أكد خبراء سياسيون وإعلاميون أن «هجوم سيناء» الذي وقع مساء الأحد الماضي، وكان تدفق المعلومات من الجانب الإسرائيلي حوله أكبر من نظيره في الجانب المصري، أظهر حاجة الإعلام المصري إلى تغيير آلياته، مشددين لـ«بوابة المصري اليوم» على أهمية تطوير طبيعة عمل المتحدثين الإعلاميين وكذلك الاستعانة بـ«الإعلام الجديد»، وإصدار قانون يتيح تداول المعلومات.
حضر «أدرعي» وغاب المصريون:
أن يصبح أفخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي، محورًا لحديث وسائل الإعلام والعشرات من مرتادي «تويتر» على مدار اليومين التاليين لـ«هجوم سيناء»، فلهذا الأمر تفسير.
فعقب وقوع الحادث بقليل، بدأ «أدرعي» بث معلومات عنه عبر حسابه بموقع التغريدات القصيرة «تويتر»، والتي بدأها بتدوينة تحت عنوان «عاجل» تفيد بأن منفذي الهجوم «يحاولون اقتحام الحدود الاسرائيلية» وهي التدوينة التي أتبعها بأخرى دارت جميعها حول الحادث وملابساته ودوافعه من واقع التحقيقات الأولية.
كما قام أيضا بنشر أولى صور المدرعة وكذلك الفيديوهات المتعلقة بتعامل الجيش الإسرائيلي مع المهاجمين، وهو ما قد يكون أحد أسباب سعي قنوات إخبارية دولية مثل «فرانسا 24، وبي بي سي العربية» للاستعانة به للتعليق على الحادث.
لم يكن «أدرعي» وحده هو مصدر المعلومات، بل انطبق الأمر عينه على مواطنه «أوفير جندلمان»، المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية للإعلام العربي، الذي كشف في تغريداته عبر «تويتر» عن عدد منفذي الهجوم، وكيفية التعامل الإسرائيلي معهم، إضافة لنقله تعليقات فورية عن رئيس الحكومة الإسرائيلية وصورة للأخير وهو يتفقد المدرعة التي تم تدميرها.
وفيما قد يفسره البعض استغلالا دعائيا للتعامل مع الحادث، قام «جندلمان» عقب يومين من الهجمات بنشر رابط لموقع جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» باللغة العربية «يحتوي على معلومات عن الإرهاب ضد إسرائيل، وعن أنشطة الجهاز» حسبما كتبه على «تويتر».
أما الإعلام الإسرائيلي فقد نشط في نقل كثير من ملابسات وتفاصيل الحادث، حسب «جندلمان»، كما قام موقع «والا» الإسرائيلي، بنشر رسمًا توضيحيًا للعملية الإرهابية وكيفية إحباطها في ضوء المعلومات التي تحصل عليها.
على الجانب الآخر، بدا الطرف المصري متأخرا في الإفصاح عن المعلومات أو الملابسات المتعلقة بالحادث، وفيما كانت تصريحات الدكتور هشام قنديل، تؤكد «عدم وجود معلومات أكيدة حول العملية الإرهابية» جائت تصريحات اللواء مراد موافي، لتقول بأن جهاز المخابرات الذي كان يترأسه «كانت لديه معلومات وأبلغها للمسؤولين».
عشوائية وتخبط
يرى الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن «العشوائية وصلت حتى للأجهزة الحساسة كما بدا في تصريحات رئيس المخابرات السابق عن إبلاغ الجهاز بمعلومات عن الحادث لصانع القرار، وهو ما نفاه مسئولين آخرين، مما يظهر أن هناك تخبط حتى لدى المسؤولين وليس الإعلام فقط».
وأضاف «سلامة»: «على الجانب الآخر، قيام إسرائيل بالتعامل السياسي والإعلامي مع حدث وقع في مصر، بقدر عال من المعلومات، أظهر أنها تعمل بمنطق مؤسسي وتنظيمي متميز بدءً من لحظة وقوع الحدث، مما أعطاهم الثقة في الحديث للإعلام بمعلومات واضحة على العكس من الوضع لدينا».
فشل إعلامي وإداري
من جانبها، اعتبرت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، ما حدث «يعكس قصورا إعلاميا لدينا مع عدم القدرة على السرعة في تغطية الأحداث، وهو جزء صغير من فشل أكبر في إدارة الأزمة الأخيرة بوجه عام، نم عنها كذلك تصريحات القيادات».
وأضافت «عبد المجيد»: «علينا الاعتراف بفشلنا، والذي يلام فيه طرفين، وهما المسؤولان لعدم إمدادهم الإعلام بالمعلومات ليقوم بدوره، وكذلك عدم تحرك الإعلاميين سريعا لموقع الحدث، مما جعل إسرائيل تسجل علينا موقفا».
اتفق معها دكتور صفوت العالم، أستاذ الرأي العام بجامعة القاهرة، معتبرًا «الحصول على المعلومات والأخبار من مصادر خارجية، هو قضية عانينا منها مرارًا وتكرارًا» مضيفا: «إن المعرفة حق أصيل للرأي العام لابد أن يتوافر، خاصة فيما يتعلق بالمناطق الحدودية لما لها من تأثير وخطورة على الأمن القومي».
وأكد «العالم»: «إن نقل الإعلام الإسرائيلي للحدث ومعرفة أخر تطوراته عبر مسؤولين إسرائيليين، أظهر عدم الترابط بين أجهزة دولتنا، وهو الأمر الذي يصب بالضرورة في صالح إسرائيل، التي تستفتيد من حالة الغموض والتخبط هذه، لتظهر بصورة متفوقة، وأنها وحدها لديها الخبر اليقين في شأن مصري».
الحرفية وتداول المعلومات:
«الحرب الحالية معلوماتية بالقدر الأول، والذي يعلي فيها شأن طرف على نظيره هو المعلومات، مما يستلزم تقدير قيمتها ومد كل الأجهزة بها سواء السياسية أو الإعلامية» هكذا يرى الدكتور جمال سلامة.
أما الدكتور صفوت العالم، فيوصي بضرورة الإسراع في إصدار قانون تداول المعلومات «ليتيح لوسائل الإعلام حرية أكبر، حيث أثبت الحادث الأخير أن أليات ومنظومة العمل الإعلامي تحتاج للتعديل» منوهًا بأننا «نحتاج سياسة إعلامية تتجاوز التخبط والتباطؤ الذي رأيناه في حدث كبير كان يتطلب نقله سرعة وحرفية بعيدا عن التقيد بمحاذير».
كما شدد على ضرورة تحلى المتحدثين الرسميين في مصر بأدوار وآليات تتناسب والعصر الحالي «بحيث يكون مستعدا طوال الوقت للرد على التساؤلات وتوضيح المواقف عبر معلومات فنية مؤكدة»، منوهًا بأهمية قيام «الهيئة العامة للاستعلامات» بدور فعال يكثف التواجد المصري ليس في الإعلام التقليدي فقط بل الإعلام الجديد مثل «فيس بوك» و«تويتر» لمجاراة الدول الأخرى.
فيما طالبت الدكتورة ليلى عبد المجيد، بسرعة التغطية للأحداث الطارئة وقضايا الأمن القومي «على أن يتحلى الإعلاميون بالوعي الكافي لمعرفة ما ينشر من عدمه في تلك القضايا»، مشددة على ضرورة أن «يسهل المسؤولون التغطية. وأن يصبح المتحدث الإعلامي مؤهلا لمساعدة الإعلام وليس مجرد قارئ بيانات».