اليوم ذكرى ميلاد يوسف شاهين الذى تفتقده السينما فى مصر والعالم العربى والعالم كله، وأفتقده شخصياً كصديق منذ أن التقينا لأول مرة بعد عرض خاص لفيلمه «الأرض» عام 1969، كنت فى يوم عيد ميلاده ألتقى به وأحتفل معه، وأبذل قصارى جهدى طوال العام لأعثر على هدية أقدمها له فى ذلك اليوم من أشكال فنية معدنية أو خشبية لطائر الديك، فقد كان أحب الطيور إليه، ولم يكن من الغريب أن جعله شعار شركته (مصر العالمية)، التى يُديرها من بعده جابى خورى وشقيقته ماريان من أبناء أخته إيزيس وزوجها المنتج والموزع جان خورى - رحمهما الله.
ولا شك أن حب شاهين للديك مستمد من حبه للسينما منذ طفولته، فقد كان الديك ولايزال شعار شركة باتيه الفرنسية التى عشق أفلامها، وظل يحلم فى شبابه بأن تكون له شركته الخاصة ويتخذه شعاراً لها أيضاً، حتى حقق الحلم فى العقود الثلاثة الأخيرة من حياته، وقد كان يوسف شاهين يحب الحياة اللذيذة التى يوفرها المال ولكنه لم يحب المال، ولم يستهدف من إنشاء شركته تحقيق الأرباح، وإنما الحصول على أكبر قدر ممكن من الحرية فى التعبير، ولم يستهدف أن تمنح الشركة هذا القدر من الحرية له وحده، وإنما أيضاً لمخرجين كبار آخرين، وكذلك لتلاميذه ومحبيه من المخرجين.
كان صلاح أبوسيف لا يحب يوسف شاهين، ولكن شاهين كان يجسد قول «المسيح» عليه السلام، «وما الفضل لك إذا أحببت من يُحبك»، وقد شهدت لقاءه مع أبوسيف عند الاتفاق على إنتاج فيلم «السقا مات» مع شركة ساتباك فى تونس، قال له شاهين ما العمل الذى تحلم بإخراجه ولم تتمكن بسبب ظروف السوق أو لأى أسباب. أجاب أبوسيف من دون تردد رواية يوسف السباعى «السقا مات»، وقال شاهين من دون تردد لم أقرأها، ولكنك سوف تخرج «السقا مات»، وبالفعل حقق أبوسيف حلمه، وعرض الفيلم عام 1977.
وعندما عاد توفيق صالح من العراق فى بداية الثمانينيات فتح له يوسف شاهين أبواب مكتبه، وقال له «اعتبره مكتبك والشركة شركتك وقرر ماذا تاريد أن تصنع من أفلام»، وكنت ألتقى مع توفيق صالح على نحو شبه يومى فى مكتب يوسف شاهين لمدة شهور، ولكن المشروع لم يتم، وتطول قائمة التلاميذ والمحبين من الراحل محمد شبل إلى أسماء البكرى ويسرى نصرالله ورضوان الكاشف وخالد يوسف من الذين تخرجوا فى مكتب يوسف شاهين.