شهد اجتماع لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب جدلًا، خلال مناقشة مشروع قانون تنظيم هيئة الأوقاف، عندما اقترح نائب حزب النور، الدكتور محمد إسماعيل جادالله، إنشاء بنك وقفى أو التعامل مع بنك إسلامى في إدارة أموال الوقف، وهو ما اعترض عليه الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة، خلال اجتماعها أمس الثلاثاء، قائلًا إن مثل هذا الأمر يثير فتنة في الأمة، ويعطى إشارات بأن التعامل مع البنوك الأخرى أمر غير شرعى.
وأكد الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، أنه أحد المهتمين بهذا الملف، وله أبحاث عديدة فيه.
وقال «واصل» إن خلاصة القول في هذا الأمر هي أن مسألة السياسة النقدية للدولة المصرية تأتى في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية ووفقًا لنصوص الدستور وأحكام الشريعة، وأصل التشريع يعود إلى مبادئ الشريعة.
وأضاف «واصل» أن تعاملات البنوك والمعاملات فيها تأتى في إطار أعمال التنمية والاستثمار وتنمية رأس المال والمحافظة عليه، وهذا الأمر شرعى تمامًا، فالبنوك الوطنية بمختلف أسمائها تعمل في مجالات الاستثمار والتنمية والأعمال التي تتوافق مع الشرع.
وأشار إلى أن السياسة النقدية الآن هي قيمية وليست مثلية، أي أن الأوراق المالية ليس لها ما يعادلها من الذهب، ولذلك فالحكم للسياسة النقدية يعود إلى البنك المركزى لأن هناك نسب تضخم، ولذلك تتم مراجعة السياسة النقدية كل فترة زمنية، وتتغير نسب الفائدة، وهذا ما يؤكد أن العمل في الأمور الاستثمارية والتنموية يكون البنك المركزى فيه هو صاحب تحديد القيمة بناء على نسب التضخم.
وتابع «واصل» أن النقود المثلية ثابتة لا تتغير، وتنميتها ووزنها ثابتان ولا يتغيران في كل زمان ومكان، وليست بها نسب تضخم، ولكن النقود القيمية تتغير، ونحن الآن نتعامل بالنقود القيمية، التي تتغير بتغير الزمان والمكان، وبها نسب تضخم، ولذلك خلاصة القول أن التعاملات البنكية بعيدة كل البعد عن التعاملات الربوية، وليس بها شبه من ربا، وأن الفائدة البنكية لا تمثل ربا أو زيادة، وأن البنوك المركزية قامت بعمل ذلك للحفاظ على أصل النقد حتى لا يتآكل أو يتلاشى، وأن الفائدة تكون طبقًا للتضخم.
وقال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية: «إننا الآن في ظل دولة المؤسسات، لدينا سلطة تشريعية تشرع القوانين، وأتحفظ على وصف البنوك التقليدية بأنها (بنوك ربوية) لأن هذا يؤدى إلى خلل فقهى وشرعى».
وأضاف: «الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، فعندما ننظر إلى الظروف والمتغيرات والزمن نجد تغيرًا، فلابد أيضًا أن تتواكب الفتوى مع هذا التغير، وإلا فسنصبح جامدين».
وأكد أن القرض في المعاملات الفردية بين الأشخاص ليس موضوعًا للربح، إنما للإعانة والمساعدة، أما البنك فالعلاقة فيه ليس فيها ثواب أو خير لأنها معاملات مؤسَّسية لا علاقة لها بفكرة القرض، لذلك لا توجد بها شبهة ربا إذا نظرنا إليها كعملة استثمارية، مشيرًا إلى أنه لا يوجد نص صريح يمنع تحديد نسب الفائدة.
وحاول «جادالله» التعليق على رأى المفتى، إلا أن «العبد» رفض، قائلًا: «لسنا في وضع نقاش، ولسنا في حاجة إلى اقتراح بنك إسلامى خاص للوقف، والخلاف والاختلاف في النهاية يرفعه الحاكم، وأحضرنا العلماء للتوضيح»، وهو ما دفع «جادالله» إلى الانسحاب من الاجتماع.