قال الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، إن الإسلام لا يعرف ما يسمى «الدولة الدينية»، مؤكداً أن الدولة الإسلامية قامت على أسس مدنية، فالإسلام يدعو للعمل والحضارة والحداثة، وكلها قيم مدنية جاءت تحت غطاء الأوامر والنواهى من الله.
وأضاف «واصل»، فى حواره لـ«المصرى اليوم»: إن الثورة أخرجت من الشعب المصرى أفضل ما فيه بإرادة التغيير والثورة على الظلم، لكنها أخرجت أيضاً أسوأ ما فيه بعد تفشى ظواهر البلطجة والفساد وتفرق النخب الذين كان الناس يعوّلون عليهم فى الانتقال بمصر إلى مرحلة أفضل.. وإلى نص الحوار:
■ ما هى علاقتك بجماعة الإخوان المسلمين؟
- ليست لى علاقة تنظيمية بالجماعة من قريب أو بعيد، لكن تربطني ببعض أعضائها من أساتذة جامعة الأزهر علاقة زمالة ورفقة، وهو الأمر نفسه مع السلفيين.
■ هل تؤيد الرئيس محمد مرسى فى قراراته التى اتخذها مع بداية فترة حكمه؟
-نعم فلقد اتخذ قرارات غيرت شكل الحياة السياسية ونظام الحكم فى مصر، وكنا نحتاج إليها منذ فترات طويلة، لكن الرئيس صدق الله فأعانه الله.. وربنا يوفقه للخير والصلاح، وأؤيده كل التأييد فى إقالة المشير وعنان وتغيير المجلس العسكرى لنقل الدولة من الحكم العسكرى إلى المدنى الديمقراطى لتحقيق أهداف الثورة.
■ هل تقف مع المعسكر الداعى لمحاكمة المشير وعنان وأعضاء المجلس العسكرى؟
- إطلاقاً، فالحقيقة أنهم قاموا بحماية الثورة وساعدوا فى نقل الدولة إلى الحكم المدنى عبر إشرافهم على انتخابات حرة ونزيهة وسلموا الحكم للرئيس المدنى المنتخب دون مداراة ولا إعاقة.. وهذه الأصوات الداعية للمحاكمة تعبر عن فتنة ممنهجة وتدعو إلى الوقيعة بين الشعب لصالح العدو الخارجى.
■ كيف تقرأ زيارة الرئيس للصين مؤخرا؟
- أرى أنها زيارة موفقة وسيكون مردودها الاقتصادى عظيم الأثر، لكن علينا الصبر على الرئيس بعيداً عن نظرية المؤامرة والتخوين والتشدد فى الرأى، والصين بثقلها وحضارتها وقوتها على جميع الأصعدة ستحرر مصر من تبعيات المعسكر الأمريكى والغربى، ومصر أدركت أين تقع مصالحها وتتجه نحوها فى محاولة لاستعادة دورها الإقليمى والمحورى.
■ البعض يقول إن زيارة الرئيس لإيران بعد قطيعة دامت أكثر من 30 عاماً ستخفف الضغط عن الشيعة فى ممارسة شعائرهم وإقامة حسينياتهم فى مصر؟
- غير صحيح.. فالشعب المصرى سنى عن بكرة أبيه ويحب آل البيت ويحترمهم أعظم احترام، لكن ليس على أصول المذهب الشيعى الإيرانى، الذى يتطاول على السادة الكبار الأطهار الصحابة رضوان الله عليهم، وأم المؤمنين عائشة.. ولا يمكن السماح للشيعة بممارسة شعائرهم التى لا تطابق منهج أهل السنة والجماعة.. ونحن للشيعة بالمرصاد.. وعلى إيران الكف عن محاولة نشر مذاهبها وكبح جماح توسعاتها السياسية والإقليمية.
■ ما تعليقك على المظاهرات المطالبة بإسقاط الرئيس؟
- مع احترامى للداعين إلى مثل هذه المظاهرات. فهذا عمل غير وطنى وتعطيل لمسيرة التنمية ومحاولة لزعزعة الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية، وأقول لمن يدعو لإسقاط الرئيس.. ماذا رأيتم منه سيئاً حتى الآن؟! ثم إن الإخوان غير مسيطرين على مفاصل الدولة كما يقال.. صحيح قد يكون لهم آراء ومطالب لكننى أرى أن هذا شأن أى فصيل سياسى آخر.
■ وما موقفك من قتل جنودنا فى رفح بدعوى الجهاد؟
- حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل من ساهم أو خطط أو ساعد فى قتل أبنائنا حراس الدولة وحصنها الأمين.. هذا والله عمل غادر بعيد تماماً عن الدين الإسلامى السمح الحنيف.. ولم يكن موجهاً ضد العدو وإنما ضد الوطن وقياداته وأهله، ولا يمكن تصوره من مسلم وطنى.
■ إذن.. فالجنود المغدورون فى رفح شهداء؟
- فمن الشهيد إذن إن لم يكن هؤلاء الأبرار الذين يبيتون يحرسون فى سبيل الله.
■ ترى لماذا لم يحضر الرئيس جنازتهم العسكرية؟
- هذا شأن رئاسى.. ولكن أقول للحق إن الرئيس مرسى لم يكن ليتخلف عن حضور جنازة شهداء مصر المغدورين فى رفح على يد عصابة قاتلة، وقد كان، حسب معلوماتى، حريصاً كل الحرص على حضور الجنازة. لكن معلومات مؤكدة وصلت إليه منعته من حضور الجنازة لخطر كان يتهدده، ولم يتمكن من الوصول لقرار بسبب المظاهرات التى خرجت وقتها لرفض الحادث الغادر.
■ هل يجوز التعبد لله على أساس المذهب الشيعى؟!
- نعم يجوز ولكن بعيداً عن المهاترات التى تدعيها الشيعة وبعض الصوفية المغالين فى حب آل البيت.. فلا يجوز مطلقاً سب الصحابة أو عائشة، رضى الله عنها، زوج الرسول «صلى الله عليه وسلم»، لأن هذا عده أصحاب مذهب أهل السنة والجماعة كفراً صريحاً.. ونقول إن الأسباب التى تزيد الشقاق بين السنة والشيعة السيطرة السياسية التى تحاول إيران فرضها على دول المنطقة وبخاصة العربية الإسلامية ذات المذهب السنى، المتجذر فيها حتى النخاع.
■ كيف تم اختيارك فى الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور؟
- من جانب مؤسسة مشيخة الأزهر، ولم يكن هناك انتخابات فى المشيخة لاختيار ممثليها فى الجمعية، لكن تم تكليفهم مباشرة.
■ هل لك علاقة بأى من الجماعات أو الأحزاب؟
- ليس لى أى علاقة بالجماعة ولا بالسلفيين ولا أى حزب سياسى أو جماعة سياسية أو دينية، وأتعامل مع الأساتذة من زملائى المدرسين فى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر المنتمين للإخوان، على أساس الزمالة والرفقة فى العمل بعيداً عن انتماءاتهم السياسية والفكرية.
■ ولماذا قبلت منصب الإفتاء فى الفترة من «1996 - 2002»؟
- فى الواقع إن موضوع قبولى منصب المفتى مر بمراحل بدأت بعد تولى الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى المشيخة، فرشحنى لهذا المنصب فاعتذرت مرتين، وكنت وقتها أعمل أستاذاً للفقه المقارن بالمعهد العالى للقضاء بالرياض بالسعودية، فتم استدعائى وترشيحى، وبعد اعتذارى فوجئت بأن الرئيس السابق أصدر قراراً جمهورياً بتكليفى بتولى منصب الإفتاء وأمر بعدم نشر القرار إلا بعد أن يلتقى بى، وتم تحديد موعد للقاء الرئيس بحضور وزير العدل آنذاك المستشار فاروق سيف النصر.
■ وما تفاصيل المقابلة؟
- استغرقت ساعة كاملة، ولم يحضر أحد من الديوان أو من الوزراء غير وزير العدل، لكن بناءً على أوامر الرئيس شخصياً لم ينطق - مبارك - بكلمة واحدة بعد أن سألنى: لماذا ترفض قبول منصب الإفتاء؟ وكنت أنا المتحدث الرئيسى فى اللقاء وكأننى أعطى محاضرة للطلاب، وقلت له يا سيادة الرئيس إن لدى منهجاً فى تعاملاتى الشرعية هو أننى أنتهج نهجاً وسطياً علمياً بحثياً يستند إلى الدليل والبرهان والسند، وليس غير ذلك، ولا يمكن أبداً أن أكون مفتياً للسلطان أو كما يقول العوام «شيخ مفتى ملاكى» أينما يريدنى الرئيس أكون طوع إشارته، وأود أن أوضح لك أن أمن الحاكم وأمن الدولة لا يكون إلا بالدين ولا بالحراسات أو الاعتقالات، بمعنى أن الرأى الفقهى أو الفكرى يقابل بمثله لا بالاعتقال والتعذيب، لأن الاعتقال والسجن والتعذيب تجعل من وقع عليه أى منها يضمر الحقد والنقمة والغضب على النظام والحاكم والدولة ويولد عنده الانفجار الذى يدفعه إلى معاداة الدولة وحاكمها ويرفع السلاح إن أمكنه ذلك فى وجهه، وهذا ما حدث من جماعات الجهاد والتكفير والهجرة وغيرهما من الفصائل الدينية التى اتخذت العنف منهجاً.
وعلق «مبارك» على حديثى بقوله: ماذا تعنى يا شيخ «نصر»؟! فقلت له إن رجلاً مثل الدكتور عمر عبدالرحمن، مفتى الجماعة الإسلامية كان مغرراً به، وليس لديه من فقه الموازنات والبناء والأولويات وفقه الواقع والفقه بصفة عامة مثل ما لدى علماء الأزهر من العلم مع كامل احترامى له، لذا كان يصدر الفتاوى التى تكفِّر النظام أو بعض أدواته بسبب ما لقيه من العذاب والاعتقال الدائم.. فرد علىّ الرئيس السابق قائلاً: «أنا لا أتدخل فى أحكام القضاء»، وبعد انتهاء اللقاء وافقت على قبول المنصب حتى لا يضغنى ضمن القائمة السوداء، وبالتالى ستكون المضايقات لا حد لها، وقلت مادام أنه وعد بعدم التدخل فى إدارتى دار الإفتاء فسأقبل المنصب لعلى أصدر من الفتاوى ما يصلح الله به البلاد والعباد.
■ ولماذا أقالك من الإفتاء بعد ست سنوات؟
- الحقيقة أنها لم تكن إقالة، لأنه وفقاً لما هو معمول به فى القانون المصرى المفتى لا يُقال أثناء فترة توليه المسؤولية لكن يمكن لرئيس الدولة ألا يجدد له سواء لبلوغه السن القانونية للمعاش أو انتهاء فترة توليه المنصب أيهما أقرب.
■ كيف ترى علاقات مصر بإيران بعد الثورة؟
- إذا كانت علاقات البلدين بعيدة عن نشر المذهب الشيعى فى مصر فلا مانع فى ذلك، أما إن كانت من أجل مكاسب سياسية وسيطرة إقليمية على مصر والدول العربية لنشر المذهب الشيعى فهو أمر مرفوض رفضاً تاماً، ولن نقبل به، لأن المذهب الشيعى الإيرانى يختلف بشدة مع مذهب أهل السنة والجماعة السائد فى مصر والدول العربية.
■ ما تقييمك للثورة منذ اندلاعها وحتى الآن؟
- أحزن جداً حينما أقول إن الثورة المجيدة أخرجت من الشعب المصرى أحسن ما فيه وأسوأ ما فيه، فالأحسن هو لمن كان يحب التغيير للأفضل، والأسوأ هو لمن كان مقيداً بالقوانين التى تمنعه من البلطجة والفساد، كما زاد تفرق الشعب وتشتت نخبته التى كان الناس يأملون فيها خيراً ويعوِّلون عليها للانتقال بها وبمصر إلى مرحلة أفضل وهذا التشتت والتفرق معصية الله ورسوله سيعاقب عليها كل من يدعمها ويغذيها.
■ فى رأيك.. هل سيكون تطبيق أحكام الشريعة مناسباً فى مصر؟
- الشريعة هى منتهى العدل المطلق لأنها من عند رب العالمين، ولكن تطبيق الحدود الآن غير مناسب لأنه يحتاج إلى تهيئة الناس أولاً إيمانياً وفكرياً وثقافياً، وقبل هذا توفير حياة آدمية كريمة ومعيشية جيدة من مسكن ومأكل وملبس وعمل يجعل المصريين لا يحتاجون ولا يضطرون إلى قبول الحرام والرشوة وإن كان من يفعل ذلك غير معذور، وبعد ذلك يمكن تطبيق الحدود التى يصلح الله بها البلاد والعباد.
■ وماذا عن تطبيق حد الحرابة؟
- هذا الحد يطبق منه الكثير فى القانون الجنائى المصرى، فمن عناصره النفى، والنفى فى عصرنا المنع والحبس، وهو يطبق وفق أحكام القضاء بالسجن على من ارتكب جرماً يقتضى ذلك ولا مانع من تطبيق الحدود بعد التهيئة التى ذكرناها وهى توفير الحياة الكريمة للمواطنين.
■ البعض يقول إن فترة رئاسة الدكتور محمد مرسى سيكون فيها الحكم لمرشد الإخوان وهو ما يذكرنا بولاية الفقيه فى إيران.. فما ردكم؟
- أولاً أطمئن الناس جميعاً بأن تغيير الحاكم فى مصر بعد خلع الفرعون الأخير لم يعد صعباً أو مستحيلاً، ولكن مبدأ ولاية الفقيه ليس له أساس فى نظام أهل السنة والجماعة، لأن نظام الحكم فى الإسلام هو الشورى، وذلك يتضح جلياً من فعل النبى - صلى الله عليه وسلم فهو لم يستخلف أحداً لحكم المسلمين بعد موته وكان الصحابة طلبوا منه ذلك ولكنه ترك أمر الحكم بعده للشورى ليؤسس لنظام الحكم فى الدولة الإسلامية المدنية غير الدينية، ولكن من يقولون بأن حكم مرسى سيكون حكم المرشد يستخدمون هذه العبارات كفزاعة للشعب المصرى الذى اختار بإرادة حرة رئيسه لأول مرة فى تاريخ مصر.
■ ما هو رأى الدين فى الحسبة أو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من الأشخاص والتغيير باليد من غير أولى الأمر؟
- الأمر يختلف عن تغيير المنكر باليد جملة وتفصيلاً.. فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو ركن ركين من أركان وأساسيات الإسلام وهو شرف هذه الأمة، لكن باللين والرحمة والحكمة والموعظة الحسنة.
■ ما هو الرأى الشرعى فيمن يحاول شراء أصوات الناخبين مثلما حدث من جانب البعض فى الانتخابات الماضية؟
- أى محاولة لشراء أصوات الناخبين سواء عينية أو نقدية فهى رشوة ومحرمة شرعاً، لأن الهدف من شراء أصوات الناخبين هو التأثير على شهاداتهم فى اتجاه معين، وربما يكون بعيداً عن الصواب، وهذا يعتبر حراماً شرعاً وغير قانونى لأن كل فرد مسؤول عن صوته الانتخابى الذى هو شهادة أمام الله تعالى، أما ما يخص عملية الدعاية فنرجو أن تراعى قواعدها فى أى انتخابات قادمة ويتم تلافى أخطائها لأن الإنفاق عليها فاق الحدود المسموح بها.
■ وماذا عن حكم حل مجلس الشعب؟
- لا أريد أن أعلق على أحكام القضاء لكن يجب أن نتفق على أن الانتخابات البرلمانية تكلفت أكثر من مليار ونصف المليار جنيه وشهد العالم كله بنزاهتها، وكنا نتمنى بقاء المجلس لأننا فى أمس الحاجة إليه.
■ هل تعتبر ضحايا مباراة الأهلى والمصرى ببورسعيد شهداء أم لا؟
- نحتسبهم عند الله شهداء، فالله وحده هو الذى يقرر قبول أحد كشهيد أم لا، لكننا نحكم بحسب ما نرى وما يتوافر لدينا من أدلة من الكتاب والسنة، فمن قتل غدراً نحتسبه شهيداً عند الله.
■ وماذا عن ضباط الشرطة الذين قتلوا أثناء الدفاع عن الأقسام والمنشآت والمؤسسات العامة والخاصة أثناء الثورة؟
- كل من قُتل من ضباط الشرطة دفاعاً عن الأقسام والمنشآت العامة والخاصة أثناء حمايتها فى أيام الثورة نحتسبه شهيداً عند الله تعالى، لأنه بذلك قُتل دفاعاً عن المال العام ونفسه.
■ وماذا عن الضباط الذى قتلوا من هاجمهم فى أقسامهم؟
- الضباط حقيقة كانوا معذورين، لكن من كانوا فقط فى الأقسام والمنشآت والمؤسسات العامة والخاصة، فقد هاجمهم بلطجية وثوار فاختلط عليهم الأمر فقتلوا من الثوار والبلطجية دون تفريق، وليس على الضباط إثم لأنهم كانوا فى حالة دفاع عن النفس ماداموا لم يجدوا وسيلة أخرى لصد المهاجمين والمعتدين عليهم، وأمر الجميع إلى الله تعالى.
■ المفكرون والمبدعون أبدوا قلقهم من انتهاك حرية الإبداع فى عهد رئيس ذى مرجعية إسلامية؟
- لا داعى للقلق من حكم رئيس انتخبه الشعب بحرية، لأنه سيعمل على رعاية مصالح هذا الشعب ورفاهيته ومدنيته.. أما حكم الأفلام والمسلسلات التى تدعو إلى الفاحشة والفجور وخدش الحياء العام والرذيلة وإثارة الغرائز والشهوات فلا شك أنها محرمة باتفاق أهل العلم، وكذلك يتبعها الغناء فإن كانت كلمات الأغنية مبتذلة تتعرض للغزل الصريح الذى يذكر مفاتن المرأة أو يثير غريزة الرجال وبخاصة الشباب أو ما كان مصحوباً من الغناء بالراقصات العاريات فهو أيضاً حرام، أما ما كان من مسلسلات أو أفلام تاريخية تتحدث عن المناسبات الدينية أو الوطنية ولا تخدش الحياء العام فلا حرج فيه.
■ لكن بعض المدعين يرى أن الدولة الدينية معناها مصادرة حرية الإبداع.
- ليس فى الإسلام أى ذكر من قريب أو بعيد للدولة الدينية، لأنها الدولة التى يحكم الحاكم فيها باسم الله فى الأرض، ولا يسأله أحد عن أحكامه التى يفترى على الله فيها.. وهذه الدولة كانت فى العصور الوسطى فى أوروبا ولم تكن موجودة نهائياً فى تاريخ الدولة الإسلامية، أما الدولة المدنية فهى التى قامت على أسسها الدولة الإسلامية منذ فجر الإسلام أيام الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، حتى يومنا هذا، فلا يوجد وحى بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمدنية تعنى الحضارة والحداثة والعلم وكلها معان دعا إليها الإسلام لكن تحت غطاء أوامر ونواهٍ من الله تعالى، وليس فى الإسلام كهنوت.
■ ما ردكم على من يطالب بإنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟
- هذا كلام غير مسؤول، وأرفض تماماً إنشاء هيئة بهذا الشكل تكون لها استقلالية بعيداً عن الدولة، لأن هذه الهيئة يجب أن تتبع السلطة القضائية.. أما من يقول بإنشاء هيئة تابعة لأى جمعية أهلية أو مؤسسة خاصة أو حتى حزب سياسى مهمتها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فهو يتحدث دون إدراك ووعى لماهية الظروف والواجبات فى هذا البلد الكبير، وللعلم فإن الله تعالى لم يجعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، نفسه رقيباً أو مسيطراً على أفعال العباد، أما تغيير المنكر باليد أو اللسان أو القلب فهذا يرجع إلى عملية الولاية مثل الأب فى بيته لأنها من قبيل التأديب وليست إكراهاً.. أو من قبيل نصرة مظلوم فى الشارع إذا اعتدى عليه أحد، ويستطيع أن يساعده وينصره دون انتهاك للحرمات والحريات، أما تغيير المنكر باليد فهو أمر يتعلق بولى الأمر ومنوط بالقضاء والحكومة، لأن الحكومة بمؤسساتها هى التى تقوم على رعاية أمن الناس وتنفيذ القانون فيهم، ومن يغير المنكر بيده من المواطنين العاديين من غير ذى الصفة القضائية أو الحكومية فهو مؤثم وعليه ذنب ويجب تطبيق القانون عليه ليرتدع هو وغيره ممن تسوِّل لهم أنفسهم الاقتداء بهم، لأن القانون فى مصر مأخوذ من الشريعة الإسلامية وليس ضدها.