x

«الأتارب».. من هنا بدأت معركة تحرير حلب

الأربعاء 29-08-2012 19:02 | كتب: أحمد عبد الفتاح |

باستثناء حواجز لعناصر الجيش السوري الحر، وعدد من كاسحات الألغام والدبابات والآليات العسكرية المحترقة، وكتابات مؤيدة للثورة على ما بقي من جدران، لا أثر لحياةٍ في مدينة «الأتارب» الواقعة على بعد 20 كيلومترًا من الحدود السورية التركية، والتي شهدت بدء معركة تحرير حلب، وهي المعركة المستمرة حتى الآن بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلي المعارضة.

لم يبق في المدينة المدمّرة بيت أو بناء أو محل إلا ودُمِّر بشكل كامل، أما الطرق فمعظمها أغلق بمتاريس وأحجار كبيرة، استخدمها المقاتلين المعارضين لإغلاق الطريق أمام دبابات وآليات الجيش النظامي.

لم تعد في الأتارب حياة. كل أهلها هجروها كما قال عبد الكريم أبو هريرة، وهو مقاتل من الجيش الحر، كتيبة شهداء الأتارب. يضيف «كان يعيش في الأتارب أكثر من ٣٠ ألف مواطن، أما الآن فلا يوجد بها أكثر من 200 شخص، أغلبهم من الجيش السوري الحر الذي حرر المدينة، وهم مرابضون على حدودها لصد أي هجوم محتمل من قبل جيش الأسد».

ويحكي «أبو هريرة» لـ«المصري اليوم» قصة «معركة الأتارب» التي بدأت في فبراير الماضي «كانت المدينة نقطة مهمة لعبور السلاح والمؤن للثوار داخل سوريا، عبر الحدود التركية، فقرر الجيش احتلالها ومعاقبة أهلها على دعمهم للثوار».

ويضيف «استباح الجيش الأسدي المدينة لمدة 5 أشهر، عاث فيها فسادًا إلى أن تمكن الجيش الحر من تحرير المدينة، في معركة دارت في النصف الأخير من الشهر الماضي، استمرت لعدة أيام إلى أن انسحب الجيش النظامي».

وتعطي «بقايا الأتارب» لمحة عن قسوة المعركة التي دارت بين الجيش الحر وقوات الأسد في المدينة، إذ استحالت إلى مدينة أشباح خربة، تهدمت مبانيها وهجرها سكانها، فلا تلمح فيها أثر حياة.

يتذكر «أبو هريرة» المعارك ومن سقطوا فيها فيقول «استشهد من أهل الأتارب أكثر من ٧٥ شهيدًا، بينهم أطفال ونساء». ويضيف «سقط من عائلتي وحدها أخي وابن عمي وابن خالي وابن خالتي». لكنه يستدرك «هذا ثمن قليل دفعناه من أجل الحرية».

أما معركة الأتارب الدموية نفسها التي حوّلت الأتارب إلى مدينة للأشباح، فيحكي عنها أبو البراء الأتاربي، الضابط في الجيش الحر، أثناء وقوفه على أحد الحواجز على حدود المدينة، قائلاً «شارك في المعركة شباب من حلب وريفها، وإدلب وريفها».

وأضاف «استمرت المعركة يومين كاملين. تمكنا من دحرهم والتغلب عليهم حتى انسحبوا من المدينة، إلا أن الفوج ٤٦ المرابط في قرية أورم الصغري بدأ في قصف المدينة بشكل متواصل براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة والدبابات، ولكننا تمكنا بعد معركة طويلة من التغلب عليهم وتحرير المدينة بشكل كامل».

ويؤكد «أبو البراء» أن «الخسائر التي كبدها الجيش الحر للجيش الأسدي كبيرة بالنسبة للقوة النيرانية للجيش الحر»، فوفق «أبو البراء»، تم تدمير «5 دبابات و5 مدرعات، بالإضافة إلى العديد من كاسحات الألغام والآليات».

كما تحدث عن أسر 14 مجند من القوات النظامية كأسرى بيد الثوار، قبل أن «تتكلل المعركة باعتقال عقيد وقناص، حوّلوا جميعًا إلى محكمة ثورية أقمناها في جبل الزاوية بإدلب».

ويشير «أبو البراء» إلى «ملاحم» حدثت في معركة الأتارب، وهو يحكي قصة العقيد أحمد الفج، الضابط المنشق عن الجيش النظامي، وقائد معركة الأتارب، الذي «أصيب في اليوم الأول بإصابات بالغة لم تمنعه من الوقوف بين جنوده في أرض المعركة، والضماضات تلف جسمه كله تقريبا، موجها جنوده ومقاتلا معهم في الصفوف الأمامية، إلى أن تم اغتياله بخيانه من أحد الضباط».

وعن المعركة المستمرة في مدينة حلب يقول «أبو البراء»: «معركة تحرير حلب بدات من هنا من الأتارب، وأغلب جنودنا الآن في حلب يقاتلون من أجل تحريرها، ولم يتبق إلى تشكيلات صغيرة تدافع عن الأتارب».

«معارك الجدران»

وإضافة إلى آثار المعركة الشرسة التي دارت على الأرض، لا يمكن للعين أن تتجاوز آثار معركة أخرى، دارت رحاها على حوائط المدينة المدمَّرة.

المعركة، هذه المرة، لم تكن أسلحتها رشاشات ولا صواريخ، لكنها كانت عبوات طلاء، فعلى كل جدارن المدينة تقريبا، تلاحظ كتابات تركها جنود الجيش النظامي، مع ردود موجزة كتبها من مقاتلي الجيش السوري الحر.

وكتب أحدهم على أحد الجدران «الأسد أو نحرق البلد»، ليرد عليه آخر، بلون طلاء مختلف «حرب البلد أهون من الأسد». بينما مكتوب على حائط آخر «الأسد الله سوريا»، ليرد أحدهم «الله سوريا وبس».

الكل هنا يثبت حضوره. فرجال القوات الخاصة التابعة لجيش الاسد كتبوا مثلا على احد الجدارن «رجال الأسد.. القوات الخاصة». والكل أيضًا يبدي رأيه، إذ كُتب تحت جملة إثبات الحضور «خونة + كلاب».

جملة وحيدة كتبها عناصر الجيش النظام، بقيت دون ردٍ من عناصر الجيش الحر.. «من هنا مر رجال الأسد».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية