تمو الذي اغتاله مسلحون تقول المعارضة إنهم شبيحة تابعون للنظام السوري في أكتوبر 2011.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية