تواصل القتال، الجمعة، في المدن الرئيسية السورية، وأسفر عن سقوط العديد من القتلى، وذلك بعد يوم من إنهاء الأمم المتحدة رسميا مهمة بعثة المراقبين الدوليين فى البلد الذى يشهد انتفاضة على نظام بشار الأسد منذ مارس 2011.
وتجددت الاشتباكات فى أحياء فى جنوب وغرب دمشق بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، فيما يستمر القتال للأسبوع الثالث على التوالى فى مدينة حلب، وواصلت الأسلحة الثقيلة والمدفعية والطائرات التابعة لقوات الأسد قصفها على أغلب المدن التى تشهد انتفاضة ضد النظام السورى، وذلك بعد يوم دام أسفر عن مقتل أكثر من 270 شخصاً.
وهزت الانفجارات العاصمة دمشق وأعقبتها اشتباكات بالقرب من المطار العسكرى بين قوات الرئيس بشار الأسد والثوار الذين يقاتلون من أجل الإطاحة به. وقال أحد قياديى الجيش الحر إن «القوات النظامية تستخدم قذائف من العيار الثقيل فى حلب حيث تسقط مبنى من 6 طوابق بقذيفة واحدة وتسويه بالأرض». وأعلن اتحاد الثورة السورية العثور على 60 جثة مجهولة الهوية بمدينة قطنا بريف دمشق. وتأتى الزيادة فى أعمال العنف بعد ساعات من قرار مجلس الأمن الدولى بعدم تمديد بعثة مراقبى الأمم المتحدة فى سورية «يونسميس».
وجرى إرسال المراقبين إلى سوريا فى إبريل الماضى لمراقبة وقف إطلاق نار لم يتم الالتزام به مطلقا. وقال دبلوماسيون غربيون إن وزير الخارجية الجزائرى الأسبق الأخضر الإبراهيمى وافق من حيث المبدأ على أن يصبح المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى سوريا، بعد انتهاء مهمة المبعوث السابق كوفى أنان.
وفى ظل تصاعد وتيرة العنف خرج المتظاهرون فى مدن الانتفاضة استجابة لدعوات المعارضة بالخروج بكثافة فى مسيرات الجمعة تحت شعار «بوحدة جيشنا الحر، يتحقق النصر».
يأتى ذلك فى ظل توافد مقاتلين أجانب من جنسيات أوروبية وعربية على القتال فى مدينة حلب العاصمة الاقتصادية وثانى أكبر المدن السورية. وفيما أجرت صحف بريطانية مقابلات مع مقاتلين بريطانيين من أصول عربية وبعضهم من أصول أوروبية من الذين أسلموا حديثا ويطلقون على أنفسهم «مجاهدين» يقاتلون فى صفوف المعارضة السورية، قال مقاتل أيرلندى من أصل ليبى إن مقاتلين متمرسين شاركوا فى الحرب الأهلية التى شهدتها ليبيا العام الماضى جاءوا إلى الجبهة السورية ليدربوا وينظموا مقاتلى المعارضة السورية وسط ظروف أشد قسوة بكثير من المعركة التى دارت ضد العقيد الليبى الراحل معمر القذافى.
وجاءت التطورات على الصعيد الميدانى فيما أكدت مصادر فى المعارضة لقناة العربية أن الجيش السورى الحرّ الذراع العسكرية للمعارضة السورية، تلقى 14 قاعدة صاروخ أرض جو من نوع «ستنجر»، لكنه لم يستعملها بعد. وكانت تلك الصواريخ أرسلتها واشنطن إلى المجاهدين الأفغان خلال حربهم مع الاتحاد السوفيتى السابق فى ثمانينات القرن الماضى وأدت لهزيمة الروس وانسحابهم. ويعتبر تسليم «ستنجر» للمعارضة خطوة كبيرة ميدانياً وسياسياً من قبل الدول الداعمة لها، ويرجح أن تكون وصلت بمعرفة تركيا والسعودية بحسب مراقبين.
ومن سوريا إلى واشنطن حيث قال مسؤولون ودبلوماسيون أمريكيون إن بلادهم وحلفاءها يناقشون أسوأ السيناريوهات المحتملة التى قد تتطلب نشر عشرات الآلاف من القوات البرية فى سوريا لتأمين مواقع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية بعد سقوط بشار الأسد. وتفترض هذه المناقشات السرية أن تتفكك كل القوات الأمنية الموالية للأسد لتترك وراءها مواقع الأسلحة الكيماوية والبيولوجية فى سوريا عرضة للنهب. كما يفترض السيناريو أيضا ألا يمكن تأمين هذه المواقع أو أن يجرى تدميرها بضربات جوية فقط بالنظر إلى المخاطر الصحية والبيئية.