x

باحث بـ«كارنيجي»: انتقال السلطة في مصر «غامض» وربما يؤدي لاستبداد جديد

السبت 08-09-2012 13:37 | كتب: ملكة بدر |
تصوير : رويترز

وصف الباحث ناثان براون في ورقة بحث لمركز «كارنيجي» للسلام الدولي، الفترة الانتقالية في مصر بأنها «غامضة»، موضحًا أنه في منتصف شهر رمضان رجح الرئيس محمد مرسي ميزان القوى في صالحه، بعد أن أعاد ترسيخ سلطاته الرئاسية بشكل «درامي»، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إعادة إنتاج نظام استبدادي جديد.

وأضاف براون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، أن عملية انتقال السلطة «ليست واضحة»، وأنها تذهب أكثر في اتجاه «ديمقراطية الأغلبية»، وعدم الاستقرار الطويل واستعادة التسلط، «أو ربما تتجه إلى الديمقراطية بالتفويض، حيث يحكم القائد ذو التأييد الشعبي دون رقابة أو محاسبة».

وقال إن مرسي بدأ بالتأكيد على سلطته أولاً بمحاولة استعادة البرلمان، لكن المحكمة أفشلت جهوده وتعرض لانتقادات سياسية واسعة، ثم حاول مرة أخرى مع الجيش ونجح، مما يقلل كثيرًا من المعارضة السياسية له، «وإن كان القضاة هم الذين يقفون حجر عثرة أمام مرسي أكثر من الجنرالات»، على حد قوله.

وأكد براون أن مرسي لديه الآن السيطرة الكاملة، بسلطات قانونية غير محدودة، وهو انتصار «مختلط» للديمقراطية، فعلى مدار نصف قرن، كانت الرئاسة تسيطر على النظم السياسي، وبالتالي يمكن أن تشهد مصر صعودًا جديدًا لرئيس لديه سيطرة مطلقة، ويتوقف تحول مصر للديمقراطية بالتفويض أو إلى نظام أكثر تعددية بمؤسسات دولة مستقلة على مدى استخدام مرسي لصلاحياته بعد إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي كان المجلس العسكري قد أصدره قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بقليل.

وأوضح أن النظام القضائي بحاجة إلى الكثير من التعديلات، وإذا قام مرسي بعدد من الإجراءات التي تخص المحاكم فربما يظهر كديكتاتور، خاصة أن تحول مسودة أي قانون إلى قانون فاعل اليوم في مصر عملية تتطلب فقط قرار الرئيس، واصفًا إياها بأنها عملية «ديكتاتورية وغير شفافة»، على الرغم من أنها تمر أولًا على الوزراء المعنيين والبرلمان، فهي لا تمر على القوى السياسية ولا تخضع للنقاش الشعبي العام وليس هناك رقابة عليها من أي طرف، سوى المحاكم، التي تقع هي الأخرى في مهب الريح.

وأشار إلى أن مرسي ربما يملك صلاحيات واسعة «على الورق»، لكن معظم المؤسسات البيروقراطية والقضاء مازالوا كما هم دون تغيير ولا يمكن للرئيس إعادة تشكيلهم أو تعيين أي إسلاميين بهم خشية الاتهام بـ«أخونة الدولة»، موضحًا أن هناك بالفعل تنافسًا مستمرًا ومعارك داخل أجهزة الدولة، ضد التغيير مثلاً في مؤسسات «الدولة العميقة»، وصراعات على السلطة بين النخب عقب الإطاحة بمبارك في فبراير 2011.

وقال براون أيضًا: إن الصراع يصل إلى الإعلام، الحكومي منه والمستقل، مشيرًا إلى محاكمة إعلاميين بسبب تهم «لن يحاكموا بسببها في أنظمة ديمقراطية أخرى»، مما يعني أن الإطار القانوني المصري مازال يتعثر في «قوانين سلطوية» تحاكم الناس، بسبب «تهديدات غامضة وغير عقلانية».

ولفت إلى أن المشكلة أعمق من الرئيس والبرلمان والقضاء، المشكلة في مصر الآن هي كيفية العمل على وضع حدود تُفرق بين الصوت المدوي والتحريض على الفتنة، بين النقد اللاذع والعنف، بين الكلام المرسل والقذف، وبين الاحترافية والمحسوبية، والسياسة في الإعلام القومي، مؤكدًا أن المؤشرات تدل على أن تلك الحدود «يتم فرضها بدلًا من التفاوض حولها».

وأضاف براون أن كل الأطراف السياسية «تتطور» في مصر، جماعة الإخوان المسلمين، والسلفيين، والليبراليين، والجيش، والجهاز الأمني، وبقية القوى الساعية للمشاركة في إعادة تشكيل المؤسسات الرئيسية، ولكن الأهم هو الجماعة، التي أصبح ملفها سياسيًا بالكامل وصارت تتحكم في الرئاسة وكان أداؤها في البرلمان والانتخابات «مثيرًا للإعجاب»، وبالتالي صار يمكنها السعي وراء أهدافها السياسية بأسلوب أكثر انفتاحًا وقانونية، لكنها تصر على أنها لا تسعى للحكم أو للسياسة.

وأكد أن التواجد المتعدد سياسيًّا وأيديلوجيًّا في عدد كبير من المؤسسات يعني أن عملية «أخونة الدولة» ربما تحدث من خلال الصراعات الداخلية في أجهزة الدولة بدلاً من أن تفرضها الرئاسة، مشيرًا إلى أن هذه هي التحديات المهمة التي تواجه الإخوان المسلمين، أما التحديات التي تواجه القوى غير الإسلامية فتتمثل في إيجاد طريقة لبناء مؤسسات انتخابية وتنظيم القواعد السياسية بدلاً من مواجهة الهزائم الانتخابية مرة أخرى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية