فى أى بلد فى العالم يخرج أولياء الأمور وأبناؤهم صباحاً إلى المدارس ممتلئين بالأمل، لأن مستوى التعليم معيار لتقدم الدول أو رغبتها الحقيقية فى الهروب من التخلف. الأمر فى مصر مختلف، لا يجد التلاميذ مدارس فى أحيان كثيرة وإذا وجدت فجدرانها متهالكة، بالشكل الذى يجعلها مشروع مقبرة، كافية لإرسال التلاميذ- شباب الغد- إلى الآخرة. منذ عشرات السنوات، كان فقر المواطنين سبباً فى عدم دخول أبنائهم المدارس، الآن فقر الدولة أصبح أكبر من فقر أولياء الأمور.
الدقهلية: «الأمل» تستقبل طلابها وهى «غارقة» فى الصرف الصحى.. و«المدير»: لم يستجب أحد لشكوانا
تستقبل الإدارات التعليمية فى محافظة الشرقية العام الدراسى الجديد بأبنية مدارس متهالكة، ودعوات بين المدرسين للاعتصام والإضراب عن العمل فى اليوم الأول للدراسة لعدم حصولهم على حوافز الـ250٪.
تستقبل مدرسة الأمل الثانوية المشتركة بقرية الأمل، التابعة لإدارة بلقاس التعليمية بالدقهلية، طلابها هذا العام بعدة مشكلات لم يتم حلها منذ العام الماضى، وأهمها غرق مبنى المدرسة فى الصرف الصحى.
يقول رزق فرج، أحد أولياء الأمور، إن المدرسة تخدم أبناء 42 قرية من قرى «حفير شهاب الدين» و«الأمل»، وشبكة الصرف الصحى انفجرت العام الماضى، لأنها غير مطابقة للمواصفات ولم يتحرك أحد من المسؤولين لإصلاحها ما أدى لتجمع المياه فى فناء المدرسة، الذى تحول إلى مستنقع من الصرف الصحى يهدد سلامة المبنى نفسه، وتنمو عليه الحشائش التى تؤوى الفئران والسحالى والثعابين.
يؤكد السيد عطا الله، ولى أمر أحد الطلاب: «تقدمنا بعدة شكاوى للإدارة التعليمية ببلقاس ولهيئة الأبنية التعليمية بأن المدرسة لا تصلح لاستقبال الطلاب، وتحتاج لعمليات صيانة شاملة قبل بدء العام الدراسى، خاصة أن شبكة الصرف الصحى متهالكة والحمامات غير آدمية، لكن المسؤولين «ودن من طين وأخرى من عجين»
وكشف محمد حامد، ولى أمر: «المدرسة بها عجز شديد بالمدرسين إذ يرفض أى مدرس من خارج المنطقة الحضور للمدرسة، بسبب صعوبة الوصول إلى عمله وسوء الطرق، وأولياء الأمور تقدموا بمذكرة لمديرية التربية والتعليم، بالمحافظة، طالبوا فيها بتعيين عدد من المدرسين من أبناء المنطقة للعمل بنظام الحصة بها إلا أن الإدارة رفضت، وطالب البعض التطوع للتدريس للطلاب إلا أن المديرية رفضت أيضاً ما أدى لعدم حصول الطلاب على احتياجاتهم التعليمية من المدرسة، ويعتمدون بالكامل على الدروس الخصوصية».
واعترف محمد عبدالحميد الشراكى، مدير المدرسة، بسوء حالة المبنى والحمامات والفناء، مؤكداً أنه تقدم بمذكرة بكل المشكلات، التى تعانى منها المدرسة للإدارة التعليمية وهيئة الأبنية، للعمل على حلها قبل بدء العام الدراسى، وطالب بصيانة فورية وتغيير شبكة الصرف الصحى، وسحب المياه المتراكمة بالفناء وخلف المبنى، حرصاً على سلامة الطلاب إلا أن أحداً لم يستجب لطلبه.
وأكد محمود عميرة، وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، أنه سيتم إرسال لجنة فورية لمعاينة المدرسة، وعمل الصيانة اللازمة لها إذا احتاجت إلى ذلك قبل بدء العام الدراسى
الشرقية :المعلمون مضربون عن العمل والتلاميذ يدرسون بصحبة «المواشى»
تستقبل الإدارات التعليمية فى محافظة الشرقية العام الدراسى الجديد بأبنية مدارس متهالكة، ودعوات بين المدرسين للاعتصام والإضراب عن العمل فى اليوم الأول للدراسة لعدم حصولهم على حوافز الـ250٪.
أعلن عدد كبير من مدرسى المحافظة مشاركتهم فى الاعتصام اليوم الأول للعام الدراسى، وهددوا بتحويله إلى إضراب شامل، احتجاجاً على تردى أوضاعهم المادية، وتجاهل الحكومة مطالبهم وعدم مساندة نقابة المعلمين لهم.
وندد المعلمون بتصريحات أحمد الحلوانی، نقيب المعلمين، التى رفض فيها الدعوة للإضراب، وقال محمد المسير إبراهيم «مدرس رياضيات» إن رواتب الإداريين بالمدارس زادت على رواتب المدرسين، ما يعد إهانة للمعلم ويصيبه بالإحباط، وأشار إلى أنه يعمل منذ أكثر من 25 عاماً كمدرس ويتقاضى راتباً ضئيلاً، لا يوفر له الحياة الاجتماعية الكريمة التى تليق بالمعلم، وأضاف: «الدولة تحارب المعلم فى رزقه بتجريم الدروس الخصوصية».
وقال محمود فوزى عطية عبدالوهاب، من مركز الحسينية، إن مطالب المعلمين ليست مقصورة على رفع الرواتب بل تشمل تحسين وتطوير التعليم بخطة زمنية محددة، وصادقة فى التنفيذ من الوزير وليست بقرارات وهمية ومسكنات.
وعلى صعيد صلاحية المدارس أكد عدد من العاملين فى مدارس قرى الخريجين بمركز الحسينية، التى تضم 5 قرى إن المدارس الابتدائية والإعدادية بلا دورات مياه ومبانيها متصدعة، ما يدفع المدرسين إلى التدريس خارج الفصول، ويحدث نفس الأمر فى مدرسة العقايدة الابتدائية بصان الحجر التابعة لمركز الحسينية، وهى عبارة عن فصلين وحظيرة مواشى ما يتسبب فى هروب المدرسين من حضور الحصص، ويقول محمود برهام النعيمى «محاسب»: التقطنا صوراً لهذه المهزلة وأرسلناها إلى هيئة الأبنية التعليمية، ولم يتحرك أحد من المسؤولين، وفى قرية فرسيس التابعة لمركز الزقازيق تعانى مدرسة عبدالله البقرى الإعدادية من تصدع جدرانها وتكدس الطلاب.
وقال المستشار حسن النجار، محافظ الشرقية، حول ترميم وصيانة هذه المدارس إن المحافظة حصلت على 12 مليون جنيه لترميم أكثر من 350 مدرسة، ووافق الدكتور إبراهيم غنيم، وزير التربية والتعليم، على زيادة المبلغ المخصص للمحافظة نظراً لكثافتها السكانية واتساع مساحتها.
وأضاف: المحافظة تحتاج إلى إعادة تقييم المدارس التى تعانى من زيادة الكثافة الطلابية داخلها وسيتم التنسيق مع هيئة الأبنية للتغلب على هذه المشكلة، فيما رفض محمد البلتاجى، القائم بعمل وكيل وزارة التربية والتعليم الرد على أى استفسارات للجريدة.
المنيا: استعدادات مبكرة بصيانة المقاعد ودورات المياه
كثفت مديرية التربية والتعليم بالمنيا جهودها لاستقبال العام الدراسى الجديد ، حيث انتهت من صيانة دورات المياه والمقاعد، وقررت تخفيض سن القبول بالمدارس الابتدائية إلى 5 سنوات و6 شهور لمواجهة التسرب من التعليم ، فيما نظم حزب «الحرية والعدالة»، التابع لجماعة الإخوان المسلمين بالمحافظة، معرضاً فى عدد من المراكز لبيع المستلزمات التعليمية بسعر الجملة لمواجهة ارتفاع الأسعار . وأكد محمود وهدان، وكيل وزاره التربية والتعليم بالمحافظة، أنه تم الاستعداد لاستقبال التلاميذ من خلال مدرسة نموذجية نظيفة بعد إجراء صيانة لجميع دورات المياه ، ونقل الكتب المدرسية إلى مخازن المدارس وتسكين أعضاء هيئات التدريس . وأعلن حسين سلطان ، عضو مجلس الشعب السابق، المتحدث باسم الحزب بالمنيا، أن الحزب تعاقد مع بعض المصانع لبيع المستلزمات الدراسية بسعر الجملة لتحفيف الأعباء على أولياء الأمور، وأشار إلى أن هذا المشروع مستمر طوال العام.
الفيوم7 : قرى بدون مدارس.. و أولياء الأمور: سقطنا من ذاكرة المسؤولين
فيما يستقبل التلاميذ بمختلف محافظات الجمهورية العام الدراسى الجديد بحالة من التفاؤل، يبدو الأمر مختلفا فى 7 قرى بمحافظة الفيوم لا يوجد بها مدارس، ولن يعرف تلاميذ قرى «قصر منصور» و«عبدالمجيد حسين» و«خليفة» و«رجوع» و«الست» و«مطرود» و«على أبو أحمد» التابعة لمركز إبشواى طعم الفرحة، خاصة أنهم سيقطعون مسافة تزيد على 3 كيلو مترات سيرا على الأقدام يوميا نظرا لعدم وجود مواصلات تربط بين قراهم والمدارس التى يدرسون فيها.
يقول عبد التواب محمد من قرية «قصر منصور»: القرية لا يوجد بها مدارس، و أقرب مدرسة تبعد 3 كيلو مترات يقطعها الطلاب يومياً سيراً على الأقدام بسبب عدم وجود طريق يصلح لسير السيارات، وفى ظل هذه الأوضاع فضل بعض الأهالى عدم تعليم بناتهم خوفا عليهن من المخاطر.
يوضح: وسائل المواصلات المتاحة بالقرية هى الـ«توك توك» والدراجة البخارية، ومن غير المعقول أن يستأجر أولياء الأمور «توك توك» لتوصيل أبنائهم إلى المدرسة، لأنه سيكلفه أعباء مالية كبيرة لا يستطيعون تحملها، خاصة أن الغالبية العظمى من الآباء فقراء، لذلك لابد من رصف طريق للقرية لتمر منه السيارات، والأهم من ذلك إنشاء مدارس إضافية.
ويلفت أحمد حسين من قرية «خليفة» إلى أن عدم تواجد مدرسة بالقرية أصاب الأهالى بالقلق الشديد على أولادهم، خاصة أن الطريق الذى يقطعه التلاميذ للوصول إلى مدارسهم غير آمن ووقع به العديد من الحوادث مطالباً ببناء مدرسسة بالقرية لأن ذلك من أبسط حقوقهم.
ويواصل سيد مراد من أهالى قرية «عبدالمجيد حسين» كشف المأساة: «الطريق الذى يقطعه التلاميذ غير ممهد ويصيبهم بالإجهاد، خاصة أنهم يقطعون مسافة كبيرة للذهاب إلى مدارسهم» مؤكدا أن التلاميذ بعد رحلة الذهاب والعودة من المدرسة لا يستطيعون تحصيل دروسهم بسبب الإرهاق.
ويقول: طالبنا المسؤولين أكثر من مرة بإنشاء مدرسة بالقرية ولكن دون جدوى، ودائما نسقط من ذاكرتهم وكأننا لسنا مواطنين وليس لأودلانا الحق فى التعليم.
ويشكو جمعة سيد من قرية «رجوع»: «الأمر أصبح صعبا للغاية، لدرجة أن كثيراً من الأهالى فضلوا عدم تعليم أولادهم خوفا عليهم، وهناك من يترك عمله لتوصيل أولاده لمدارسهم خشية حدوث مكروه لهم، وأضاف: «نتمنى أن ينظر المسؤولون إلينا بعين الرحمة ويتم إنشاء مدرسة بالقرية أسوة بباقى القرى التى يوجد بها 3 و 4 مدارس».
الغربية: ساحات المدارس مواقف لعربات الكارو.. و«مناشر» لتجفيف الملابس
يبدأ طلاب محافظة الغربية، عامهم الدراسى الجديد، فى مدارس بلا أسوار، والأهالى القريبون منها يستغلون أفنيتها فى تخزين ممتلكاتهم.
يقول أولياء أمور التلاميذ فى مدرسة ديرب هاشم الابتدائية التابعة لإدارة شرق المحلة إنهم تقدموا بعدة شكاوى دون فائدة.
قال جهاد طمان، موظف، أحد أهالى القرية، إن بعض أصحاب المنازل المواجهة للمدرسة يرفضون تشييد سور للمدرسة، ويستغلون المساحة الخالية التابعة للمدرسة لوضع عربات الكارو، والماشية، ويعلقون حبالاً لنشر ملابسهم.
وفى قرية محلة حسن التابعة لمركز المحلة، شكا الأهالى من ضم طلاب الثانوية التجارية لمدرسة خاصة بطلاب الثانوية العامة، وطالب الأهالى بالفصل بين التلاميذ، أو توفير بديل لطلاب الثانوى التجارى.
وأشار أهالى قرية كفر الجنينة بالغربية إلى وجود شروخ وتشققات فى أسوار مدرسة القرية، وطالبوا بتدخل هيئة الأبنية التعليمية ومديرية التربية والتعليم لترميمها خوفاً من سقوطها على الطلاب خلال العام الدراسى المقبل.
وتعانى بعض مدارس المحلة الكبرى من الإهمال، إذ تنتشر تلال القمامة بالقرب من مدرسة المحلة الإعدادية بنين، التابعة لإدارة شرق المحلة، بجانب احتياج المدرسة إلى زجاج للنوافذ، وطالب أولياء الأمور بتأمين مدرسة عبدالمنعم رياض الثانوية، التى تقع فى منطقة نائية داخل المدينة العمالية الثانية.
كما طالب أولياء الأمور بتخصيص دورية أمنية بمدارس منطقة منشية البكرى، التى تتعرض فيها الفتيات للتحرش والمعاكسات كل عام، بالإضافة إلى ضبط أى تجاوزات أمام مدرسة محب الثانوية الصناعية بالمحلة، التى تشهد مشاجرات يومية بالأسلحة البيضاء.
ويشكو الآباء من محاصرة الباعة الجائلين للمدارس، وأنها أصبحت ملجأ للمسجلين خطراً، بجانب محال المأكولات والأغذية غير المرخصة، ومركبات «الـتوك توك» التى تمر بكثرة أمام المدارس وتهدد التلاميذ، مع انتشار حالات الاختطاف، فيما طالب أهالى منطقة أبودراع بدائرة قسم ثان المحلة بإنشاء مدرسة تخدم أهالى المنطقة
بنى سويف:200 تلميذ مهددون بالموت بمدرسة «أبسوج»
مع بداية كل عام دراسى تتجدد مأساة أكثر من 200 تلميذ وتلميذة بالمرحلة الابتدائية فى قرية «أبسوج» التابعة لمركز الفشن ببنى سويف، لأن المدارس الموجودة بالقرية، التى يبلغ عدد سكانها أكثر من 25 ألف نسمة، عبارة عن منزل قديم ومتهالك مكون من 4 حجرات، وتم بناؤه بالطوب اللبن، وسقفه تعيش فيه أعداد كثيرة من الحشرات ودورة المياه غير آدمية، فضلاً عن أن فناء المدرسة لا تزيد مساحته على 50 متراً ولا يصلح لممارسة أى أنشطة.
يقول إبراهيم يوسف عبدالعزيز «مدرس»، من أهالى القرية: «ما نعانيه يكشف عن المأساة التى تعيشها العملية التعليمية، الفصول لا تصلح للدراسة، فرغم أن المدرسة مكونة من 4 حجرات فقط، إلا أن لدينا 6 فصول، فهناك فصلان تم بناؤهما من الخشب بحوش المدرسة، بينما لا توجد أماكن مخصصة للناظر والإداريين والمعلمين الذين يجلسون فى الطرقات أثناء راحتهم.
يضيف: الأنشطة متوقفة تماماً بالمدرسة، لعدم وجود مكان لها، والتلاميذ لا يعلمون شيئاً عن الكمبيوتر، لأنه ليس لدينا أى أجهزة بالمدرسة، كما أن دورة المياه أشبه بمصنع للميكروبات والأوبئة لأنها لا تصلح للاستخدام الآدمى، والمدرسون من أهل القرية يضطرون للذهاب إلى منازلهم لقضاء حاجتهم، وسبق أن تقدمنا بمئات الشكاوى للمسؤولين وحضرت لجان كثيرة للمعاينة على الطبيعة وشاهدوا هذه المشاهد غير الآدمية، ولكن لم يتحرك أحد لإنقاذ هؤلاء التلاميذ.
يحكى عيد يحيى عبيد «من أهالى القرية»: «سلكنا كل الطرق فى عهد النظام السابق لوضع حل لهذه المشكلة، ولم يستجب لنا أحد، ونناشد المسؤولين سرعة نقل أبنائنا قبل بداية العام الدراسى للمدرسة الأخرى الموجودة بالقرية كفترة مسائية، وطرقنا أبواب 3 محافظين سابقين ولم نحصل منهم سوى على وعود زائفة بحل المشكلة، وقد تحدث كارثة بسقوط حوائط أحد الفصول على التلاميذ.
يناشد عبدالله درويش حسن، الطالب بالصف الخامس بالمدرسة، الرئيس محمد مرسى إنقاذه وزملائه من خطورة المبنى فسقف المدرسة به زواحف وحشرات، وشاهدوا قبل ذلك ثعباناً، كما أن رائحة الفصول كريهة لضيقها وتكدس التلاميذ بها، بالإضافة إلى أن المدرس لا يستطيع التحرك أثناء شرحه للدروس.
يؤكد «درويش» أنه منذ التحاقه بالمدرسة قبل 5 سنوات لم يمارس الأنشطة الرياضية بالحصة المخصصة لذلك لأن المكان لا يصلح ولا تتم فيه ممارسة أى أنشطة مثل المدارس الأخرى.