المغالاة فى إثبات «الهولوكوست» أو إنكارها طرفا نقيض تأرجحت بينهما غالبية الكتابات المتعرضة لتلك الجريمة، التى ابتلى بها النظامُ النازى العالمَ بأكمله، فبدلا من أن ينسى اليهود جروح «المحرقة»، استعذبوا تحويلها إلى «عاهة مستديمة» يتاجرون بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، فى حين جنح آخرون إلى إنكار وقوع أى عمليات تعذيب أساسا ضد يهود ألمانيا، بل ذهب بعضهم إلى اعتبار أن «اليهود» يستحقون ما جرى لهم- إن جرى، بما أساء لهم، وللإسلام وللقضايا العربية برمتها.
تلك الآراء على تناقضها لا تنفى حقيقة أن إسرائيل، التى تأسست على رماد «الملايين» من ضحايا الهولوكوست، وأضعافهم من فلسطينيى 48، 67،..2008... إلخ، أعادت إنتاج تلك التراجيديا بحرفية تحسد عليها، بل وأثناء عروضها المستمرة، نجحت فى اقتلاع قرار من الأمم المتحدة باعتبار 27 يناير، الذى تم فيه تحرير معسكر «أوتشفيتز» النازى عام 1945، يوما عالميا لإحياء ذكرى المحرقة.
من ثم، تحول «إنكار الهولوكوست» و«معاداة السامية» من تهم تلاك ليل نهار إلى ابتزاز مدروس لكل منتقدى إسرائيل، بيد أن الألمان، بعقدة ذنبهم الأزلية، كانوا الأوفر حظا من تبعات ذلك الابتزاز السياسى إذ تبدو العلاقات الألمانية-الإسرائيلية القائمة اليوم على تعويض أحفاد الناجين كالزواج الكاثوليكى المقدس.