«أي تاريخ هذا الذي يعيد نفسه»؟ بهذا التساؤل استهل المواطن السوري، محمد البرازي، الكردي الحموي (من حماة)، حديثه، مقارنا بين الديكتاتور العراقي صدام حسين، حين قصف مدينة «حلبجة» بالسلاح الكيمياوي، وذهب ضحيته 5000 شهيد، وما قام به الديكتاتور حافظ الأسد، حين ارتكب مجزرة حماة، التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف شهيد.
ويعود البرازي للتسؤال مرة أخرى «ما الذي يفكر فيه الديكتاتور الابن، قتل 5000، أم 40 ألفا، أم إبادة جماعية، لتأديب مدينة قالت بالصوت العالي: يسقط النظام البعثي المجرم وزادت: الشعب يريد إعدام الرئيس».
«أبو طه»، البالغ من العمر 70 عاما، كان شاهد عيان على المجزرتين، القديمة والحديثة. يقول: «ما في أي أمل من هاد النظام لأني قضيت عمري مع كل المجازر يلي ارتكبها. أحيانا بتمنى لو أني ما عشت وشفت تكرار الجريمة من قبل الابن. يلي عمله هاد النظام إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، بس ما حدا عم يصدقنا، يا أخي تعالوا وانبشوا المقابر الجماعية، لأن في أكتر من 10 آلاف، لا والله بحدود 15 ألفا اختفوا، ما بينلون أثر من وقت ما وقعت المجزرة عام 1982، عايشين ميتين ما حدا بيعرف».
السيدة «أم كنان» في الخمسين من عمرها أكدت لـ «المصري اليوم»: «يلي بيقول التاريخ ما عم يعيد نفسه بيكون كذاب، ومنافق متلوا متله النظام المجرم، يلي عم بيصير هلأ ما بيختلف شي عن يلي صار هاداك الوقت، إجو جيوش ومخابرات آل الأسد وقاموا باقتحام البيوت، وقتل كل من فيها. يا عيون أمك أنت صحفي بأول عمرك، دير بالك على حالك، هدول ما عندون لا دين ولا شرف ولا وطن، لهيك لازم تخاف منهم يا عيون أمك. عم بتذكر هاديك الأوقات كان عمري بحدود 20 سنة ما كانوا يوفروا حدا حتى الرضيع كانوا يقتلوه مشان ما يتركلنا أثر، وبخجل قلك شو كانوا يساووا بالنسوان فوق ما كانوا ينهبوا كل شي يعتدوا على عرض العالم وشرفهم».
الشاب أحمد الحموي يقول: «كنت صغيرا وقت ما ارتكبوا المجزرة، بس جدي حكالي. كل شي ساوو هالمجرمين، وأنا هلأ عم بتذكر حكي جدي وأبي، وعم قارنوا بيلي عم يصير هلأ يا سيدي. كل شي قاموا فيه بحي الحميدية وقتها عم بيكرروه، هلا قتل جماعي، وكأنون عم يقتلوا الحيوانات، ويقصفو المدينة بالمدفعية والدبابة، ووين ما أجت تجي جوامع مستشفيات مدارسما بيهم، المهم يقتلوا العالم ويرعبوهون».
الناشطة الحموية «سهى» قالت: «مستحيل تقدر تفهم شو بدو هادا النظام. والله عم يعيد نفس المجازر الحميدية، جنوب الحي البلدي يلي راح فيه لوحده أكتر من 1500 واحد بدم بارد، الجوامع الرئيسية، حي البياض، بالإضافة للعائلات يعني النظام ما خلا ألوا صديق. ما في عائلة حموية وما راح منها بالعشرات ومئات القتلى».
وتضيف سهى قائلة: «في 3/6/2011 أطلق على الثورة اسم «جمعة أطفال الحرية»، راح يوميتها في ساحة العاصي لحالا 174 شهيد، يعني متل ما سواه بزمانو أبو للأفندي (الرئيس بشار الأسد) وقت كان العساكر يقتلوا الولاد قدام امهاتون، أو كانوا بيعرفو أنون جوا البيت، فبيروحوا يفجروا البيت بكل من فيه. أو وقت كانوا يجمعوا النسوان والرجال بالساحات، ويبلشوا يزتوا (يدفعون) الأولاد من برندات (بلكونات) الطوابق العالية عالأرض. يعني عم بقول نظام فظيع لأنو متل ما جاب قناصات بالمجزرة الأولى، هلأ نفس الشي، فالقناص عم يجيب الكل صغير كبير ما عندو، وأحيانا بيضربو الولاد الصغار، قصدا، مشان يخوفوا الكبار».
تؤكد هذه الشهادات، التي جاءت على لسان عواجيز «حماة» أن مجازر اليوم لا تختلف شيئا عن مجازر الأمس. وكما أكد جميع الأهالي، الذين يعتبرون شهود عيان على ما حصل للمدينة، أن المجزرة واحدة والاختلاف الوحيد هو أن القاتل في المرة الأولى كان الأب، أما الآن فالقاتل هو الابن.