أكدت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أنه بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، فشلت معظم أجهزة الدولة في تنفيذ التغيير الثوري بشكل كامل، وتعرضت لتحديات كبيرة، باستثناء جهاز واحد فقط من أجهزة النظام القديم هو الذي نجا من تلك الفوضى، «واحتفظ بسلطاته إن لم يكن قد توسع فيها»، وهو جهاز المخابرات العامة، أقوى أجهزة الدولة المصرية.
وقال تقرير «فورين بوليسي» إنه في الوقت الذي كان فيه قادة المجلس العسكري «يشعلون نيران السخط العام في الأشهر الأخيرة»، كان جهاز المخابرات «هو الجزء الموثوق فيه.. الذي يتصرف في صمت وبعيدا عن الإعلام، على العكس من قادة المجلس العسكري».
وأضاف التقرير أن دور المجلس العسكري سمح للمخابرات بأن تكون «أكثر رسوخا»، كما سمح لرؤساء ذلك الجهاز بأن «يستفيدوا من عدم اليقين الذي يعصف ببقية أجهزة الدولة، وبالتالي أصبح مدير المخابرات، مراد موافي، مستعد لتولي دور رئيسي في المرحلة المقبلة على أعلى المستويات»، على حد قوله.
ووصف التقرير موافي بأنه «ليس سهلا، ولديه ذاكرة جيدة جدا، كما إنه يمتلك فهم ماكر لحقائق السلطة، خاصة مع تدرجه في المناصب لسنوات في الجيش».
وضرب التقرير مثلا بـ «أهمية وتأثير موافي على الساحة السياسية»، مستشهدا باستعانة الجيش به في المؤتمر، الذي أعقب تنكيل المجلس العسكري بالمنظمات الحقوقية، وإرساله مع بعثة رسمية إلى واشنطن العام الماضي. وأضاف أن موافي «انفرد بلقاء خاص تضمن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون»، كما حظي بلقاء وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، بناء على طلب الوزير نفسه، عندما اجتمع مع المسؤولين المصريين في مصر، عقب اجتماعه مباشرة مع المشير حسين طنطاوي.
وأوضح التقرير أن أهم حدث ظهر فيه موافي كان عندما لجأ إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عقب اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، سبتمبر الماضي، بدلا من أن يلجأ إلى طنطاوي أو وزير الخارجية المصري وقتها.
واعتبر التقرير أن جهاز المخابرات المصري «ليس معنيا بالشأن الاستراتيجي الخارجي فقط، وإنما يتدخل في الشأن السياسي الداخلي وكل تفاصيله، خاصة مع وضعه كأهم وكالة أمنية في مصر، كما أن لديه سلطات الاطلاع على ملفات أمن الدولة».
وأضاف أنه «بفضل عقود من التتبع والاستجواب والابتزاز، حصلت المخابرات العامة على نفوذ واسع يمكنها من السيطرة على جيل جديد من السياسيين»، على حد وصف التقرير.
وقال تقرير المجلة إنه بسبب تدخل جهاز المخابرات السابق في الشأن المحلي، كأزمة ملف حوض النيل، استطاع الجهاز أن يعرف الكثير عن معظم الشؤون الاقتصادية لمصر، حتى وصل الأمر ببعض المحللين السياسيين لوصف جهاز المخابرات بأنه «دولة داخل دولة»، لافتين إلى عدم وجود رقابة مالية أو قانونية على العمليات التي تقوم بها المخابرات حتى الآن.