في الأسبوع الحالي، سار أكبر زعيمين لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، التي تأسست قبل 25 عاما، ويدعو ميثاقها إلى تدمير دولة إسرائيل وإنشاء فلسطين، في اتجاهين مختلفين تماما، لإجراء محادثات رفيعة المستوى، وبدآ يظهران كخصمين.
اختار خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، التوجه إلى الأردن والتقي بالملك عبد الله الثاني، الذي عقد والده الراحل اتفاقا للسلام مع إسرائيل عام 1994، وسط توقعات بأن ينقل مشعل مقره إلى عمان أو قطر، التي قامت بالتوسط في أول زيارة له للأردن، منذ طرد منها عام 1999.
في المقابل، كثف رئيس وزراء الحكومة المقالة في غزة، إسماعيل هنية، جولاته مؤخرا في مصر وتونس وتركيا والسودان، حاثا السلطة الفلسطينية على وقف محادثات السلام ووقف التعاون الأمني مع إسرائيليين.
ويبدو أن إيران غير راضية عن «حماس»، لأنها لم تساند سوريا، الحليفة العربية الرئيسية لطهران في أزمتها، بل قال مصدر دبلوماسي إن طهران لم تقدم تمويلا لـ «حماس» منذ أغسطس الماضي.
ويعتقد محللون أن مشعل قرر إنهاء ارتباطه الوثيق بسوريا، التي تمر بأزمة الآن، وأن يستمر في مسار المصالحة مع حركة التحرير الفلسطيني «فتح»، التي يتزعمها الرئيس محمود عباس (أبو مان)، وفي تخفيف حدة مواقفه المناهض لعقد سلام مع إسرائيل.
وقال هاني حبيب، المحلل السياسي في غزة، إن «مشعل أظهر درجة عالية من المرونة وهو صادق فيما يتعلق بتحقيق المصالحة، وعبر عن مرونة إزاء تحركات الرئيس عباس السلمية، وهو الشيء الذي لم يلق صدى إيجابيا في صفوف قادة الحركة في غزة».
ومن جانبه، يقول المحلل الإسرائيلي، ماتي ستاينبرج، من جامعة حيفا، إنه من الواضح أن مشعل «يريد دفع المصالحة مع فتح إلى الأمام»، والحديث عن دولة فلسطينية بحدود عام 1967، بدلا من حدود 1948، التي كانت قائمة قبل قيام دولة إسرائيل.
وأضاف ستاينبرج أن مشعل مستعد أيضا لتعليق العمل العسكري ضد إسرائيل، وقبول فكرة عباس عن «المقاومة الشعبية»، من خلال الاحتجاجات الحاشدة غير العنيفة، بينما تصر عناصر بحركة حماس على حق «المقاومة المسلحة».
ويتكهن محللون بأن هدف مشعل ربما يكون إنهاء عزلة حركته وتحويلها إلى شريك أساسي في مفاوضات السلام بالشرق الأوسط، وإذا حدث هذا، فلن يستطيع الغرب ولا إسرائيل تصنيف حماس كتنظيم «إرهابي».
وكان مشعل قد فاجأ «حماس» يناير الماضي، حين أعلن أنه سيتنحى قبل انتخابات داخلية للقيادة من المقرر إجراؤها في مارس المقبل، بعد 14 عاما على رأس الحركة.
لكن كثيرا من المحللين لا يأخذون هذا الأمر على محمل الجد، ويعتقدون أنه يريد أن يترشح مجددا لفترة رابعة، وهو أمر لم يسبق له مثيل، بعد أن يتخلص من معارضي سياساته الجديدة ويهزمهم ويؤكد سيطرته الكاملة ليقود الحركة إلى موقع الصدارة في الأراضي الفلسطينية.
في الاتجاه المعاكس، وبعد أن قام هنية (48 عاما) بزيارة مصر وتونس وتركيا والسودان هذا الشهر، حث عباس على وقف محادثات السلام والتعاون الأمني مع الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة.
ويقول محللون إنه ليس واضحا ما إذا كان هنية الذي قام لتوه بأول جولة خارجية منذ 4 سنوات يعتبر نفسه الخليفة المحتمل لمشعل. ويعتقد البعض داخل «حماس» أنه ليس هناك حاجة إلى تبني موقف أقل حدة مع إسرائيل، لأن صعود الإسلاميين بالمنطقة الآن سيثني إسرائيل عن تكرار الحملة، التي شنتها أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009 لوقف إطلاق الصواريخ من غزة والتي استشهد خلالها 1400 فلسطيني.
إلا أن محللين آخرين يختلفون مع هذا الرأي، إذ يقول أحدهم «جماعة الأخوان المسلمين لا تريد مشاكل مع إسرائيل بسبب غزة في الوقت الذي تعزز فيه سلطتها في مصر وهو أمر سيستغرق سنوات، ومشعل يكيف نفسه مع جماعة الأخوان المسلمين في مصر».
وقال المحلل الفلسطيني، هاني المصري، إن ثقة «حماس» بنفسها تعززت وإنها مقتنعة بأنها قادرة على الفوز بأغلبية في منظمة التحرير الفلسطينية. وأضاف أن العقبة الرئيسية أمامها هي إسرائيل والاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية. وأوضح أن «حماس» في الوقت الحالي ليس لها موقف واضح من الاتفاقات الموقعة والمسؤوليات مع إسرائيل.