قال عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة «القدس العربي»، إنه «من كان يتصور أن (أبو هول) المؤسسة العسكرية المصرية، سيهبط من عليائه بجرة قلم، ويتحول إلى مستشار تحت مظلة رئيس مصري، كان حتى ثلاثة أشهر شخصاً مغموراً».
وأضاف «عطوان» في مقاله، الاثنين، معلقاً على قرارات الرئيس محمد مرسي، الذي أحال عددًا من قيادات المجلس العسكري للتقاعد، مع إلغاء الإعلان الدستوري المكمل، أنه «في غمضة عين، وبعد سلسلة مراسيم جمهورية مزلزلة، اتسمت بالشجاعة والجرأة، انقلبت كل الأمور في مصر».
وأشار «عطوان» إلى أن مرسي «تحول من رئيس ضعيف تتطاول عليه بعض الأقلام في الصحافة ومحطات التلفزة المملوكة لمافيا رجال أعمال حكم مبارك، إلى الرجل القوي الذي (ينظف) المؤسسة العسكرية من كل رموز العهد الماضي، ويستعيد كل صلاحياته كرئيس للدولة، بما في ذلك قرار إعلان الحرب الذي سلبه منه المجلس العسكري»، في إشارة إلى إصدار إعلان دستوري مكمل، واصفاً إياه بـ«بدعة» الهدف منها اجهاض الثورة المصرية والتأسيس لدولة عسكرية.
وتحت عنوان «انقلاب مرسي الناعم جدا»، كتب «عطوان» أن «نبوءة اللواء عمر سليمان بانقلاب عسكري في حال وصول الإسلاميين إلى السلطة لم تصدق، بل جرى عكسها، فمن قام بالانقلاب على حكم العسكر هو رئيس مدني منتخب، يملك سلطة ناعمة، سلطة صناديق الاقتراع، والدعم الشعبي الراسخ».
وتابع: «كثيرون داخل مصر وخارجها اعتقدوا أن الرئيس مرسي لن يجرؤ على تحدي المجلس العسكري الأعلى الحاكم، وسيظل يعيش في ظل المشير حسين طنطاوي لأعوام قادمة، وكم كانوا مخطئين، وكم كانت قراراتهم مغلوطة، وتقويماتهم في غير محلها، مثلما شاهدنا».
واستطرد «عطوان» كاتباً: «قالوا إن مصر دولة برأسين، رأس قوي بأكتاف تزينها النياشين والرتب العسكرية، ورأس صغير يطل على استحياء، ويتحسس طريقه طلبا للرضا والستر، لنصحو ونجد، وفي لحظة، أن الرأس الصغير قطع الكبير من جذوره، واتخذ قرارات حاسمة وحازمة، بإنهاء هيمنة العسكر على الحكم وإعادتهم إلى ثكناتهم ودورهم الطبيعي المنوط بهم، وهو الدفاع عن الدولة وحدودها».
واعتبر «عطوان» أن «الرئيس مرسي أعاد للمؤسسة العسكرية المصرية شخصيتها وهيبتها واحترامها، وطهّرها ممن أرادوا أن يجعلوا منها حارساً لنظام الفساد، وامتدادا له»، مضيفاً: «المشير طنطاوي ومجلسه العسكري ارتكبوا أخطاءً كارثية لا تليق بهيبة الجيش المصري وتاريخه».
وتطرق «عطوان» بقوله: «الفضل كل الفضل يعود إلى تلك الكارثة التي تجسدت في استشهاد 16 جنديا مصريًا قرب معبر رفح الحدودي، ويمكن التأريخ لها بأنها نقطة تحول رئيسية في تاريخ مصر، وربما المنطقة العربية بأسرها»، مشيراً إلى أن الرئيس مرسي «انطلق من نقطة الضعف هذه ليحولها إلى ورقة قوة لصالح مصر،عندما دفع بالدبابات والطائرات المروحية إلى سيناء وبأعداد كبيرة دون الحصول على إذن إسرائيل، وحتى لو جاء هذا الإذن فإنه كان حتميا، لأن طلب مصر الثورة لا يردّ».
ويضيف «عطوان»: «إسرائيل لن تتعامل بفوقية مع الجانب المصري مثلما كانت تفعل في السابق، والإدارة الأمريكية لن تستطيع تركيع الشعب المصري من خلال مساعدات مالية مهينة»، معتبراً أنه «اليوم نستطيع أن نقول إن الثورة المصرية اكتملت، أو بالأحرى وضعت أقدامها على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها».
واختتم«عطوان» مقاله كاتباً: «مصر تريد رئيسا وقادة عسكريين لا يخافون الموت، ويبدو أن أمنيتها بدأت تتحقق».