x

نبيل فهمي: مبادرة ترامب للسلام لا تصلح أساسًا للتفاوض

الثلاثاء 10-03-2020 18:52 | كتب: بسام رمضان |
أحمد المسلماني والسفير نبيل فهمي وزير الخارجية الأسبق أحمد المسلماني والسفير نبيل فهمي وزير الخارجية الأسبق تصوير : اخبار

استضاف مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية السفير نبيل فهمي وزير خارجية مصر السابق لإلقاء محاضرة بعنوان: «معالم جديدة في النظام الدولي.. العالم 2020».

بدأت المحاضرة التي انعقدت في مقر المركز وسط القاهرة بكلمة ترحيب من الكاتب السياسي أحمد المسلماني رئيس المركز، والذي عبر عن سعادته باستضافة السياسي والدبلوماسي المصري المرموق، وانطلاق أولى المحاضرات التي يعقدها المركز قائلاً: «تشرفت بالتعاون مع سيادة السفير اثناء عملي مستشاراً للرئيس عدلي منصور، وأشهد لسيادته بالكفاءة الوطنية والامتياز. لقد كان الدور المهم الذي قام به خلال الفترة الانتقالية دوراً تاريخياً لا يمكن أن ينسى».

استهل السفير نبيل فهمي وزير الخارجية الأسبق حديثه عن معالم المجتمع الدولي بطرح سؤال مهم أين نحن؟ وإلي أين نمضي؟ ثم طاف ببعض من أنحاء الجغرافيا السياسية تحليلاً وتعليقاً. وهنا أبرز ما جاء تحولات النظام الدولي:

كان النظام الدولي- برأى فهمي- مبنيًا على صراع الأقوياء، وكان انقسام العالم بين القطبين الشرق والغرب قد أسس حالة من التوازن السياسي. كان القطبان يتجاوزان القانون الدولي في إدارة الصراع بين الحين والآخر. لكنهم لم يتجاهلوه أبدًا كسياسة عامة.

وأردف: «لقد انتقل العالم بعد ذلك إلى نظام دولي جديد، وبعد أن كان هناك قطبان أثناء الحرب الباردة، صارت هناك قوة عظمى واحدة بعدها. وكانت هناك إلى جوار القوة العظمى الأمريكية مراكز قوة متفرقة».

وأردف: «بالنسبة للولايات المتحدة قادت النخبة السياسية والاقتصادية المشهد نحو التغيير، وكان وصول الرئيس باراك أوباما إلى السلطة يمثل تطبيقاً لذلك التغيير الذي أرادته النخبة. ثم كان التغيير التالي عند الجانب الآخر، حيث اختار الشباب وغير الممارسين للسياسة والناقدين للنخبة الأمريكية في واشنطن الرئيس دونالد ترامب رداً على اختيار النخبة باراك أوباما».

وأضاف فهمى: لقد تابعت أثناء عملي الدبلوماسي محاولات ترشيح ترامب المتكررة، وكانت غير جادة، لكنه ترشح ونجح في النهاية. وكان من بين أسباب نجاحه، ترشيح نخبة واشنطن لـ«هيلاري كلينتون» أمامه، وكان ذلك باعثًا للساخطين نحو اختياره.

وأكد «أن أمريكا حين اختارت أوباما، ثم حين اختارت ترامب.. كانت في محاولة للبحث عن هويتها في ظل العولمة. ومع ذلك البحث تحولت أمريكا من الدولة ذات المبادئ الليبرالية إلى الدولة الباحثة عن العائد السريع».

في الجهة الشرقية من العالم، كانت روسيا أيضًا تحاول تحديد طريقها. لقد التقيت الرئيس فلاديمير بوتين ثلاث أو أربع مرات، واحدة أثناء عملي وزيرًا للخارجية، ومرات بعدها. مشروع الرئيس بوتين واضح تمامًا ومحدد: إعادة الاحترام الدولي لروسيا بعد أن فقدته عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وأن يكون ذلك بدون الخوض في حروب كبرى ضد العالم. كما يتمثل المشروع في الابتعاد عن الأيديولوجيا الاشتراكية التي كلفت الاتحاد السوفيتي كثيرًا من الناحية الاقتصادية، والعمل على تحقيق طموحات مادية مباشرة ومتزايدة.

وحول أوروبا وآسيا، قال السفير نبيل فهمي: إن أوروبا تحاول صياغة هويتها بعد البريكست، كما أن باريس تتحدث عن جيش أوروبي للدفاع عن القارة، وهو أمر يخالف ما ترسَّخ عبر عقود من استراتيجية الدفاع عبْر الناتو. يضاف إلى ذلك قضايا اجتماعية مهمة.. ذلك أن ارتفاع متوسط العمر في أوروبا لا يتماشى مع فكرة التحديث والنظرة إلى الأمام، كما أن النظام المؤسسي الأوروبي قوي لدرجة تجعله لا يستطيع التغيُّر بمعدلات العولمة الحالية.

من أوروبا إلى آسيا انتقل السفير نبيل فهمي للحديث عن القارة الشاسعة قائلًا: إن الطبقة الوسطى الآسيوية أصبحت تقارب الستين بالمائة، وقد يؤدي صعود الطبقة الوسطى والنهوض الاقتصادي إلى تغير في طبيعة الشخصية الآسيوية أو روح آسيا. ربما يؤثر ذلك في صناعة القرار، وربما يؤثر في خصائص الشخصية الهادئة والحذرة.

وبالنسبة للصين- العملاق الآسيوي- فإن بكين دائمًا تتحدث عن نفسها كدولة نامية ذات طموحات اقتصادية وليست لها طموحات سياسية. وهذا قول صحيح لكنه غير مكتمل، فالمصالح الاقتصادية بما تحتاج من أسواق واستثمارات خارجية سوف تنشأ معها بالضرورة المصالح السياسية. إنني أزور الصين نحو أربع مرات سنويًا، وكان ذلك قبل ظهور فيروس كورونا، وتقديري أن الحديث الأمريكي عن الخطر الصيني فيه مبالغة قوية. من الممكن أن تحدث بعض المشكلات بين الحين والآخر بين أمريكا والصين، لكنه- في تقديري- لا مجال للمقارنة مطلقاً بين القدرات الأمريكية والقدرات الصينية، إذا ما أخذنا في الاعتبار الجانب العسكري الأمريكي، والاستعداد لاستخدام القوة إذا تطلّب الآن ذلك.

وصف السفير نبيل فهمي نظرته تجاه الشرق الأوسط بالنظرة الوسطية.. لا هي متفائلة ولا متشائمة. ودعا إلى وضع رؤية واضحة بشأن مستقبل العالم العربي، وبحث صياغة الهوية السياسية في إطار جديد من الفكر العروبي.

وقال: إن المنطقة تمتلئ بالمشكلات.. هناك المشكلات العربية- الإسرائيلية، السياسة الإيرانية ضد الدول العربية، وهناك قضايا سوريا واليمن. ثم إن هناك محاولة النفوذ التركي في ليبيا، من أجل المطامع الاقتصادية التركية داخل ليبيا وفي شرق المتوسط. إن أردوغان يبحث عن دور بالغ الخطورة من ليبيا إلى السودان، وهذا البحث يأتي بعد فشل تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي، ثم فشلها في أن تكون جسرًا بين الشرق الأوسط والغرب، ثم فشلها مرة ثالثة في أن تكون جسرًا بين جماعات الإسلام السياسي والغرب. إن تركيا حائرة فكريًا بين أن تكون جزءًا من الشرق الأوسط أو تكون جزءًا من أوروبا.

وبشأن الوضع في سوريا، قال فهمي: إن الكل أخطأ في سوريا، وفي المقدمة النظام السوري. لكن هذا لا يعني أن نؤيد هدم الدولة السورية، بل يجب على العرب الانفتاح على عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وفيما يخص الوضع في اليمن، قال فهمي: إنه وضع معقد للغاية، وفكرة التقسيم فكرة غير محببة على الإطلاق. هناك توازي بين الصدام الداخلي والتنافس الإقليمي والصراع الدولي. والحل الوحيد في اليمن هو عقد صفقة إقليمية كبرى بين العرب وغير العرب.

بالتوازي مع أزمات السياسة قال فهمي: إن هناك أزمة شح المياه في الشرق الأوسط، وبالنسبة لمصر سواءً بوجود سد النهضة أو عدم وجوده، هناك أزمة مياه، وهى تزداد مع تغير المناخ وتزايد عدد السكان، في ظل توزيع غير عادل لموارد المياه.

في نهاية المحاضرة التي استغرقت ساعة كاملة قال وزير خارجية مصر السابق: إن فكرة إعادة تقسيم المنطقة هي مشكلة كبرى، فالوضع الحالي بكل ما يحويه من مشكلات هو أفضل من عودة الحديث عن التقسيم.

وبشأن «صفقة القرن» قال السفير نبيل فهمي: إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنسف عملية السلام، ولا تقدم الحد الأدنى من الواقعية، وهو مشروع يصب في صالح تيار اليمين الإسرائيلي. إنني لا أرى فيما طرحه ترامب أي أساس للتفاوض، لكن علينا أن نبذل جهدًا كبيرًا في تقدم مقترحات ومشروعات بديلة. لكن ذلك كله يحتاج إلى ترميم البيت العربي أولًا، وتحديد الهوية السياسية للعالم العربي، كما أنه يحتاج إلى تجاوز مشكلات الماضي. والنظر في وضع خريطة طريق لأجل المستقبل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية