أكد رئيس تحرير مجلة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية آلان جريش، فى مقال له، أنه فى الوقت الذى يتساءل فيه كثيرون عن موعد مهاجمة إسرائيل لإيران، فإن الباحث فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى باتريك كلاوسون أجاب عن هذا التساؤل بأن إسرائيل تهاجم إيران «منذ عامين».
وأوضح «جريش» أنه بجانب حملة الاغتيالات التى أودت بحياة 4 من العلماء الإيرانيين خلال العامين الماضيين، والتى كان آخرها اغتيال العالم مصطفى أحمدى روشان، تعرضت إيران فى الأشهر الأخيرة لتعطيل أجهزة كمبيوتر برنامجها النووى من خلال فيروس «ستاكس نت». وأكد «جريش» أن هذه التصعيدات هى بلا شك من فعل إسرائيل، التى لا تحاول مجرد الإنكار.
واعتبر «جريش» أنه من الصعب استيعاب استراتيجية الرئيس الأمريكى باراك أوباما تجاه إيران، والتى تتسم فى كثير من الأحيان بالتناقضات. وأكد أن الولايات المتحدة دائماً ما تعرب عن تضامنها الكامل مع إسرائيل وتصميمها على منع إيران من امتلاك القنبلة الذرية، ثم يأتى تأجيل المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وإدانة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون اغتيال روشان، فضلاً عن تقديم أجهزة المخابرات الأجنبية (ومنها الأمريكية) معلومات حول تورط الموساد الإسرائيلى فى قتل العلماء الإيرانيين، لتجعل الأمر أقل وضوحاً.
وأخيراً شنت الولايات المتحدة حملة شديدة اللهجة ضد تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، وحشدت حلفاءها، لوقف شراء النفط الإيرانى. وأشار جريش أيضاً إلى تورط الموساد فى انتحال صفة عملاء من جهاز المخابرات الأمريكية، لتجنيد المقاتلين السنة المعارضين للنظام الإيرانى.
وحول تفسير تناقضات الإدارة الأمريكية، أوضح «جريش» أن جارى سيك، المستشار السابق للرئيس الأسبق، جيمى كارتر قدم تفسيرين، حيث اعتبر التفسير الأول هو «عدم الكفاءة»، والثانى هو «اتخاذ خطوات مضللة لبدء حوار مع طهران». وأضاف «سيك» أن تضارب تصريحات وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا هو دليل على ذلك، حيث حذر فى 2 ديسمبر الماضى من عواقب كارثية من الحرب ضد إيران، وبعد بضعة أيام صرح لشبكة «سى. بى. إس» الأمريكية بأن إيران قد تمتلك قنبلة ذرية خلال عام، وأخيراً نفى فى 8 يناير الماضى أن تكون إيران تريد صنع قنبلة نووية.
وأرجع «سيك» هذا التناقض إلى 3 عوامل، حيث اعتبر الانتخابات الأمريكية هى العامل الأول، خاصة فى ظل تأييد الكونجرس الأمريكى فرض عقوبات على النفط الإيرانى. ومن ناحية أخرى، فإنه بالنظر إلى عواقب الصراع فى منطقة الخليج العربى، فإن العودة إلى طاولة المفاوضات هو الخيار الأنسب لأوباما.
وأخيراً، أشار سيك إلى تطرف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، كونه العامل الثالث، واللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة، ولاسيما فى ضوء الانتخابات الرئاسية، على الرغم من تحفظ البعض على المغامرة عسكرياً. واستخلص «سيك» من هذه الظروف الاستراتيجية الأمريكية، التى تسعى إلى فتح قناة اتصال مع طهران، حيث مارست الولايات المتحدة ضغوطاً على إسرائيل، لمنعها من الدخول فى مغامرة عسكرية ضد إيران. وأوضح «سيك» أن زيارة رئيس البرلمان الإيرانى على لاريجانى لأنقرة فى الأيام القليلة الماضية، وتصريحاته حول استئناف المفاوضات مع الدول الغربية جاءت فى سياق الحوار الذى أطلقه البيت الأبيض.
وأكد «جريش» أن تلك المبادرات لم تحظ برضاء الدول الأوروبية والرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، مما دفع تلك الدول لحث الولايات المتحدة على اتخاذ مواقف أكثر صرامة، بدلاً من تشجيع الحوار ولعب دور الوسيط.