كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن وقوع محافظة «الحسكة»، كبرى المدن السورية، شمال شرق البلاد، ذات الأغلبية الكردية، بأيدي اللجان الشعبية الكردية، التي يسيطر على معظمها ما يسمى «مجلس غربي كردستان».
«المصري اليوم» زارت هذه المحافظة للوقوف على حيثيات ما يجري بها ولمعرفة ما إذا كانت بالفعل سقطت من يد النظام وأصبحت محررة كما يشاع كرديا وإعلاميا، لنتيقن أنها، رغم قتامة الصورة، ليست كما يشاع تحت السيطرة الكردية، بل مازال النظام متحكما في كل مقاليد الحكم فيها.
البداية كانت من مدينة عامودا «كفرنبل». تبدو الحسكة من النظرة الأولى كإحدى مدن كردستان العراق، حيث الأعلام فوق الأسطح والمباني الحكومية تبدو مشابهة لتلك الموجودة في العراق، جنبا إلى جنب مع علم «حزب الاتحاد الديمقراطي»، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي «PKK».
صحيح أن كل ما تراه العين يوحي بتحرير المدينة، لكن الحقيقة تتضح بمجرد وصولك لحاجز الأمن العسكري التابع للنظام البعثي، الذي مازال متواجداً على مدخل المدينة دون أن يتعرض ولو لحجر من المتظاهرين. عند المرور من أمامهم تعلو الضحكة وجوههم التي لا تعبر عن أي خوف ممن حولهم.
وفي حديث سريع مع «المصري اليوم»: يقول «شيار»، العضو الناشط في تنسيقيات «عامودا»: «ما نحن خائفون منه بدرجة كبيرة هو أن يستفيد النظام من حالة الاحتدام الكردية- الكردية، خاصة أنه حاول مؤخرا ممارسة لعبته القذرة»، على حد وصفه.
وأوضح «في الآونة الأخيرة، أطلق النظام يد جناح غربي كردستان على حساب مجموع الأحزاب الكردية، سواء المنضوية تحت المجلس الوطني الكردي أو من خارجه، وأصبح هذا الجناح متحكما في كل شيء بتحريك النظام، وليس بالحدود مع العراق وتركيا فقط».
المحافظة تحت السيطرة البعثية.. وأنباء وقوعها بيد «مجلس كردستان» أكذوبة
والواقع أن جناح غربي كردستان أصبح بالفعل مسيطرا على كافة الحاجيات اليومية للمواطنين في منطقة الحسكة، من مواد غذائية وغيرها، خاصة المحروقات. ويؤكد «شيار» أن الأنباء التي تحدثت عن تبادل إطلاق النار بين جماعة غربي كردستان وشباب التنسيقيات ذات الأغلبية الكردية «قد يفتح الباب على مصراعيه لاحتدام الصراع». واستغرب من إصرار حزب الاتحاد الديمقراطي على أن يكون هو الوحيد المسموح له بحمل السلاح في المناطق الكردية.
أما «بروين»، عضو الحركة الكردية التي يعمل حزبها باسم المجلس الوطني الكردي، فقالت: «لم يعد الأمر مقبولا، وما يجري هو ضرب للحركة الكردية في سوريا، لأن الذي يجب أن يقود الشارع الكردي هو المجلس الوطني الكردي أولا، والذي يضم أكثر من 10 أحزاب وليس حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يرى في نفسه البطل الوحيد ويمسك بزمام الأمور، بما فيه آليات توزيع الغاز والمازوت، التي أصبحت حكراً عليهم كما كانت حكراً على النظام وفاسديه».
وتختم «بروين» قائلة: «على الحركة الكردية السورية بمجلسها الوطني إعادة النظر في كل ما تقوم به واتخاذ مواقف جريئة مما يقوم به الحزب المذكور، وإلا فإن المشاكل ستتعمق أكثر فأكثر ووقتها لن تجد الحلول المناسبة».
ويتفق معظم المحللين الأكراد على أن إطلاق النظام ليد حزب الاتحاد الديمقراطي في الحسكة بهذه الطريقة الفجة يأتي ضمن أجندات النظام نفسه، وأن العملية برمتها لا تعدو كونها في سياق منع دخول عناصر الجيش الحر وتشكيلاته في المنطقة كون حدودها تعتبر الأطول مع كل من العراق وتركيا وهي الأنسب كمنطقة آمنة وعازلة للفترة القادمة.