x

الدكتور محمد عبدالجواد القائم بأعمال نقيب الصيادلة لـ«المصرى اليوم»:الدواء فى مصر ليس له أب

الثلاثاء 22-10-2013 16:00 | كتب: محمد عبد الخالق مساهل |
تصوير : محمد معروف

تواجه النقابة العامة للصيادلة حالياً عدداً من الأزمات على المستوى المهنى والنقابى، تتعلق فى مجملها بالدواء المصرى ومنافسة الشركات الأجنبية للشركات الوطنية، وانتشار مخازن الأدوية وما يسمى بمصانع «بير السلم» التى تتاجر فى الأدوية المهربة والمسروقة، مما يشكل خطرا على حياة المرضى، إلى جانب سياسة التسعير الجديدة التى تتبعها وزارة الصحة، وظهرت فى القرار الوزارى الأخير للدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة الذى ترى النقابة أنه سيؤدى إلى ارتفاع جنونى فى أسعار الدواء، بصورة قد لا يستطيع المواطن مواجهتها.

وتصاعدت مشكلات الصيادلة مع القرار رقم ٣٨٠ الخاص بالاشتراطات الصحية الذى ينص على زيادة مساحة الصيدليات إلى ٤٠ متراً، وهو ما حذرت منه النقابة بشدة، معربة عن مخاوفها من زيادة البطالة بين الصيادلة، خاصة فئة الشباب منهم إلى جانب فتح الباب على مصراعيه للتجار والسماسرة والدخلاء.

هذه القضايا والمشكلات يتحدث عنها الدكتور محمد عبدالجواد، القائم بأعمال نقيب الصيادلة، فى حواره لـ«المصرى اليوم» وإلى تفاصيل الحوار:

■ ما حقيقة الجدل الذى يشغل الوسط الصيدلى حالياً بسبب القرار الوزارى الأخير رقم ٣٨٠؟

- القرار اسمه الاشتراطات الصحية للصيدليات، وطبيعى أن يصدر الوزير القرار والصيادلة ينفذونه، وقد دعونا لعقد اجتماع شامل من النقابة العامة والنقابات الفرعية، وشكلنا لجنة برئاستى لبحث ما توصلنا إليه، وأعتقد أن الجدل يتعلق بأمور مختلف عليها، ومنها هل نعتبر مساحة الصيدلية عنصراً أساسياً لتطوير المهنة أم لا، فلنفترض أن عندى فرضا صيدلية ٢٥ متراً وأملكها منذ ٣٠ سنة هل يجوز لى أن أبيعها، وإذا كنت مثلاً فى عمارة وتم هدمها واتفقت مع مالك العقار أن يعطينى صيدلية فى نفس العنوان، هل سآخذها بنفس المساحة أم ٤٠ متراً وفقا للقرار الجديد، كما أن القرار أغفل المعامل ولم يذكرها على الإطلاق.

■ هل يتعلق إلغاء المعمل بحساب المساحة؟

- لا نستطيع أن نوافق على ذلك، فلو فرض أن أحداً أصيب بحامض فى عينه وأراد الطبيب أن يجرى له غسيلاً وهى تركيبة بسيطة، فمن يقوم بذلك.

■ إذن المعمل بالنسبة للصيدلية كقسم الطوارئ بالمستشفى.. أليس كذلك؟

- نعم.. ويقدم بعض المستحضرات مثل المطهرات والميكروكروم وغيرها.

■ ما تحفظاتكم الأخرى على القرار؟

- هناك خلاف حول المساحة، لكنها ليست النقطة الرئيسية.

■ لكنها ترتبط بمصير القاعدة العريضة من أصحاب المهنة، خاصة فئة الشباب وتهددهم بالبطالة؟

- اسمح لى سأجيب من مدخل آخر، الواقع الحالى يقول إن عندى صيدليات مساحتها تصل إلى ٥٠٠ متر، والدواء لا يشغل فيها أكثر من ١٥ متراً، الذى يوضع فى أدراج، والجزء الباقى لا يعنى المريض أو وزارة الصحة أو النقابة لأنه عبارة عن مستحضرات تجميل.

■ هذه المساحة الكبرى لا يستطيع سوى أثرياء الصيادلة امتلاكها، كما أن لجنة الشباب بالنقابة شنت حملة لجمع توقيعات ضد القرار وتسعى إلى مقاضاة الوزير؟

- ٤٠ متراً تشكل عبئاً اقتصادياً، ومن الممكن أن تشترى صيدلية مساحتها ٤٠ متراً فى مكان أرخص من أخرى مساحتها ٢٥ متراً، ولكننا نتفق مع الشباب، المناطق لا يوجد فيها المساحة الكبيرة ومن ثم توافر الصيدليات بالمساحة الأقل ينطوى على خدمة للمواطن، وكلما انتشرت الصيدليات كان ذلك أكثر فائدة، وفى العامين السابقين شهدنا شركات توزيع متقدمة جداً توزع ما يقرب من ٩٠% من الدواء فى مصر، وهذه الخدمة حولت الصيدلية من مكان للتخزين إلى مكان لدوران الأدوية،

 ولدينا فى مصر ٨ آلاف دواء مسجل، وكثير من الصيدليات لا يلزمها توافر كل هذه الكمية، والمستشفيات والأطباء الذين حولها يتحركون فى حدود ٣ آلاف دواء، كلما كان متسعاً كان أفضل شكلاً، ولكن هل مساحة الـ٢٥ متراً فى ظل وجود الأدوية تمنع من وصولها، أقول لا تمنع، القرار فيه أن أعمل حجرة منفصلة لمشورة المريض، ولكن فى مصر لا يحبذ أن يأخذ الصيدلانى فتاة فى الداخل ويتحدث معها، الأفضل أن يتحدث مع المريض أمامه فى المكتب على أن يؤمن بقدر المستطاع أن يحكى له المريض دون أن يسمعه أحد.

■ بصراحة هل انفردت الوزارة بالقرار أم حدث نوع من المواءمات والاتفاق مع النقابة؟

- بصفة عامة، هناك تعاون بين الوزارة والنقابة، إذا كانت وزارة الصحة أخذت رأى النقابة شفوياً، فعندما يصدر القرار بنصوصه التى جزء منها فنى والآخر قانونى، فمن حق النقابة أن تراجع النص وتدرسه، والأصح عندما يصدر الوزير قراراً خاصاً بالصيدليات فالأفضل أن تكون النقابة مستشاره، وتقول له الصح والخطأ، فليس هذا عناد، ولا يعنى أننا نخالف كلام الوزير، فـ«الترامادول» مثلاً وهو الدواء المؤثر على الحالة النفسية، رأت النقابة تأجيل قراره حوله، واستجاب الوزير، وأنا أشارك الشباب فى القلق والعبء المترتب على توسيع المساحة، ولكن من الممكن أن يشترك ثلاثة صيادلة مثلاً فى ملكية صيدلية واحدة.

■ هل يستلزم ذلك تعديلاً قانونياً، حتى يتسنى ألا يعمل فى الصيدلية إلا الصيدلانى، ومن ثم تتوافر فرص عمل؟

- القانون ينص على أن ملكية الصيدلية وإدارتها تكونان للصيدلانى.

■ لكن الواقع يختلف عن ذلك؟

- هذا ما نخشاه، فعندما لا يملك الصيدلانى إمكانية شراء صيدلية مساحتها ٤٠ متراً، يذهب لجاره التاجر أو المحامى ثم يتفق معه أن يعطيه اسمه وتكون الملكية لغير الصيدلى، وما يترتب على ذلك من خطورة، مثلا عندما توشك مدة صلاحية الدواء على الانتهاء سيجبر مالك الصيدلية الصيدلانى على بيعه للمريض، وكل الصيدليات المعيبة التى تصرف مخدرات وغيرها هى مملوكة لغير الصيدلانى، ونحن لا نستطيع أن نحاسبهم.

■ إذن ما حدود الدور الذى تلعبه النقابة فى التفتيش الصيدلى، أم أن هناك تهميشاً لها فى هذا الصدد؟

- النقابة تعرض دائما أن تكون شريكاً لوزارة الصحة فى تكاليف التفتيش ذاته مع وزارة الصحة، والتى توفر سيارات للمفتشين فى المحافظات، فعندما أنظف المهنة من الدخلاء فإنى أحقق المزيد من مصلحة المريض، وجزء من المهنة صار للأسف تجارياً بسبب دخول الدخلاء، لكنها تسمح بدخول الدواء بطريقة علمية ونظيفة.

■ طلبتم أن تكون النقابة ممثلة فى إدارة التفتيش الصيدلى فى وزارة الصحة عقب حملة الانتهاكات التى تعرضتم لها، فهل تمت الاستجابة لهذا المطلب؟

- الوزير استجاب لزيادة عدد المفتشين، وقلنا لا مانع من عمل صندوق تبرعات للشركات لشراء سيارات تتولى التفتيش، والنقابة تتولى ذلك، والهدف من ذلك ألا أضيق على زملائى، كما أن النقابة لا تضيق على المرضى، لكنى أقول للوزارة إننى أشترى سيارات للتفتيش ليلاً، وأن تنتقل المفتشات فى عدد من المناطق.

■ متى بدأ انتشار ظاهرة سلاسل الصيدليات.. ومدى خطورتها على القطاع الصيدلى؟

- الصيدلية مشروع تجارى صغير، يتوجب فيه شرط ملكية وإدارة الصيدلى، وهو يؤدى إلى انتشار الصيدليات، والسلاسل مضت عليها فترة طويلة، وملكية الصيدليات فيها وفقاً للقانون الحالى، ومشروع القانون الذى لا يريد الوزير أن يخرجه من درج مكتبه، يقول إنه لابد أن تكون الصيدلية مملوكة للصيدلى الذى له الحق فى امتلاك صيدليتين فقط، أى أن السلاسل التى تضم ٥٠ صيدلية مثلاً كلها ملكيات ظاهرية، يستعين ملاكها من غير الصيادلة بأسماء صيادلة، وكثير من هذه السلاسل يشار إليها بأصبع الاتهام بأنها تجلب أدوية غير مسجلة.

■ لكن هذا هو الواقع بالفعل.

- حاولنا أن نصلحه مع وزير الصحة فى الفترة الأخيرة بمحاولة تسجيل الأدوية غير مسجلة، ولكننا لا نستطيع تحقيق ذلك بشكل كامل، فهناك شركات عالمية لا تريد تسجيل أدويتها فى مصر.

■ ما السبب فى ذلك؟

- هذه الشركات تفضل تهريب أدويتها، فليس هناك مشكلة فى السعر أو الضرائب.

■ واضح من كلامك أن هناك ملامح للفساد فى قطاع الدواء فى مصر.. فما هى حقيقة ذلك؟

- حتى أكون صادقاً، أكاد أقول إن قطاع الدواء من أقل القطاعات فسادا، لكن عندما أرى ظاهرة غير قادر على السيطرة عليها يصح أن أوقفها، وأنا لم أجد من سلاسل الصيدليات من أفاد المرضى، فهى تستطيع شراء أدوية بسعر أرخص وبكميات أكبر.

■ معنى ذلك أنها تحتكر سوق الدواء لصالحها؟

- نعم، هذه واحدة، كما تعطى تخفيضات، وبالتالى تؤثر على الصيدلى مهنيا، وهنا الصيدلى الذى لا يجد رزقاً يضطر إلى الانحراف. الوضع الاقتصادى مختل من قوة السلاسل، فهذه منافسة يمنعها القانون، فلك أن تتفوق على فى الجودة والإنتاج وليس باختلافى معك فى السعر.

■ لكن هناك انقسام فى مجلس النقابة حول السلاسل، فهناك أعضاء مؤيدون لها وآخرون يعتبرونها شراً مستطيراً؟

- عادى جداً أن يكون فى المجلس عضوان أو أكثر يؤيدون سواء لغرض شخصى أو غير شخصى، لكن فى النهاية صدر قرار بالإجماع بعدم الموافقة عليها.

■ هل تقوم النقابة بتفعيل آلية التأديب لأصحاب السلاسل؟

- لا نستطيع تأديبهم لأنه يتم فتح صيدلية باسم صيدلى، المالك على الورق هو الصيدلى، لكن إذا نما إلى علمى أنه يملكها لصالح سلسلة فإننى أحاكمه، لأنه مالك غير حقيقى، وقد أوقفنا كثيراً من الحالات، واعتذروا، وكتبوا إقرارات بعدم إعطاء اسمهم لأصحاب السلاسل الذين يأخذون اسم الصيدلى ويمنعونه من دخول الصيدلية.

■ ماذا عن مشروع قانون مزاولة المهنة الجديد الذى لايزال حبيس الأدراج؟

- تمت مناقشة صياغته مع وزارة الصحة، وجرى عقد نحو ٢٥ اجتماعا بشأنه، شارك فيها المسؤولون فى الرقابة على الدواء والمصنعون وأصحاب الصيدليات والدكتور حمدى السيد بصفته رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب.

■ هل يلبى هذا المشروع طموحات الصيادلة بالكامل؟

- من وجهة نظرى، يلبى أهم شىء بوضع قيود على الصيدلى كى يزاول المهنة بشكل أرقى، فمثلا يشتكى الناس الآن ولهم ألف حق أنهم يدخلوا الصيدليات وليس بها صيدلى، ولكن القانون الجديد إذا اشتكى المريض من عدم وجود صيدلى فإن الصيدلى يعاقب بغرامة ٥٠٠ جنيه بعد أن كانت جنيهين فقط ثم ألف جنيه فى المرة الثانية وألفى جنيه فى المرة الثالثة، ثم تغلق الصيدلية فى المرة الرابعة.

■ أرى أن خدمة توصيل الأدوية للمنازل عن طريق «الدليفرى» منتشرة فى كثير من المناطق.. فكيف أضمن أن الدواء هو الذى طلبته تليفونيا؟

- هذه الممارسة محظورة قانوناً، فأنت مخطئ إذا لجأت إليها لأن الصيدليات تتباعد كل واحدة - بحكم القانون - عن الأخرى مسافة مائة متر حتى تجدها فى كل مكان، فالدليفرى خطأ، وآخر مؤتمر حضرته فى تركيا أوصى بمنعه، فعندما أطلب ساندويتش فراخ وتأتى لى بساندويتش لحمة سوف أتشاجر معك، لكن إذا كان دواء مختلفاً فهنا تكمن الخطورة، فذلك خطأ اجتماعى، وللأسف يقع فيه الصيادلة فليست هذه خدمة بل خطأ مهنى وأدعو إلى إيقافه.

■ ما مزايا القانون الأخرى؟

- القانون ينص على توقيع مسؤولية جنائية إذا لم يقم الصيدلى نفسه بصرف الدواء للمريض، كما أنه إذا تم صرف دواء مغشوش للمريض وترتب عليه موته، فإننا اقترحنا عقوبة الأشغال الشاقة، والقانون يلزم الصيدلى بالتواجد فى صيدليته لتوفير الخدمة، حتى لو اضطرنا الأمر لأن نقصر ملكيته على صيدلية واحدة فقط، طبعا ذلك سيفقدنا شعبيتنا عند الصيادلة، لكن لا مانع من ذلك إذا تحقق إصلاح المهنة، ونحن نقترح تشكيل مجلس أعلى للدواء على غرار إدارة الغذاء والدواء FDA فى الولايات المتحدة.

■ ما وظيفة هذا المجلس الأعلى؟

- سيكون الأب الحقيقى لصناعة الدواء وتصنيعه وتوزيعه واستيراده وتسجيله وتسعيره.

■ معنى ذلك أن هذا المجلس سيكون موازياً لإدارة الشؤون الصيدلية فى وزارة الصحة.. أم بديل لها؟

- هذا النوع من المجالس موجود فى السعودية ويرأسه ولى العهد ونحن نقصره على الدواء فقط.

■ هل يعنى ذلك أنه سيتبع رئيس الجمهورية؟

- كلا، اقترحنا أن يكون تابعاً لرئيس الوزراء ويرأسه وزير الصحة، ويضم مجموعة من الخبراء يتخذون قرارات بالتصريح لمصنع الأدوية ومراقبته وإغلاقه، ويشمل القطاع الدوائى بالكامل، فالدواء حالياً فى مصر ليس له أب.

■ هل هو يتيم لا يرعاه أحد أم لقيط ومجهول الهوية والمصدر؟

- ليس لقيطاً لكن شركات قطاع الأعمال تتبع وزير الاستثمار، بينما يقوم وزير الصحة بتسجيلها وتسعيرها، أما الملكية والرئاسة فتكون للدكتور محيى الدين. الشركات الأجنبية.. السيطرة عليها من وزارة الصحة ليست كاملة أما الشركات المحلية والقطاع الخاص فتتبع غرفة صناعة الدواء واتحاد الصناعات، والهيمنة الحقيقية على الدواء تحتاج إلى المجلس الأعلى للدواء، فقد كان اقتراحنا ووافقت عليه لجنة الصحة بمجلس الشعب ووضعته البند رقم واحد فى القانون.

■ ما المزايا الأخرى للمجلس الأعلى للدواء؟

- رقابة أوسع ومزيد من التشجيع على الإنتاج والتصدى للشركات الأجنبية والحفاظ على الصناعة الوطنية وإيجاد تمويل لشركات الأدوية المصرية، فالماكينات صارت قديمة والإمكانيات أقل من القدرة على تحديث خطوط إنتاج، وهذا هو الأب الذى أقصده، الشركات لا تستطيع أن تأخذ من البنوك ما يعينها على تطوير خطوط الإنتاج، وأنا فى الوقت نفسه لست ضد القطاع الخاص، فقد أضاف كثيراً جداً إلى الدواء فى مصر كما وكيفا، لكن مصر بلد فى منطقة حروب،

ولابد أن تكون الحكومة مسيطرة على ما لا يقل عن ٩ شركات أدوية، فأنت لا تضمن الأحداث التى قد تقع، فلابد أن تكون لك يد على بعض شركات الأدوية، خاصة أن الدواء سلعة أمن قومى.. فرضنا أنك لن تبيع شركات قطاع الأعمال، فإن الأمر لا يقتصر على ذلك بل يجب تحديثها وأن أدعمها تسعيرياً، ولا يصح أن أختار السعر الأقل لشركات قطاع الأعمال وأسعار أعلى للشركات الأخرى.

■ ما رأيك فى سياسة تسعير الدواء التى تنتهجها وزارة الصحة؟

- سأقفز إلى رد فعل النقابة إزاء القرار الخاص بالسياسة الجديدة للتسعير فى مصر، تسعير الدواء فى مصر حق وطنى شديد الأهمية لا يصح إطلاقاً أن يفلت من مصر سعر الدواء ولا تجرى وراء ليبرالية اقتصادية أو فكر اقتصادى يبعد الدواء عن أن يكون فى متناول المريض فطريقة الوصول للدواء يجب أن تتضمن توافره والقدرة على شرائه، وأن يكون فعالاً وآمناً..

هذه هى الشروط الأساسية، فلكى أشتريه لابد أن تراعى مصالحى الاقتصادية: كل مجهودات التسعيرة يجب ألا يختلق عندها خط، إعطاء الشركات حقوقها والمريض القدرة على شراء الدواء ولا نريد أكثر من ذلك، الطريقة التى يسعر بها الدواء هى طريقة cost plus: عمالة، دعاية، خامات، مواد تغليف، كهرباء، ثم ربح للشركة المنتجة والصيدلى، وبناء على ذلك يحدد سعر الدواء، وقد شكلنا لجنة من الخبراء تضم منتجين وممارسين وأعضاء من كلية تجارة كى يسعروا الدواء بالطريقة الجديدة، أى ثمنه فى خمس دول ونأخذ أقل سعراً ونخفض ١٠%،

فإذا تبين أن هذه الطريقة توفر للمريض المصرى والمنتج المصرى وضعاً اقتصادياً أفضل فسوف نضعها فوق رأسنا، ولكن إذا ثبت أنها سترفع سعر الدواء، فسوف نرفض لأن قدرتى الشرائية تختلف عن قدرة الإنجليزى والسعودى والدول ذات التأمين الصحى الناجح، لكن مازال ٨٥% من الدواء فى مصر يصرف من جيبى وجيبك، واللجنة هى التى ستقوم بالتسعير ونرى الفرق.

■ ما موقفكم من قرار التسعير الجديد، هل أنت متفائل؟

- لا لست متفائلاً، فأنا أتوقع أن يرفع سعر الدواء والمريض سيعجز عن شراء الدواء، نحن نحرص على مصلحة المريض، كما أن الصيدلى لن يستطيع أن يبيع، فلابد من تحقيق توازن فى سعر الدواء حتى يتسنى شراؤه. أنا خائف من القرار الجديد وسنقوم بدراستنا ونقدمها للوزير وسنعطيه فرصته، وإذا ثبت أن قرار التسعير سيرفع سعر الدواء فإنى أقول إن هذا أمر خطير جداً.

■ إلى أى مدى تنتشر مصانع تحت «بير السلم»؟

- هى مازالت موجودة، وهى مسؤولية وزارة الصحة ووزارة الداخلية ومستعد أن أقدم أى دعم يمكن الوزارتين من مراقبة وغلق هذه المصانع، وعندما يأتى لى منشور بحظر تداول نوع من الأدوية لأنه مصنوع تحت بير السلم فإننا نوقف صرفه ونسحبه من الصيدليات، ونحن كنقابة نخاف من هذه المصانع.

■ من وراء هذه المصانع؟

- تجار ومستغلون ومنحرفون قد يكونون صيادلة أو غير صيادلة، فمن أدخل الفياجرا كانوا تجاراً وليسوا صيادلة، والذى يروج لغشاء البكارة الصينى تجار.

■ ماذا عن الدواء المحروق؟

- ليس بالضرورة أن يكون مغشوشاً، لكنه يخرج بطريقة غير سليمة من الشركات ويتم وضعه فى مخازن الأدوية لتحقيق مصالح بعض الشركات، وقد يدخل الدواء المغشوش الصيدلية دون أن يعلم الصيدلى، لكن عموماً الوزير يتصدى بشدة لهذه الأدوية، لكن الظاهرة لاتزال قائمة. والمخازن هى «الخرم» الذى يقبل أدوية تاريخ انتهاء صلاحيتها قريب جداً، فلابد ألا يقل تاريخ انتهاء الصلاحية عند الشراء عن ستة شهور، لكن المخازن تبيعها قبل انتهاء المدة بشهر، وعندما تكون لدى أدوية منتهية الصلاحية فهنا مكمن الخطورة.

■ هل يعنى ذلك أن هناك مآخذ وعلامات استفهام حول الرقابة على صناعة الدواء؟

- أكاد أفخر بأن صناعة الدواء فى مصر جيدة، والمشكلة فى المخازن ويجب أن تزيد وزارة الصحة من جهدها بالتعاون مع وزارة الداخلية ومصلحة الضرائب فى رقابتها.

■ كان لكم موقف من الشركات متعددة الجنسيات، فهل اختلف الوضع الآن؟

- هذه الشركات مطلوب تواجدها فى مصر لأنها تمدنا ببعض الأدوية المهمة، فليست هناك دولة فى العالم لا تستورد دواء، ولو ظلت الشركات الأجنبية تمدنا بما هو جديد وظلت الحكومة متحكمة فى الأسعار لصالح المريض فأهلاً وسهلاً، خصوصاً أنها تعين عمالة وتعلمنى تكنولوجيا وتساعدنى فى أمور كثيرة، لكن إذا تاجرت فى كمواطن فإنها تضرنى، وأنا هنا أريد أن يوافقنى وزير الصحة فى أنه لا داعى لاستيراد الأدوية التى تنتج محلياً.

■ لماذا توقفت الانتخابات حتى الآن فى النقابة؟

- المجلس الحالى بعض أعضائه فى المجلس منذ عام ٨٨ وأنا منذ ٩٠ فى المجلس.. زهقنا وتعبنا ومخنا تحجر وطريقة دراستنا للقضايا صارت قديمة، وهناك شاب مثلك يفكر بطريقة مختلفة، لكن الحكومة منعت الانتخابات، وطلبنا من محكمة جنوب القاهرة المسؤولة عن الانتخابات مراراً وتكراراً أن تجريها.

■ هل المشكلة فى وجود خلل تشريعى؟

- لا خلل أمنياً، الحكومة تخشى إجراء الانتخابات حتى لا يأتى عدد كبير من الإخوان المسلمين وهذا قتل للمهنة ولنا، وقد صدر حكم من مجلس الدولة يوصى بإجراء الانتخابات، وذهبنا للجنة القضائية وأعطيناها الكشوف وشكلنا لجاناً نقابية فى المحافظات الجديدة، ووافقنا على الكل، لكن أمن الدولة هو الذى يسمح ويرفض، لا أحد فى النقابة إلا «ويوم المنى» عنده أن تجرى الانتخابات.

■ هل يعود هذا الخوف من ممارستكم لعمل سياسى داخل النقابة؟

- فى الأمور المهنية المسيحى مثل اليهودى مثل المسلم، وكل واحد يأخذ حقه، فنحن لسنا نقابة إخوان.. عندما تضرب غزة ولا أمدها بالأدوية، فإننا نعلن أنها جريمة، لأن النقابة جزء من العمل العام الذى لابد أن يأخذ دوره فى العمل السياسى.

■ خرجتم بتجربة الإضراب، هناك من يرى أن المطالب لا تتحرك إلا بالاحتجاج، فما رأيك؟

- نعم للأسف، فالدبلوماسية الضاغطة والزاعقة فى بعض الأحيان هى التى تحل المشاكل مع النظام.

■ ما موقفكم من تكليف الصيادلة فى وزارة الصحة.. وهل تعاملونه كمجرد وظيفة معاونة؟

- يتقدم لنا كل عام عدد كبير لا يريد تكليفه، ونطلب من الوزارة إعفاءهم، لكن يتبقى ما لا يقل عن ستة آلاف لا يطلبون الإعفاء، ونقول: أوقفوا فتح الجامعات التى تفتح كليات صيدلة، فلدينا ٢٤ كلية منها ١٤ خاص و١٠ حكومى تخرج ١٠ آلاف صيدلى سنوياً، والرقم العالمى صيدلية لكل ٢٥٠٠ مواطن، لكن هنا صيدلى لكل ٧٠٠ مواطن معناها أن المهنة تترهل والناس يقعدوا على الأرصفة وبالتالى غشاء البكارة الصينى. إن القبول غير المدروس لطلاب الصيدلة خراب على الصناعة، وأنا عندى ٥٠ ألف طالب صيدلة يدرس حالياً وسوف يتخرجون فى الفترة المقبلة، فالبطالة مقبلة، وأنا أنصح أولياء الأمور بألا يدخلوا أولادهم كليات الصيدلة.

■ ما مستقبل صناعة الدواء فى مصر؟

- الصناعة لم يدخل فيها الفساد لكن الخوف من المكملات الغذائية التى تنعدم عليها الرقابة، والتصنيع لدى الغير بأن أمتلك ملف تصنيع وأنا ليس لدى مصنع، والصناعة لدى الغير «طلع بيها قرار».. وأناشد وزير الصحة أن يراجع الدواء المنتج من خلال قناة التصنيع لدى الغير، ومسؤولية المريض أن يبحث عن صاحب مشكلته فين: هل الدواء أم المصنع؟

فإذا كان هناك خطأ فى الخامات أو التصنيع، تكون الشركة هى المسؤولة، كما أن هناك خوفاً من «تغول» الشركات الأجنبية وما تحصل عليه من ميزات لا مبرر لها، أنا أريد أن تأخذ ميزات لكن مقابل شىء مختلف قدمته للمجتمع الدوائى، بألا تأخذ ميزة تسعيرية أو تسجيلية، لكن عندما يعطينى دواء أحتاجه، ولكن إذا كان يسجل دواء مثلى فلا أعطيه ميزة سعرية.

■ معنى كلامك أن هناك تفرقة بين الشركات الأجنبية والشركات المصرية؟

- «مش عايز» أزعّل حاتم الجبلى، لكن هذا واقع، أن هناك أدوية الفارق السعرى فيها يسمح للشركة الأجنبية بأن تقوم بدعاية أقوى وتصرف وتعطى راتباً عالياً لمندوبها بسبب هامش الربح الأفضل، وتنفق على مؤتمر فى حين أن الشركة المصرية تأخذ سعراً متدنياً لا يسمح بهذه الميزة فلابد من المساواة معها.
 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية