«الشعور بجمال أى شىء يستوجب لمسه»، هكذا اعتاد مصطفى كمال أن يشعر بجمال الأشياء دون رؤيته، بسبب إعاقته البصرية، ولأنه طالما سمع عن جمال الشعاب المرجانية وعالم البحار قرر أن يغوص تحت الماء ليلمسها بيده ويستمتع بجمالها.
رغم أن الصدفة وحدها هى التى قادته إلى مركز الغطس، بدا على «مصطفى» إصرار على دخول تجربة جديدة من نوعها، يخشى الكثير من المبصرين الخوض فيها، ظل يبحث عن مدرب يصحبه فى جولته الأولى، حتى وصل لهشام عبدالرحيم الذى كانت تمثل تجربة تدريب كفيف على الغوص بالنسبة له هى الأولى من نوعها.
عندما استشعر «مصطفى» قلق «هشام» من هذه التجربة حاول طمأنته بإخباره عن مغامراته السابقة التى استطاع أن يخرج منها سالما. «مصطفى» تسلق حائطاً ارتفاعه 15 مترا، ومارس تزحلقاً على الجليد فى إنجلترا، رغم إعاقته، وهو ما حمس «هشام» لخوض التجربة معه.
مهمة «هشام» هذه المرة كانت مختلفة، فبعدما شرح لـ«مصطفى» التعليمات الأولى للغوص والمتعلقة بالتنفس تحت الماء مستخدما أنبوبة الهواء المضغوط، بدآ معاً فى ابتكار إشارات لمسية تمكنهما من التواصل تحت الماء، فعادة ما تكون هذه الإشارات بصرية.
إشارة باليد إلى أعلى تعنى الرغبة فى الصعود، وإشارة إلى الأمام تعنى الرغبة فى التقدم، قبضة يد من المدرب لـ«مصطفى» تعنى التهدئة وتصدير شعور بالأمان، لكن قبضة يد من «مصطفى» للمدرب تعنى وجود مشكلة.
«اكتشفت عالماً جديداً كنت أتمنى الاقتراب منه، طريقتى الوحيدة للتعرف على الأشياء هى الغوص فيها واختراقها فأنا لم أعرف شكل البدلة وأدوات الغوص قبل أن ألمسها»، هكذا قال مصطفى، مؤكدا أنه لم يكن ليدرك شكل الشعاب المرجانية أو قاع البحر إلا بلمسها، مضيفا أن التجارب المثيرة تعطيه الثقة فى قدرته على الإقدام على فعل أى شىء يتمناه فى الحياة.
يدرك «مصطفى» أن الجزء الأكبر من متعة الغطس هو متعة بصرية تتمثل فى مشاهدة الشعاب المرجانية والأسماك بأنواعها المختلفة إلا أنه اكتشف طرقاً جديدة للاستمتاع بهذا العالم سواء من خلال لمس الشعاب المرجانية والقاع أو الاستمتاع بحالة الصمت الشديد الذى لا يقطعه إلا أصوات فقاقيع الهواء وفقدانه الكامل للتوازن تحت الماء.
رغم خبرة هشام عبدالرحيم «34 سنة» فى مجال الغوص، التى تتعدى الـ14 عاما، إلا أنها كانت المرة الأولى له التى يصطحب فيها كفيفاً تحت الماء. يقول «هشام»: «شعرت بسعادة كبيرة بعد تلك التجربة خاصة بعد أن استطعت إدخال السعادة على قلب مصطفى ومساعدته على خوض تجربة جديدة وكانت سعادتى أكبر عندما استطعنا تكرار التجربة فى اليوم التالى». حالة مصطفى ذكرت هشام بالجمبرى «البيستول» وهو كائن بحرى كفيف، وأشعرته بأنه سمكة «جوبى فيش» التى ترافق البيستول دائما وتساعده على العودة لجحره.