قبل أيام زار الرئيس الصيني شي جين بينج، مدينة ووهان مركز تفشي فيروس كورونا، معلنا الانتصار على الفيروس المستجد الذي لم يتم إيجاد لقاح له حتى الآن، وذلك بعد انحسار عدد الإصابات والوفيات به بمعدل كبير، مما أدى إلى إغلاق عدد من المستشفيات المؤقتة التي أنشئت من أجل محاصرة المرض وعلاج المصابين، فقد بدأت الصين في تسجيل إصابات لا تتعدى الـ20 يوميا بعدما كانت تسجل في بداية الأزمة أكثر من ألفي إصابة.
فهل انتصرت الصين حقا على فيروس كورونا؟.
الإجابة يمكن اعتبارها نعم، بمقاييس الصحة العالمية قلة عدد الإصابات الجديدة تعني محاصرة الفيروس وحتى إن لم تنعدم فهذا يعد تغلبا من هذه الدولة على المرض بكل المقاييس.
فقد أشادت منظمة الصحة العالمية بنجاح جهود بكين في احتواء الفيروس، وذلك (بناءً على الأرقام التي أعلنتها الصين مؤخراً)، وذلك بفضل ما وصفته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأسلوب «القوة الصارمة» الذي اتبعته بكين رغم مضاعفاته السلبية مجتمعياً.
فما هي هذه التدابير الصارمة؟
طبقت الصين بالقوة الجبرية حجرا صحيا على حوالي 60 مليون شخص في مقاطعة هوبي التي سجلت أكبر عدد للإصابات في بداية الوباء، وفرضت قيودا صارمة على السفر، واستخدام التكنولوجيا في تطبيق الإجراءات الصارمة وتتبع تنفيذ المواطنين لها، كما قامت ببناء مستشفيين في ووهان في ظرف أسبوع لاحتواء المصابين.
وزار عدد من خبراء التحقيق التابعين لمنظمة الصحة العالمية، لمتابعة وضع «كورونا» في الصين، وقال مسؤول فريق خبراء التحقيق بروس إيلوارد، في مؤتمر صحفي في جنيف: «اتخذت الصين أساليب صارمة ومبتكرة قائمة على معايير الصحة العامة، لم نر مثيلا لها في التاريخ».
دور التكنولوجيا في كبح لجام كورونا
استخدمت الصين التكنولوجيا في مراقبة العدوى المحتملة للفيروس شملت تقنيات مثل كاميرات التعرف على الوجوه حتى تحت الأقنعة الطبية، وتقنيات التتبع عبر الهاتف من خلال برامج مخصصة للتتبع وربط الشبكة بإشارات المرور ومراكز التسوق وبطاقات الدفع الإلكتروني، وهو ما ساعد على جمع بيانات ضخمة عن جميع المواطنين في مقاطعة هوبي والمناطق الأخرى التي كانت تظهر فيها ولو حالة عدوى واحدة، وهي تقنيات تستخدمها الأجهزة الأمنية في مراقبة المواطنين عن طريق الهاتف وبطاقات الائتمان.
وقال الخبير في الصحة العالمية «إيلوارد» بعد عودته من الصين إن الاستجابة كانت فعالة بشكل كبير، مما ساعد في السيطرة على الوضع الوبائي تدريجياً لتجنب إصابة المزيد من الأشخاص بالوباء.
ولكن هل يمكن لجميع الدول حذو التجربة الصينية؟
القوة الصارمة التي اتبعتها بكين، لم تكن سهلة على الشعب الصيني ولا الحكومة أيضا، فقد كانت باهظة التكلفة على الحكومة، ومقيضة للحريات الشخصية للصينيين، فهل هناك دول وشعوب مستعدة لدفع ضريبة «حصار كورونا»؟
أجاب مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث وسياسات الأمراض المعدية في جامعة مينيسوتا، على هذا السؤال في تصريحات لـ «نيويورك تايمز»: «لقد قام الصينيون بعمل رائع في هزم الفيروس، لكنني لا أعرف ما إذا كانت هذه النتائج مستدامة. ما الذي أنجزه الصينيون حقاً؟ هل احتووا الفيروس حقاً؟ أم أنهم قمعوه لفترة من الوقت».
ويضيف لـ «نيويورك تايمز»: «يجب على الدول التي تدرس النهج الذي تتبعه الصين أن تنظر في الطريقة التي زلزلت كل ركن من أركان المجتمع الصيني، كما أن الإجراءات التي اتبعتها الإمبراطورية الصينية أدت لشل الاقتصاد، وأصبحت العديد من الشركات الصغيرة على حافة الإفلاس».
بينما يعتقد الكثير من المراقبين إن الانتصار الصيني وهمي، وليس حقيقيا، وأن تكون الأرقام الرسمية الصادرة من بكين غير دقيقة أو غير صحيحة، وسيكون الإثبات الحقيقي لهذا الانتصار على الفيروس، هو عودة الأطفال إلى المدارس وعودة العمال إلى المصانع، واستقلال الركاب الحافلات والمترو، ليثبتوا أن حكومته نجحت في احتواء الفيروس القاتل.