«أفضل حاجة فى رمضان زحمته.. وأنك تشتغل طول الوقت وسط ناس كتير، مبسوطين، وخارجين من بيوتهم مع ولادهم عشان يغيروا جو، واختاروا إنهم يفطروا فى وسط البلد بدل ما يفطروا فى بيوتهم».
هكذا قال إسلام جمال الدين أحمد، شيف بمطعم وجبات سريعة فى وسط القاهرة. إسلام لم يتجاوز عمره 20 عاما، لكنه خرج للعمل منذ أن كان عمره 15 عاما، كان إسلام يقف ممارسا عمله على ماكينة الشاورمة عندما تحدثنا معه، ووسط انشغاله قال «المفروض أننا محل وجبات سريعة، لكن فى رمضان بنحط ترابيزات على الرصيف قدام المحل وبنقدم وجبات، ناس كتير بتحب تفطر هنا، عائلات بتيجى مع أولادهم، والمخطوبين من الشباب والفتيات، ومجموعات من الأصحاب اختاروا أن يفطروا يوما خارج بيوتهم، قبل أن يؤذن المغرب بحوالى ساعة إلا الربع، يصبح المكان ممتلئا تماما، يعلو الصخب والضجيج، وبمجرد رفع الأذان ومع قول (الله أكبر) يصمت الجميع وكأن لا أحد هنا، خلال هذه الأثناء لابد أن يكون وصل على كل منضدة الوجبة التى اختارتها، وبمجرد الانتهاء من الأذان يجب أن يكون الإفطار أمام الجميع، اللحظات دى بتبقى عز شغلنا، وأكثر أوقات انشغالنا فى اليوم، لكنها الأكثر متعة..لأنى ببقى مفطرتش، ومكسرتش صيامى غير بشوية ميا، وببقى مسؤول إنى أجرى هنا وهنا عشان أفطر الناس دى كلها، ويبقى فى لحظة الأذان كل واحد قدامه وجبته اللى طلبها».
يقص إسلام عن يومه فى رمضان قائلا «يوم الشغل بيبدأ من الساعة 12 الظهر، أظل واقفا على ماكينة الشاورمة لغاية قرب آذان العصر، ودى أصعب فترة فى اليوم، لأن الماكينة بتطلع سخونة بشعة، ومع الحر ده بيبقى الواحد مش طايق جلده، بمجرد أذان العصر، بنبدأ فى وضع الترابيزات وتنظيمها، وقبل أذان المغرب بعشر دقائق نبدأ فى تنزيل الوجبات على الترابيزات، ومع انتهاء الأذان لازم نكون خلصنا الشغلانة دى خالص وكل اللى طلب شىء وصل له، وخلال فطار الناس بنفضل واقفين بين الترابيزات، ربما يطلب أحدهم شيئا. وبعد الانتهاء من الإفطار، نجمع الأطباق الفارغة والمناضد، لينتهى اليوم فى التاسعة ليلا، بعدها نقدر نفطر إحنا بقى. الضجيج بوسط البلد فى ليالى رمضان لا ينتهى، الناس بتفضل موجودة طول الليل. يهدأ الجو قليلا أثناء صلاة التراويح، لكن بمجرد انتهائها يعود الصخب من جديد».
مرتب إسلام 500 جنيه يقول: «لا يكفينى بالطبع لنفقاتى اليومية، لا أتحدث عن ادخار أو تكلفة مشروع زواج، لكنى مستمتع بالشغل هنا لأقصى درجة. يوم الشغل فى رمضان طويل ومتعب وكله ضغط، لكنه ممتع وونس، طول الوقت حواليك ناس عايزين يبقوا مبسوطين».
ترك إسلام قريته بالشرقية وعمره 15 عاما، باحثا عن فرصة عمل، وبعد حصوله على دبلوم التجارة، ذهب لشرم الشيخ ليعمل بائعا فى سوبر ماركت «فضلت شغال هناك سنتين ولا تلاتة، كنت باخد برضه ال500 جنيه، بس سيبتها لأن الشغل هناك حرام! أنا مكنتش ببيع غير السلع العادية، لكن قالوا لى إن الشغل هناك حرام! أنا هناك قدرت أحوش مبلغ، بس صرفته كله لما عرفت إن فلوس الشغلانة دى حرام!»
يختتم إسلام كلامه «جيت القاهرة، قعدت عند ناس قرايبى وبدأت أشتغل شيف، الفلوس قليلة وبتخلص بسرعة، بس أنا مستقر ومبسوط».