الدكتور ياسر برهامى أحد أهم رموز التيار السلفى، نائب رئيس الدعوة السلفية المنبثق منها حزب النور، لعب دوراً كبيراً فى النجاحات التى حققها حزبه فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى، تتلمذ على يديه آلاف من شباب التيار السلفى فى المحافظات واختير ليكون أحد أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور، وطالب بتعديل المادة الثانية.
وهو صاحب الفتاوى المثيرة للجدل، أول من رفض تعيين نائب رئيس قبطى أو امرأة، وطالب رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بأن يكتفى بالاستعانة بهما كمستشارين فقط.
وهو طبيب بشرى، لكنه اكتسب شهرة واسعة من كونه أحد مؤسسى الدعوة السلفية وأحد رموز تيار الإسلام السياسى، الذين لهم باع طويل فى العمل الدعوى، ورغم أنه رفض أى منصب سياسى فى حزب النور واكتفى بأن يكون المرجعية الشرعية له، فإن ظهوره ضمن أعضاء لجنة صياغة الدستور مفاجأة للجميع.
■ ما سر موافقتك على الانضمام إلى الجمعية التأسيسية، رغم رفضك الانضمام إليها المرة الأولى؟
- فى التأسيسية الأولى تعمد حزب النور عدم ترشيح رموز من التيار السلفى لطمأنة القوى السياسية، وهو ما لم يرضهم فرفعوا دعاوى لبطلان تشكيل الجمعية، وفى المرة الثانية قرر الحزب الدفع برموزه إلى الجمعية.
■ يتردد أن مشايخ التيار السلفى وافقوا على الانضمام إلى «التأسيسية» لصياغة المادة الثانية من الدستور؟
- ليس من أجل المادة الثانية فحسب، ولكن للمشاركة فى كتابة دستور يعبر عن الأمة، وكانت مشاركة السلفيين فعالة وقدموا 7 اقتراحات لمواد أخرى، إضافة إلى اقتراحاتى التى تم تسجيلها فى مضبطة اللجنة.
■ ما أهم هذه الاقتراحات؟
- قدمت اقتراحات مهمة حول المادة الأولى، وطلبت أن تنص على أن تقوم جمهورية مصر العربية على مبدأ الشورى، واتفق أعضاء اللجنة على أن تكتب كلمة «شورية» بالإضافة إلى ديمقراطية حديثة، ولفظ شورى عربى من القرآن، الذى هو فى عقيدة الشعب المصرى وفوق كل الدساتير.
■ لكن بعض الأحزاب الليبرالية هاجمت وضع كلمة «شورية»، بدعوى أن السلفيين سيعيدون البلاد إلى عصر الجاهلية؟
- هل كلام القرآن جاهلية، من يقول ذلك لا يؤمن بالقرآن وغير مسلم، ثم إننا وضعنا كلمة ديمقراطية حديثة فى المادة نفسها، هما زعلانين ليه بقى؟
■ لماذا تقدم الحزب بتعديل المادة الثالثة؟
- لا أجد أزمة فى تعديل تلك المادة، فالمسلمون والمسحيون يقرون بأن السيادة لله وحده، فلا أحد فينا يدعى الألوهية، كلنا عبيد لله.. ولذا لا أجد أى أزمات فى كتابة المادة، أن «السيادة لله وحده، وجعلها الله للأمة، فالشعب مصدر السلطات».
■ لماذا وافقتم على إضافة مبادئ فى المادة الثانية رغم اعتراضكم عليها؟
- وافقنا عليها بعد إضافة أن الأزهر هو صاحب المرجعية فى تفسير كلمة مبادئ، وبالتالى ليست هناك مساحة لأى جهة للتفسير.
■ ما هى الجهة التى تقصدها؟
- هناك علمانيون متطرفون يقولون هذه مادة تزيينية ديكورية، وإن مبادئ الشريعة هى الحرية والعدل والمساواة، ولذا كانت الإضافة ضرورية لغلق الباب أمام أى جهة أخرى، خاصة أن البعض يفسرها بشكل يخالف الأزهر الشريف.
■ تردد فى الأيام الأخيرة وجود خلاف بين السلفيين وشيخ الأزهر بسبب إصرار الأخير على كتابة كلمة «مبادئ»؟
- لا يوجد أى خلاف مع الأزهر وعلاقتنا مع قيادته ممتازة، وقد أجرينا حواراً مع مؤسسة الأزهر، لأنها المرجعية النهائية فى الشأن الإسلامى، تحدثنا مع شيخ الأزهر عن سبب تمسكنا بكتابة الشريعة وحذف كلمة «مبادئ»، والأزهر أكد لنا أنه يريد تحكيم الشرع، ولكن الخلاف بيننا فى صياغة كلمة مبادئ وكيفية تفسيرها فى الدستور الجديد.
■ هل كان هناك اتفاق مع قيادات الإخوان حول حذف كلمة مبادئ؟
- كان هناك اتفاق قديم مع قيادات الإخوان على ذلك وفوجئنا بأن كل الاقتراحات التى قدمها حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان حول المادة الثانية تتضمن كلمة مبادئ دون استثناء، وتحدثنا مع قيادات إخوانية عن السبب ولم يحدث شىء.
■ ما هو موقف «النور» إذا رفضت «التأسيسية» التصويت على تفسير «كلمة مبادئ»؟
- فى تلك الحالة يمكن دعوة الشعب إلى رفض الدستور، وسنقرر فى وقتها استمرار السلفيين فى «التأسيسية» أو الانسحاب منها، خاصة أننا أتفقنا على بقاء كلمة «مبادئ»، بشرط توضيحها.
■ بعض القيادات السلفية طالبت بتقييد الحريات العامة بشرع الله، فما رأيك؟
- لا توجد حريات مطلقة فى العالم، لابد أن تقيد بالنظام العام والشريعة الإسلامية هى النظام العام، كما أن الحريات فى الديانة المسيحية مقيدة فى الإنجيل، و«المسيح» قال: «اما أنا فمن نظر بعينيه فقد زنى» وهذا يؤكد أن الديانات السماوية ضد الحريات المطلقة.
■ معنى كلامك أن الدستور المنتظر سيحارب التبرج فى الأماكن العامة؟
- لا.. لأن التبرج لا يمكن أن يمنع بقانون، إنما من خلال الدعوة والموعظة الحسنة.
■ ما سبب اعتراض التيار السلفى على تعيين قبطى وامرأة فى منصب نائب رئيس الدولة؟
- لأن معظم دول أوروبا تنص دساتيرها على دين ومذهب رئيس الدولة، فكيف يطلب منا تعيين نائب قبطى، وأنا أقول إذا عين رئيس أمريكا نائباً مسلماً، أو عينت إسرائيل نائباً مسلماً أو مسيحياً، ففى تلك الحالة سنطلب تعيين نائب قبطى للرئيس «مرسى»، كما أن هناك دولاً أوروبية تلزم المسلمين بألا يقبلوا بأحوالهم الشخصية، فلو مسلم فى فرنسا تزوج أكثر من امرأة يتم حبسه، ولو كتب مسلم وصيته بشرع لا تنفذ.
■ وبالنسبة للمرأة!
- نرفض تعيينها نائباً لرئيس الدولة، لأنه فى غياب رئيس الدولة ستكون هى على قمة الحكم، وهذا يتعارض مع قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا يفلح قوم سادتهم امرأة»، كما أن الشعب سيرفض أن تكون نائب الرئيس سيدة.
■ هل تحدث حزب النور مع الرئيس فى هذا الأمر؟
- تحدث السلفيون معه، وأبدى تفهمه من عدم تعيين امرأة أو قبطى كنائب له.
■ لكن الرئيس وعد بتعيينهما قبل جولة الإعادة!
- لم يصرح بذلك، إنما أوضح أنه سيختارهما فى مؤسسة الرئاسة، ولم يحدد طبيعة عملهما، فربما سيختارهما للعمل مستشارين فقط، و«النور» ليس لديه أزمة فى ذلك.
■ ما حقيقة ترشيح حزب النور للنائب السابق أشرف ثابت لمنصب نائب الرئيس، وهل طلب الحزب الحصول على 4 وزارات؟
- تعيين نائب الرئيس من اختصاصات رئيس الدولة، والحزب يمتلك كفاءات، سواء لمنصب نائب الرئيس أو الوزراء، لكن دورنا ينتهى بترشيح تلك الشخصيات، وفى النهاية الرئيس له حق اختيار نائبه ومستشاريه ووزرائه، كما أننا لم نطلب وزارات بعينها وإنما نعرض فقط كوادر «تكنوقراط»، نعتقد أنهم سيحققون نجاحات.
■ ما رأيك فى تخوف البعض من تولى السلفيين حقائب وزارية؟
- لا أعرف السبب.. حاجة غريبة جداً.. فسعى البعض إلى حرمان السلفيين من تولى المناصب الكبيرة- يعتبر اضطهاداً وتمييز فى أبشع صوره، فحرمان كفاءات من تولى المناصب القيادية فى البلاد لمجرد انتماء أصحابها إلى تيار معين- يعد استمراراً للاضطهاد فى عهد النظام السابق.
■ لماذا التزم «النور» الصمت ولم يبد تعليقاً على قرار الرئيس عودة البرلمان؟
- كنا نتمنى عودة البرلمان، أو على الأقل ثلثيه بطريقة توافقية، وليس بتلك الطريقة، خاصة أننا ليس لدينا أى معلومات عن كيفية إصدار هذا القرار، لكن من وجهة نظرى فإن الرئيس لم يخالف تنفيذ حكم المحكمة الدستورية، عندما أصدر قراراً بعودة مجلس الشعب، إضافة إلى أنه احترم حكم «الدستورية» الذى ألغى قراره بعد ذلك.
■ ما مدى رضاك عن أداء مجلس الشعب، خاصة أن الكثيرين من الخبراء أيدوا حله بحجة فشله فى أداء مهمته طوال فترة انعقاده؟
- غير صحيح.. ولو عرض قرار حل المجلس على الشعب للاستفتاء فإنه سيرفض حله، وليس من المعقول أن نطالب بحل مجلس لمجرد أن أداءه وحش، وإذا أجرينا مقارنة بين هذا المجلس وسابقيه، فسنجد أنه الأفضل، والغريب أننا لم نسمع أحداً ينتقد أو يهاجم البرلمان أيام النظام السابق، رغم كل المخالفات التى كان يرتكبها.
■ لكن ما سبب هجوم المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، المستمر على «البرلمان»؟
- «الزند» ليس من حقه الهجوم على البرلمان، أو دعوة القضاة لعدم تنفيذ القوانين التى يشرعها المجلس، ولا أعرف كيف يمهل «الزند» رئيس الجمهورية 36 ساعة للتراجع عن قراره.
■ ما خطة الحزب فى دعم خطة الـ100 يوم لرئيس الدولة؟
- سنساعده بكل قوتنا، ولن نتأخر فى مساندته ليس من أجل «مرسى»، لكن من أجل مصر.
■ هل سيخوض «النور» انتخابات مجلس الشعب المقبلة بقوائمه السابقة نفسها؟
- بالتأكيد.. سيتم تقييم أداء كل نائب وسيتم الدفع بالنائب الناجح مرة أخرى، وسوف نستبعد الذى ثبت عدم كفاءته.
■ ما ردك حول ما يقال إن شعبية السلفيين تأثرت بواقعتى أنور البلكيمى وعلى ونيس؟
- غير صحيح، فلا تزال الجماهير تثق بالسلفيين، رغم المواقف السلبية التى تعرض لها الحزب فى واقعتى «البلكيمى» و«ونيس»، فالعكس كان قرار الحزب فى كلا الموقفين جيداً، وأعجب الكثيرين فصل الحزب للنائب السابق «البلكيمى»، وإسقاط العضوية فى انتظار النائب الذى يثبت تورطه فى ارتكاب أى جريمة.
■ لكن الشعب يريد من نوابه الابتعاد عن الأخطاء بقدر الإمكان.
- السلفيون جزء من المجتمع، فهم غير معصومين من الخطأ، فنحن نخطأ لأننا بشر، فالأنبياء فقط هم المعصومون من ارتكاب الجرائم والخطئ، كما يجب أن يحاسب المخطئ فقط عن جريمته، ولا يجب ذبح تيار بالكامل بمجرد وقوع أحد أعضائه فى خطأ، إلا أن الإعلام يركز بقوة على أداء السلفيين دون غيرهم.
■ منذ دخول السلفيين السياسة وهم يخوضون صراعات مع الإعلام.. فما السبب؟
- السلفيون لا يسعون إلى خلق صراعات مع الآخرين، نحاول إعطاء الإعلام صورة صحيحة للسلفيين، لكننا نفاجأ من وقت إلى آخر بحملة تشويه، والحمد لله جميع محاولتهم لم تنجح.
■ هل ترى أن تعدد الأحزاب السلفية سيضعف من قوة التيار؟
- نعم، لأنه من الأفضل أن تتحد هذه الأحزاب فى كيان واحد، فكلما اتحدوا سيكونون أقوى.