أثارت الرغبة التركية والقطرية فى اقتحام القطاع المصرفى المحلى بعد ثورة 25 يناير، عن طريق الاستحواذ على كيانات البنوك الأوروبية الراغبة فى التخارج من السوق -المخاوف من سيطرة قطر على هذا القطاع الحيوى الذى يمثل شريان الحياة للاقتصاد المحلى، وإمكانية استخدام هذه الاستثمارات كورقة ضغط على القطاع المصرفى فى إطار ما يسمى «تسييس الأموال».
من جانبه، اكتفى طارق عامر، رئيس اتحاد البنوك، رئيس البنك الأهلى، بوصف هذه الرغبة فى الدخول إلى القطاع المصرفى بأنها اقتناص للفرص الاستثمارية فى مصر.
وقال «عامر» إن قطر ليست الوحيدة التى ترغب فى الاستحواذ على بعض البنوك المحلية، حيث كشف عن تحركات تركية متمثلة فى «ايش بنك» للتواجد فى السوق المحلية، عن طريق شراء بنوك قائمة فى ظل أن البنك المركزى لا يمنح رخصاً جديدة.
يذكر أن بنك قطر الوطنى تقدم بطلب لمجموعة سوسيتيه جنرال العالمية للاستحواذ على حصتها «71%» فى البنك الأهلى سوسيتيه جنرال، كما أعلنت عدة بنوك قطرية عن اهتمامها بالاستحواذ على فرع بنك بى. إن. بى باريبا الفرنسى فى مصر، وكذا انتهت مجموعة كيو إنفست القطرية مؤخراً من توقيع شراكة مع المجموعة المالية هيرميس تسمح باستحواذها على نحو 60% من وحدة هيرميس فى قطر. واعترف «عامر» بأن بعض البنوك التى تتبع مجموعات أوروبية تسعى للخروج من مصر، بسبب أزمة الديون الأوروبية التى تواجه القارة العجوز.
من جانبه، أكد شريف سامى، عضو الهيئة العامة للاستثمار، أن المال لا دين له ولا جنسية لأنه فى النهاية يبحث عن الفرص الاستثمارية، لافتاً إلى أنه من المفترض التعامل مع الأموال فى الاستثمارات المباشرة بصرف النظر عن جنسية هذه الأموال إلا فى حالة إسرائيل. وأضاف أن من حق الحكومة المصرية وضع استثناءات على الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى بعض القطاعات، بحيث يشترط أن يكون رأس المال وطنياً فقط فى بعض القطاعات الاستراتيجية مثل الاتصالات والتبغ والأدوية، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة -التى وصفها بأنها «قبلة الرأسمالية فى العالم» - تضع مثل هذه القيود، وظهر ذلك جليا فى رفضها صفقة استحواذ شركة موانئ دبى العالمية على شركة «تى. إن أو» بدعوى أن الأخيرة تمتلك إدارة 7 موانئ استراتيجية فى أمريكا.
وبشأن التخوف من تغلغل القطريين وسيطرتهم على القطاع المصرفى قال «سامى»: «إن الحكومة لم تضع البنوك كأهداف استراتيجية، حيث سمحت لبنوك أوروبية بالتواجد فى مصر خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى أن القطاع المصرفى غير مركز بين لاعبين معينين، وتقريباً نصف الحصة السوقية تمتلكها بنوك القطاع العام (الأهلى ومصر والقاهرة)، بالإضافة إلى الرقابة المشددة من البنك المركزى».
وحول إمكانية تسييس الاستثمارات القطرية فى مصر، استبعد «سامى» هذا الأمر، لافتاً إلى أن قطر تستغل فوائضها المالية فى شراء أصول فى بريطانيا وفرنسا وعدة دول أوروبية، وهذا ليس معناه فرض سيطرة سياسية. واستدرك: «إن قطر ربما تبحث فى مصر عن ثقل سياسى واقتصادى، شأنها فى ذلك شأن الصين والدور الذى تلعبه فى القارة الأفريقية».
واستبعد فتحى السباعى، رئيس بنك التعمير والإسكان، وجود أهداف سياسية وراء استثمار القطريين بقطاع البنوك.
وأكد إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، رئيس بنك مصر إيران، أن البنك المركزى منذ عشرين عاماً رأى أن البنوك الحالية كافية لخدمة النشاط المصرفى فى مصر، وبالتالى لم يمنح رخصاً جديدة واكتفى بانتهاج سياسة التفريع، أى افتتاح فروع جديدة لكل بنك، وبالتالى أصبح الخيار الوحيد أمام أى كيان يريد الاستثمار فى القطاع المصرفى هو الاستحواذ على بنوك قائمة.
وحول أسباب إقدام القطريين للاستثمار فى البنوك المصرية، قال «حسن»: «إن هناك سببين: الأول السيولة الفائضة من ارتفاع أسعار البترول لدى قطر، والثانى جدوى الاستثمار فى البنوك المصرية.