x

«عصام دربالة»: لا نقر بالجهاد دون إذن ولي الأمر ولم نرسل أحداً إلى سوريا (حوار)

الخميس 06-09-2012 23:50 | كتب: خالد كامل |
تصوير : تحسين بكر

نفى الدكتور عصام دربالة «رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية» وجود أى علاقة للجماعة بأحداث رفح الأخيرة، موضحاً أن الجماعة لا تنتهج مبدأ حمل السلاح والجهاد دون إذن ولى الأمر.

وقال «دربالة» لـ«المصرى اليوم» إن أصحاب الرايات السود يرتبطون بعلاقات وطيدة مع إيران، مشيراً إلى أن الزيارة الأخيرة للرئيس «مرسى» لإيران كانت ضد أهداف المد الشيعى فى مصر الذى تعتبره إيران بديلاً لأفول نجم حزب الله.. وإلى نص الحوار:

يربط الكثيرون بين آراء الجهاديين والتكفيريين وفكر الشهيد سيد قطب، ما مدى صحة ذلك؟

- الربط بين التكفير والشهيد سيد قطب غير صحيح وخاطئ، بسبب عدم وجود أدنى علاقة بين فكر سيد قطب والتكفير ولأنه ليس بالضرورة أن تكون المجاهدة ضد الكفار، فهناك مجاهدة ضد الحكام الظالمين والطغاة المعتدين من رؤساء وملوك الدول الذين يستعبدون شعوبهم، كما أن ربط التكفير بالجهاد أيضاً خاطئ جملةً وتفصيلاً.. ولا يفوتنى أن أنبه على أن «الفكر القطبى» لم يكن يتحدث عن أحكام فقهية ولكن كان يركز على صبغة المجتمع بالصبغة التوحيدية الإسلامية.

بماذا تفسر عودة ظهور أصحاب الرايات السود فى العباسية وسيناء؟

- أصحاب الرايات السود هم بعض المجموعات المتفرقة التى لا تنتمى إلى كيانات إسلامية كبيرة ويسمون أنفسهم «السلفية الجهادية» ولهم علاقات وطيدة بإيران، وظهورهم فى العباسية كان نوعاً من محاولة تذكير الناس بأنهم لايزالون موجودين على الساحة وهو استعراض للعضلات جر عليهم الوبال..

منذ متى بدأ فكر التكفير ينتشر فى سيناء تحديداً؟

- فكر التكفير بدأ فى الانتشار فى سيناء منذ حوالى 5 سنوات على يد طبيب الأسنان د. خالد مساعد الذى وجد تربة خصبة لهذا الفكر الذى يرتكز فى الأساس على الجهاد ضد العدو الصهيونى وأعداء الإسلام، وتكفير من لم يحكم بما أنزل الله دون روية وهدوء فى التفكير وإقامة الضوابط الشرعية التى يمكن من خلالها «تكفير مسلم»، وهذا الفكر نجح بسبب الضغط الأمنى الذى كانوا يواجهون به الجماعات فى سيناء طوال عهد «مبارك» الذى كان يفضل استخدام القوة والأمن لوأد أى فكر أو فصيل إسلامى حتى ولو كان معتدلاً ليبقى هو أطول فترة ممكنة فى الحكم.. وليس كل الملتزمين من شباب سيناء «تكفيريين» وإنما معظمهم يميل إلى الطابع السلفى حتى ولو كانوا «سلفية جهادية».

هل تتهم معتنقى الفكر الجهادى بأنهم وراء أحداث رفح الأخيرة؟

- أنا لا أتهم أحداً إلا بأدلة وبينة من مصادرها الموثوقة وهى الجهات المعنية بالتحقيق فى هذا الحادث الأليم ونحن ننتظر نتائج التحقيق ولكن يمكن القول بأن هذه العملية كانت «نوعية» من أجل أسر جنود إسرائيليين ولكن حدث بطريق الخطأ شىء ما، ولم يسفر الحادث عن نفع بل نتج عنه ضرر بالغ بمصر وحماس فقط.

هل تعتمد الجماعة الإسلامية مبدأ الجهاد ضد العدو دون أمر ولى الأمر «الرئيس»؟

- كلا.. نحن نعتمد الجهاد فريضة إسلامية، ولكن بأوامر ولى الأمر وضوابط الشرع الحنيف وليس من تلقاء أنفسنا.

هل أرسلتم متطوعين إلى سوريا للجهاد ضد بشار الأسد؟

- لم يحدث هذا قط، لأنه ليس من مبادئ الجماعة الإسلامية الجهاد دون أمر ولى الأمر، خاصة بعد المراجعات الفقهية التى تمت فى السجون فى5 يوليو 1997.. ولو ثبت ذهاب أحد فعلى مسؤوليته الشخصية.

ما تحليلك لما حدث فى سيناء.. فى رفح وغيرها؟

- هذه الأحداث برزت لأن موازين الصراع فى المنطقة العربية تغيرت وبخاصة بالنسبة لإيران.. فالصراع كان مشتعلاً فى منطقة الشام بين إيران وإسرائيل.. ولكن الحليف الإيرانى الاستراتيجى بدأ نجمه فى الأفول وهو «حزب الله الشيعى» الموالى لإيران.. فبدأت إيران تبحث عن منطقة أخرى تنقل إليها الصراع الإقليمى والاستراتيجى ضد إسرائيل.. فلم تجد سوى حدود مصر مع إسرائيل فى سيناء وهى مناطق مفتوحة ومتاحة وصحراوية.. لأنه عندما تنشغل إسرائيل بالدفاع عن حدودها وأمنها ضد العناصر الجهادية أو التكفيرية فى سيناء يكون الضغط بذلك قد أصبح خفيفاً على إيران من جانب إسرائيل التى ستنشغل بالطبع معها أمريكا ضد إيران، وهذا ما تهدف إليه إيران.

هل ترى أن المراجعات الفقهية نجحت فى التغيير للأفضل بعد إعلان قيادة الجماعة الإسلامية عن وقف العنف فى 5 يوليو 1997؟

- ابتسم وقال: «بكل تأكيد نجحت هذه المراجعات لسببين: الأول أن الجماعة الإسلامية وقادتها وعلى رأسها الدكتور سيد إمام رأوا أن الظروف فى الصراع السياسى أو الجهادى ضد النظام فى مصر تغير والضوابط المتعلقة بعملية معاداة الدولة تغيرت وحتى الضوابط الشرعية أصبحت ضد فكر العنف ورفع السلاح ضد النظام آنذاك. والثانى أن الجماعة الإسلامية لم تراجع النتائج فقط التى آلت إليها بعد اتباع هذه الأفكار، وإنما راجعت القواعد المنظمة لهذه الأفكار أيضاً وننصح الجهاديين السلفيين أو التكفيريين بالمراجعات.. لأن المراجعة للنفس تثبت «بشريتنا» وليس عصمتنا من الخطأ.. ولأن الواقع المصرى آنذاك تغير أيضاً وبمراجعات الجماعة الإسلامية أصبحت المراجعات مبدأ لدى كل الحركات الإسلامية وذات أهمية قصوى.

هل بادرت الجماعة الإسلامية بمحاولة توضيح خطأ الجهاديين فى انتهاج الفكر المسلح وإعادتهم لجادة الصواب؟

- نعم.. قمنا بمبادرات كثيرة وعقدنا ندوات ومحاضرات فى أماكن عديدة ومع قيادات جهادية وحضر هذه اللقاءات بعض القيادات من التيارات السلفية وحزب النور والدعوة السلفية وكنا جميعاً نوضح المنهج الوسطى الإسلامى المعتدل الذى لا غلو فيه ولا تقصير.. وكان ضمن هذه المحاضرات لقاءات فى سيناء مع بعض قادة الفكر الجهادى وآتت ثمارها، ولكن الأمر يتطلب وقتاً لأن مجابهة الفكر يجب أن تكون بالفكر وليس بالقمع والمعالجة الأمنية الفجة والتى كانت سبباً رئيسياً فى انتشار العديد من الأفكار التكفيرية للنظام وجماعات سلفية تكفيرية وجهادية ومتشددين رفعوا السلاح ضد الدولة.

ما أسوأ فترات الصدام مع الدولة للجماعة الإسلامية؟

- «أنت تنكأ جرحى القديم».. الجماعة الإسلامية لم تهاجم الدولة مطلقاً منذ عام 1986 حتى 1992، وإنما كانت تعتمد سياسة رد الفعل.. ولكن زكى بدر، وزير الداخلية الأسبق، اعتمد أسلوب التصفية الجسدية فى الشارع عياناً بياناً لأعضاء الجماعة الإسلامية حتى إن المواطنين العاديين كانوا يخشون «اللباس الأبيض» خوفاً من الاعتقال، وكان هذا مضحكاً، ومنذ عام 1992 تغيرت سياسة الجماعة من رد الفعل إلى الهجوم، ثم انتهت هذه الصدامات بإعلان مبادرة وقف العنف فى يوليو 1997.

أى من الفصائل الإسلامية استفاد من هذا الصدام؟

- جماعة «الإخوان المسلمين» هم المستفيدون من انشغال الدولة عنهم بصراعها معنا، حيث انتشروا فى ربوع مصر واستغلوا المساجد لصالحهم، وهذا كان خيراً على العمل الدعوى والسياسى للتيارات الإسلامية ولم نغضب من الإخوان بل نغبطهم على ذلك.

ما الفارق بين الجماعة الإسلامية والجهاديين؟

- الجماعة الإسلامية تعتمد نظام تبليغ شرائع الإسلام لكل الخلق، ومن بينها فريضة الجهاد وفق ضوابطها الشرعية، وشعار الجماعة معروف هو «إصلاح الإنسان وإعمار الأكوان بمنهج الرحمن»، بينما الجماعات الجهادية تقتصر على التمحور حول تفعيل فريضة الجهاد الغائبة عن المجتمع ضد الأعداء كما يرون.

هل تختلفون عن رؤية محمد عبدالسلام فرج الذى جمع الجهاديين والجماعة الإسلامية بعد حركة الفنية العسكرية 1978؟

- نعم بكل تأكيد، فالشيخ المهندس محمد عبدالسلام فرج كان رأيه تفعيل فريضة الجهاد فقط، والجماعة الإسلامية الآن دورها دعوى وجهادى وليس شرطاً أن يكون الجهاد مسلحاً أو ضد عدو خارجى وإنما جهاد النفس والظلم والسرقة من الدولة لاشك أنه جهاد عظيم.

لماذا وافقتم على قتل الرئيس السادات؟

- من قال هذا؟.. نحن لم نوافق على اغتيال السادات خاصة أنا وعبود الزمر الذى كان يرى تضييق الخناق على السادات حتى إجباره على الحكم بالشريعة الإسلامية، ولكن ما حدث غير ذلك والكل يعلمه.

هل ترى أن مصر تصلح الآن لتطبيق الشريعة الإسلامية؟

- نحن نطبق الآن الكثير من مبادئ الشريعة الإسلامية.. بمعنى أن نصرة الرئيس «مرسى» للثورة السورية لرفع الظلم والاستبداد عن السوريين هو تطبيق للشريعة الإسلامية التى أمرت بالحريات والعدل والإحسان بين كل الخلق حكامهم ومحكوميهم.

ثم قرار الرئيس برفع الظلم عن 44 ألف فلاح بإعفائهم من ديون بنك التنمية والائتمان الزراعى تطبيقاً للشريعة، والتدرج سنة كونية وربانية.

وإقرار قانون الحد الأقصى والحد الأدنى للأجور لكفاية المواطنين وتضييق الفجوة المادية بينهم أليس هذا من الشريعة «بالعدل بين مواطنى الدولة؟

هل انفض الشارع المصرى عن الإسلاميين بعد أحداث رفح؟ وهل سيترجم هذا فى الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- الشارع المصرى أوعى من نخبته بكثير، ولذا فهو ينظر إلى أحداث رفح فى إطار يدعم الرئيس محمد مرسى ذا المرجعية الإسلامية ضد الهيمنة العسكرية على السلطة مثلما كان حادثاً والأدهى من ذلك أن المواطن المصرى العادى اكتشف أن مثل هذه العمليات حدثت بسبب انشغال المجلس العسكرى بالسياسة وإهماله لمهامه الحقيقية آنذاك.. ثم إن الحركات الإسلامية الكبرى ليست لها علاقة بأحداث رفح.. ولكن ذلك لن يؤثر على الإسلاميين فى البرلمان بل سيقويهم ويدعمهم.

لماذا تجاهلكم الرئيس مرسى فى تشكيل حكومة «قنديل»؟

- نحن كنا داعمين للرئيس محمد مرسى ولم نشترط عليه مناصب معينة أو كوتة أو خلافه، ولكن كان دعمنا للرئيس مطلقاً ومعيار الكفاءة هو ما كنا ندعو إليه ونريده منهجاً فى كل المصالح الحكومية أو غيرها.

هل تحالفتم مع أحزاب أو قوى سياسية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- حتى الآن لم ننته من الحوارات مع الأحزاب الإسلامية والمدنية الأخرى ولم نقرر التحالف مع حزب بعينه.. ولكن نحن نفتح كل الأبواب، أمام جميع الأحزاب خاصة الإسلامية والمهم عندنا ألا يفوز الفلول وأصحاب الثورة المضادة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، لأنه وباختصار شديد الانتخابات البرلمانية المقبلة هى الفرصة الحاسمة لانتصار أهداف الثورة ضد الثورة المضادة والعسكرى.

كيف ترى قرارات إقالة المشير وعنان وبعض أفراد «العسكرى»؟

- الشعب كله كان فرحاً بهذه الإقالة إلا القليل، وهم الذين يريدون عودة الحكم العسكرى وإنتاج نظام مبارك من جديد، وهذا ما لن يحدث نهائياً بعونه تعالى.

هل زيارة الرئيس لإيران أعطت ضوءاً أخضر للشيعة؟

- بالعكس زيارة الرئيس مرسى لإيران أضاءت ضوءاً «أحمر» للشيعة فى مصر، وجاءت ضد مصلحة المد الشيعى الذى تريده إيران فى مصر.. ونحن ننصح إيران بالكف عن تصدير المذهب الشيعى إلى الدول «السُنية».

ما موقفكم لو خرج الناس فى مظاهرات ضد الرئيس بعد انتهاء الـ100 يوم الأولى دون إنجاز ما وعد به؟

- على الناس أن يعلموا أن الرئيس انتخبه الشعب لمدة «4» سنوات وليس 100 يوم.. ويجب أن نعطيه الفرصة كاملة كرئيس منتخب بإرادة حرة ونزيهة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية