x

حراس المحروسة.. ابن الفارض.. سلطان العاشقين يحرس وادى المستضعفين بالمقطم

الخميس 26-07-2012 18:29 | كتب: أحمد الفخراني |
تصوير : اخبار

فى وادى المستضعفين بجبل المقطم، بدأ عمر بن الفارض، أو سلطان العاشقين طريقه إلى الحقيقة، وبه دفن.

هو عمر بن على بن المرشد بن الحموى، سورى الأصل، مصرى المولد والدار والوفاة، ولد بالقاهرة فى 4 ذى القعدة عام 576 هجريا، وفقا لترجمة ابن خلكان فى كتابه «وفيات الأعيان»، وتوفى فى جمادى الأولى سنة 623 هجريا.

والفارض، هو من يقوم بإثبات حقوق النساء على الرجال أمام الحكام، وهى مهنة والده. يقول ابن عماد الحنبلى عن ابن الفارض أنه «نشأ فى كنف أبيه، فى زهد وورع». اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذرى وغيره، ويصفه ابن العماد فى كتابه «شذرات الذهب»: «كان جميلاً حسن الهيئة والملبس، حسن الصحبة والعشرة، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، سلس القياد، سخياً جواداً».

فلما أنس من نفسه ميلا إلى الزهد، وكان يستأذن والده فى الذهاب إلى وادى المستضعفين بالمقطم، ينشغل بتسبيحه فى الخلاء، أو بالمساجد المهجورة والمدافن. يظل لمدة يتعبد، و«لم يأته الفتح»، فيعود إلى أبيه، ثم يعاود. يقول ابن الفارض: دخلت المدرسة السيوفية فوجدت شيخاً يتوضأ وضوء غير مرتب، فقلت له يا شيخ أنت تتوضأ وضوءا خارجا عن الترتيب الشرعى، فنظر إلى وقال: يا عمر أنت ما يفتح عليك بمصر، وإنما بالحجاز فى مكة. تعجب ابن الفارض، ورد عليه: يا سيدى وأين أنا وأين مكة، لا أجد ركباً ولا رفقة فى غير أشهر الحج، فنظر إلى، وأشار بيده، وقال: هذه مكة أمامك، فنظرت فرأيت مكة شرفها الله فتركته وطلبتها، فلم تبرح أمامى، إلى أن دخلتها، وجاءنى الفتح حين دخلتها، وترادف ولم ينقطع.

ظل منشغلاً بالعبادة فى مكة 15 عاماً، وفيها التقى أحد أشهر معاصريه الصوفيين، السهروردى. يشدد مصطفى حلمى فى كتابه «ابن الفارض والحب الإلهى» على أهمية تلك الفترة فى حياته، ليس فقط لما تمتاز به الحياة الصوفية لابن الفارض منذ الفتح والكشف وحسب، وإنما أيضاً لما نظمه فيها من شعر، بمسحة البدوية، وصور حجازية، منه:

أبرق بدا من جانب الغور لامع.. أم ارتفعت عن وجه ليلى البراقع

أنار الغضا ضاءت وسلمى بذى الغضا.. أم ابتسمت عما حكته المدامع

يقول من عايشوا ابن الفارض: كان فى معظم الأوقات ذاهلا عن الدنيا، لا يسمع من يكلمه ولا يراه. وروى سبطه أنه كان يقضى معظم أوقاته شاخص البصر، تارة واقفاً، وتارة قاعداً، وحينا مضطجعاً أو مستلقاً على ظهره مسجياً كالميت، وربما مرت عليه أيام عشرة، لا يأكل، ولا يشرب، ولا ينام، ولا يتكلم، فإذا أفاق أملى على أصحابه، ما فتح الله عليه به من قصيدته «نظم السلوك»، فما بين «جذبة» وأخرى ينتبه ويملى 40 أو 50 بيتا، لا يلبث بعدها أن يدع الإملاء، ليرجع إلى ذهوله.

بعد وفاة شيخه انقطع الكشف، ليقضى السنوات الأربع قبل وفاته فى مصر، متحسراً على سنوات الكشف فى الحجاز. سجل شعره ونظمه، وأقام بقاعة الخطابة بالجامع الأزهر، حيث عكف عليه الأئمة، وقضى إلى زيارته الخاص والعام، حتى وافته المنية.

دُفن سلطان العاشقين بـ«القرافة» عند سفح المقطم، مع شيخه، تحت المسجد المعروف بـ«العارض».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية