عاد الجدل على الساحة الإسرائيلية حول قانون «تال»، الذي يعفي المتدينين اليهود ممن يدرسون التوراة في المعاهد الدينية من الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي لمدة 5 سنوات. هذا القانون صادق عليه الكنيست عام 2002، وتم تمديد العمل به مرة أخرى في يوليو 2007، إلى أن تقرر مؤخرا انتهاء العمل به، اعتبارا من شهر يوليو القادم.
وفي محاولة لتجاوز تأثير قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بوقف العمل بقانون «تال» على الائتلاف الحكومي الذي يقوده، والذي يضم 66 مقعداً في الكنيست من أصل 120، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جلسة محادثات مطولة مع وزير داخليته، إيلي يشاي، المنتمي لحزب شاس، ذا الاتجاه الديني، والذي يعارض إلغاء القانون.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن يشاي بعد المقابلة قوله: «الحكومة ستضغط من أجل تمديد فترة قانون تال حتى سن قانون آخر ينظم موقف طلاب المعاهد الدينية بالتعاون بين وزارات الدفاع والعدل والمالية». وأضاف أن عدم تجنيد المتدينين يرجع «لاعتبارات لها علاقة بالميزانية، قانون تال سيمدد لمدة سنة على الأقل».
ووصفت مصادر قضائية تصريحات يشاي بأنها «لا معنى لها» و«غير صحيحة»، وبحسب الصحيفة، فإن «قرار المحكمة العليا ملزم ولا توجد فرصة للحكومة بعدم الالتزام به وتمديد العمل بقانون تال».
وفيما يحاول نتنياهو استرضاء الأحزاب الدينية المتحالفة معه في الائتلاف الحكومي، والمتمسكة بالقانون، وعلى رأسها «شاس» (11 مقعدا)، «يهودوت هتوراة» (5 مقاعد)، البيت اليهودي (3 مقاعد)، أعلن حزب «يسرائيل بيتنا» (15 مقعدا) الحليف الأكبر لنتنياهو، بعد انشقاق «العمل» وانسحابه من الائتلاف الحاكم رفضه للقانون، وقال زعيمه ووزير الخارجية، أفيجدور ليبرمان، إن المحكمة العليا أيدت موقف حزبه.
كما أكد إيهود باراك، وزير الدفاع الإسرائيلي وقائد كتلة «الاستقلال» في الكنيست (5 مقاعد) تأييده لقرار المحكمة العليا، وقال: «لا يمكن أن نستمر في هذا الوضع، فالمجتمع الإسرائيلي لن يتحمل عدم المساواة في الواجبات أكثر من ذلك».
ويمثل الأصوليون اليهود (الحريديم) في إسرائيل حوالي 10% من نسبة السكان، ويعكفون على دراسة التوراة وتعاليمها، ويمثلون جمهوراً كبيراً للأحزاب الدينية التي تبذل كل جهدها للحصول على دعم مالي من الحكومة للمعاهد الدينية اليهودية التي يدرسون بها، ويضغطون من أجل إعفائهم من الخدمة العسكرية، مقابل الحصول على أصواتهم.
وزاد عدد الشباب الإسرائيلي الذين تقدموا للدراسة في المعاهد الدينية في عام 2002 بعد سن قانون «تال» إلى 36.887، بعد أن كانوا 30.174 في عام 1999، وفي 2010 وصل عددهم إلى 68.877، ما جعل العلمانيين الإسرائيليين يؤكدون أن عددا من الشباب الإسرائيلي يلجأ لهذه المعاهد للتهرب من الخدمة العسكرية.
وتتخوف الأحزاب الدينية في إسرائيل من أن عدم إعفاء طلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية قد يؤدي إلى عدم إقبال الشباب الإسرائيلي على هذه المعاهد، الأمر الذي يقلل من نسبة جماهيرهم في الشارع الإسرائيلي.
ونقلت «يديعوت» عن قائد حزب «شاس الديني» إيلي يشاي قوله: «للأسف الشديد، المتدينون أصبحوا ضحية للسياسيين الذين يخوضون الانتخابات التمهيدية، وأيضاً لهؤلاء الذين يقيمون أحزابا جديدة».
وأكد باراك، الذي يعمل لإقامة حزب جديد باسم «الاستقلال» بعد انشقاقه عن حزب العمل، ضرورة سن قانون جديد، مقترحاً إلزام طلاب المعاهد الدينية بالخدمة المدنية لمدة سنة، فيما ستتقدم رئيسة حزب كاديما المعارض (28 مقعدا)، والتي تخوض الانتخابات التمهيدية لحزبها الشهر المقبل، تسيفي ليفني، وزعيم «يسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان، بمشروع قانون للكنيست الإسرائيلي يفرض التجنيد الإجباري على طلاب المعاهد الدينية في إسرائيل، مثلهم مثل بقية الشباب الإسرائيلي.
انتقال المعركة حول قانون «تال» من ساحة «العليا الإسرائيلية» إلى ساحة الكنيست، قد تكون بداية الطريق نحو انتخابات مبكرة في إسرائيل، حيث أكد قائد الائتلاف الحكومي وزعيم حزب الليكود (27 مقعدا) إنه سيدعم مشروع قانون «متوازن» في الكنيست بديلاً عن قانون «تال»، فيما أكد إيلي يشاي، الذي يتزعم المعسكر الديني، أنه سيقدم مشروع قانون آخر يقدم فيه بعض التنازلات، وذلك في مقابل مشروع قانون «يسرائيل بيتنا»، و«كاديما».