أعوام عديدة مرت ومرت معها عصور وأشخاص مختلفون، تعددت الأحداث والمتغيرات والتيارات، لكن على مدار تلك الأعوام لاتزال بعض الأيام واحدة.
لا يختلف طبق الدنانير الذى كان يوزعه السلطان المملوكى على أتباعه من الجنود والأمراء فى العيد، عن القرش الذى كان يوزعه الأجداد على أحفادهم فى القرن الماضى، عن الأوراق المالية الجديدة التى يوزعها كبار العائلة على الأطفال فى 2012.
«عيدية العيد» استطاعت جميع التيارات السياسية، أن تذكر أنه لاتزال هناك أمور مشتركة بينهم حتى وإن اختلفت أفكارهم، الشىء الوحيد الذى يختلف هو قدر هذه العيدية.
خمسة قروش هى أول عيدية تلقاها الدكتور محمد أبوالغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطى الاجتماعى، من جده في الأربعينيات من القرن الماضي ليردها إلى أولاده 5 جنيهات في السبعينيات من نفس القرن.
مبلغ الخمسة قروش أيضا كان أول عيدية تلقاها عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، في أواخر الستينيات، والخمسة جنيهات أيضا كانت أول عدية أعطاها لأولاد إخوته الذين سبقوه فى الزواج، لكن مجىء أبنائه فى الثمانينيات جعل «عيديتهم» ترتفع إلى 20 جنيها للتواكب مع الحالة الاقتصادية للعصر.
الخمسة قروش التي تلقاها «سلطان» و«أبو الغار» هي نفسها التي حصل عليها أبو العز الحريري في الخمسينيات، على اختلاف انتماءاتهم السياسية.
في الأربعينيات من القرن الماضي، أخذ الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازي نصف فرنك من جده كعيدية، وفي الستينيات أعطى لابنته «مها» 5 قروش عيدية، ليرتفع المبلغ إلى 10 فرنكات لأبنائه الذين تلوا مها وولدوا فى باريس.
الوحيد الذى لم يبدأ بخمسة صاغ، هو الدكتور عمرو حمزاوى لأن مولده كان في أواخر الستينيات، ووفقا لتسعيرة العيدية في هذا الوقت، فإن أول عيدية حصل عليها حمزاوي كانت 5 جنيهات.
«حمزاوي» الذي كان ينتظر أغنية أم كلثوم «يا ليلة العيد» ليحصل على 5 جنيهات ويصبح سعيدا جدا بها، أصبح يعطى ابنيه اللذين لا تتجاوز سنهما 9 سنوات 100 جنيه كحد أدنى لعيدية الألفية الثالثة.
ذكريات العيد والعيدية التى استرجعها السياسيون والروائيون الذين تحدثت معهم «المصري اليوم»، لم يستطع أن يتذكرها الشاعر عبدالرحمن الأبنودي والكاتب يوسف القعيد، لأن الأحداث الحالية تجعلهما لا يتذوقان الفرحة ولا يتذكرانها، بحسب تعبيرهما.